على مقربة من الطريق الوطنية رقم واحد الرابطة بين تزنيت وكلميم داخل تراب جماعة آيت بوفلن بإقليم كلميم، تقع مغارة كهف الحمام التي تتحدث روايات شفهية عن اكتشافها من طرف مستغورين إيطاليين، وتعود تسميتها إلى التواجد الكبير لأسراب الحمام بها منذ القدم.
مغارة بأربعة مداخل
تتوفر هذه المغارة، التي تعرف في الأوساط الأمازيغية باسم “إفري نيتبرن”، على أربعة مداخل؛ الرئيسي منها عبارة عن حفرة مملوءة بالنباتات، أما المداخل الأخرى فهي صعبة الولوج بسبب الأحجار المتواجدة بجنباتها، وهي بوابات تبعد الواحدة عن الأخرى بـ 10 إلى 20 مترا على طول يبلغ 100 متر تقريبا.
المدخل الأول لمغارة كهف الحمام يطلق عليه محليا “إفري”، وهو الباب الرئيسي على عمق حوالي 5 أمتار بالطبقة الأولى ويمتد مباشرة إلى وسط المغارة وتغطيه مجموعة من الأحجار الجيرية والكتل الصخرية، وله مواصفات المدخل الرابع المسمى “تفرتيين نيتبرن”. أما المدخل الثاني، فيدعى محليا “بتفرتين”، عمقه يصل إلى حوالي 15 مترا وتسده مجموعة من الأحجار الضخمة، فيما يصل عمق المدخل الثالث المسمى “إزاركن” إلى 7 أمتار، وله امتداد طولي نحو قاع المغارة.
مغاربة وأجانب
المختار شضاف، رئيس جمعية الاستغوار بهضبة الأخصاص، صرح لهسبريس بأن “مغارة كهف الحمام سبق لنا كجمعية القيام بمجموعة من الزيارات إليها، العديد منها كانت رفقة أساتذة باحثين ومختصين في الجيولوجيا ومستغورين أجانب، خصوصا الفرنسيين والإسبان”.
وقال شضاف إن “الدخول إلى المغارة واكتشافها يتطلب على الأقل أربع ساعات، لأن فيها مجموعة من الممرات الطويلة والمناظر التي تدعو زائرها إلى التقاط الصور، فضلا عن كونها تتوفر على صواعد ونوازل مشكلة أساسا من ترسبات مائية وقشرة صخرية كلسية ممتزجة بالماء ودرجة الحرارة التي يوفرها جوف المغارة وتسهل عملية تجانسها”.
وأضاف رئيس جمعية الاستغوار أن “مجمل الأحجار التي توجد بالمغارة تعرضت للكسر بسبب الدخول المستمر إلى المغارة، على اعتبار أن الولوج إليها سهل عبر المدخل الرئيسي، عكس المداخل الأخرى التي تتطلب إمكانيات ومعدات وتقنيات الاستغوار”، مشيرا إلى أن هذا الإتلاف يطرح أهمية الحفاظ على المغارة باعتبارها موروثا طبيعيا ومعلمة أثرية.
وتابع قائلا: “من خلال زياراتنا المتكررة إلى المغارة، استنتجنا أنها نتاج للطبيعة من ترسبات ونحوت، وكذا من عوامل أخرى كالتعرية والانجراف والزحزحة، في حين لم نعثر فيها على أي دليل مادي يفيد ما كان يتداول قديما من كونها اتخذت في مرحلة تاريخية ما مركزا للإعدام وملقى للجثث. أما فيما يخص الحمام، فإننا نصادف أعدادا كثيرة منه في مدخلي المغارة، إذ تتخذها هذه الطيور كعش لها، وهذا ما يجعلها تحمل اسم كهف الحمام”.
وأشار المستغور ذاته إلى أن المغارة المذكورة التي تستقطب بين الفينة والأخرى زيارات من طرف مستغورين مغاربة وأجانب، “تتميز بسهولة الولوج وبأعداد كبيرة؛ بحيث يمكن لأزيد من 100 شخص الدخول إليها، كما أنها تنفرد بمناظر زخرفية للأحجار المترسبة التي تجعل منها موقعا سياحيا متميزا يجمع بين ما هو طبيعي وأثري وتاريخي، خصوصا وأنها تحوي نوازل يحتاج كل واحد منها إلى 80 سنة من التكون، حسب خبرة المختصين في المجال”.
وتابع قائلا: “في نظري، تحتاج المغارة إلى باب وكذلك ممر من الطريق الوطنية رقم 1، إضافة إلى إحداث فضاء للتنزه قريب منها ومكتب للإرشاد. وفي هذا الصدد، أنصح كل من يود الدخول إليها باصطحاب عضو ينتمي الى جمعية الاستغوار بهضبة الأخصاص لأن المغارة كبيرة وفيها متاهات تحتم على زائرها أن يكون عارفا بها بشكل جيد”.
التأهيل السياحي
في حديث له حول مغارة كهف الحمام وسبل تأهيلها لكي تلعب دورها السياحي والإشعاعي، قال عبد اللطيف أكجكال، رئيس جماعة آيت بوفلن، إن مجهودات كبيرة يبذلها المجلس الجماعي قصد تنزيل مشروع لتهيئة المغارة وتحويلها إلى وجهة للسياحة الجبلية بجهة كلميم وادنون.
وأوضح أكجكال، في تصريح لهسبريس، أن جهة كلميم وادنون خصصت غلافا ماليا يناهز ثمانية ملايين درهم لتهيئة مغارة آيت بوفلن وتمكينها من كافة المقومات السياحية التي ستجعلها قبلة مغرية للزوار المغارية والأجانب.
ويهم هذا المشروع الذي تواكب جماعة آيت بوفلن عملية تنزيله، وفق تصريح رئيس الجماعة، التهيئة الخارجية للمغارة وتجهيزها بفضاء تقليدي لاستقبال الزوار ومكتب للإرشادات ومحلات لعرض المنتوجات المحلية ومرافق صحية.
وتعزيزا لمشروع تهيئة كهف الحمام، “تعمل الجماعة جاهدة، بشراكة مع الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، قصد إخراج مشروع آخر يتعلق بمركز للاصطياف بآيت بوفلن، مما سيشكل تكاملا مع ورش المغارة، وبالتالي إعطاء المنطقة مكانتها في السياحة الجبلية التي ستعود عليها بتنمية مستدامة”، يورد عبد اللطيف أكجكال.
وشدد المتحدث ذاته، في ختام تصريحه لهسبريس، على أن المشروعين سالفي الذكر سيحولان آيت بوفلن إلى منطقة جذب سياحي، وسيعودان بالنفع على مداخيلها من جهة، وعلى ساكنتها من جهة أخرى، خصوصا وأنهما سيوفران فرص شغل قارة موازاة مع دينامية اقتصادية هامة.