يبدو أن “كينيث روث”، المدير التنفيذي لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، حتى وهو “منشغل” بحزم حقائبه استعدادا لمغادرة منصبه الذي تبوأه منذ العام 1993 على رأس المنظمة غير الحكومية، لم ينْسَ أن يؤشر على نشر تقرير أو وثيقة حملت عنوانا مُغرقاً في “التحامل والوفاء لنهج استهداف المملكة المغربية وتفرّدها الحقوقي الذي لا تخطئه العين، على الأقل منذ عقديْن ونيف..”.
كما أن روث لم يُغفل أن يبث “سموم التحامل والقذف” ذاته في “تغريدة” على حسابه الرسمي في “تويتر”، أرفقها بإعلان ينتشي فيه بصدور ونشر التقرير حول ما أسمته منظمته “دليلا” يتضمن “قواعد اللعبة لإخفاء القمع المتزايد بالمغرب”، قدمت فيه أمثلة لما تقول إنها “طرُق تنتهجها الدولة في التعامل مع المعارضين في المملكة”.
ويبدو أن المحامي والمدعي العام الفيدرالي السابق لولاية نيويورك بارعٌ في الادعاء والترافع عن قضايا حقوق الإنسان أينما كانت في 90 دولة تنتشر فيها منظمته؛ غيْر أنه لم يجد حرجاً في الاعتراف علانية في “تعريف” (bio) حسابه على “تويتر” بأنه “فخور بـ«عقوبات» تطاله من قبَل الحكومة الصينية”.
وفي وقت تُواصل المنظمة استهداف المغرب عبر تقارير، تعتبرها الحكومة المغربية “مضلّلة” وتنأى عن الدقة العلمية والموضوعية باعتمادها على وجهة نظر “أشخاص”، مُمْعنة في “الإساءة بوضوح إلى المغرب بلغة غير مقبولة وغير حقوقية”؛ حَريٌّ بالسيد كينيث روث، الذي “أجرى تحقيقات عديدة وبعثات بحثية في مجال حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم، وكتب كثيراً عن جملة من قضايا انتهاكات حقوق الإنسان، وكرّس اهتماماً خاصاً لقضايا العدل الدولي ومكافحة الإرهاب والسياسات الخارجية للقوى العالمية الكبرى وأنشطة الأمم المتحدة”، حريٌّ به أن يستقصي ميدانياً وبنفسه.
وإذا كان روث أعلن نيته الاستقالة قائلا: “كان لي شرَفٌ عظيم لقضاء ما يقرب من 30 عامًا في بناء منظمةٍ أصبحت قوة رائدة في الدفاع عن حقوق الناس في جميع أنحاء العالم”؛ فإن التحلي بالموضوعية والدقة والشرف ذاته يقتضي منه عدم تلطيخ سمعته ومساره ويديْه بـ”اتهامات باطلة” ضد المملكة المغربية التي تحصد اعترافا دوليا متزايدا بمجهوداتها نظير النهوض بحقوق الإنسان وثقافتها.
وثيقة هيومن رايتس “لا تعدو أن تكون تجميعاً لجملة من الادعاءات التي ألفت هذه المنظمة استعمالها ضد المغرب”، كما أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة تعمُّدها بـ”تأليب بعض شركاء المملكة المغربية ضدها”، معتبرا أن هذا “النهج العدائي يهدف إلى النيل من المكتسبات الحقوقية لبلادنا”.
ولعل المسيرة المهنية الطويلة للرجل باعتباره محاميا ومدّعيا عاماً فيدراليا في بلد “العم سام” لم تشفع له بعدُ ليستطيع أن يصدر تقريرا موسوما بعنوان “دليل أدوات الموضوعية والدقة العلمية في إجراء أبحاث ميدانية عن حقوق الإنسان.. كيف تتعامل بنزاهة المحامي وإنصاف المدّعي العام؟”.
كان لائقا بشخصية عامة قادَت منظمة حقوقية عالمية طيلة 3 عقود أن تستقر مع “المنعَم عليهم” ضمن عِداد “الطّالعين”؛ لكن “العبرة بالخواتيم” التي هَوَتْ بـ”روث” ضيفاً مُرحَّباً به في بورصة هسبريس للنازلين..