عقدت اللجنة الإقليمية للماء، الإثنين، بمقر عمالة إقليم تنغير، اجتماعا لها، برئاسة حسن الزيتوني، عامل الإقليم، وذلك في إطار تتبع حالة الجفاف والتدابير المتخذة، تحت شعار: “قف.. لا لتبذير الماء .. نعم للاستهلاك المسؤول”، بحضور جميع أعضاء اللجنة ذاتها، ورؤساء الجماعات الترابية.
وشدد عامل الإقليم، في كلمته التوجيهية، على “الوضعية التي تعيشها بلادنا، والمتعلقة بندرة التساقطات المطرية والثلجية خلال هذه السنة”، مؤكدا على “ضرورة ترشيد استعمال الماء وإيلاء الأولوية للماء الصالح للشرب”، وداعيا الجميع إلى “الانخراط الفعال في تنزيل التدابير اللازمة لعقلنة وترشيد استعمال الماء من طرف المواطنين في مختلف المجالات”.
وخلال هذا الاجتماع الهام المخصص لمشاكل ندرة المياه، عرضت وكالتا الحوض المائي لكيرزيز غريس ودرعة واد نون مجموعة من المعطيات التي تشير إلى أن من بين المسببات الرئيسية لأزمة الماء التي تعرفها الجهة عموما والإقليم على وجه الخصوص عوامل مناخية (ضعف التساقطات المطرية والثلجية)، مع الاستغلال المفرط للمياه الجوفية من لدن المواطنين.
وقدم ممثل وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس، خلال مداخلته في الاجتماع ذاته، عرضا هاما حول “الإجهاد المائي: الإجراءات المتخذة لتدبير الندرة بإقليم تنغير”، تطرق خلاله إلى ستة محاور أساسية: “الحالة الهيدرولوجية والوضعية الحالية للموارد المائية، وتطور مستوى الفرشات المائية، والتدابير المتخذة والحلول المقترحة لتأمين التزويد بالماء الصالح للشرب، وتعزيز العرض المائي عبر إنجاز السدود التلية والصغرى، والإجراءات الاستعجالية الواجب اتخاذها، والآفاق المستقبلية”.
وأشار ممثل حوض كير زيز غريس إلى أن انخفاض معدل المساحة المغطاة بالثلوج بشكل كبير على مستوى المملكة، خلال الفترة الممتدة ما بين 2018 و2022، ساهم في الأزمة المائية التي تعرفها معظم مناطق المملكة، موضحا أن القيمة القصوى للثلوج بلغت سنة 2018 مساحة 45 ألف كيلومتر مربع، فيما بلغت سنة 2022 5000 كيلومتر مربع فقط، أي بنسبة عجز بلغت 89 في المائة، ومضيفا أن تساقط الثلوج بالمغرب سجل انخفاضا ملحوظا، إذ بلغ عدد أيام تساقط الثلوج 41 يوما سنة 2018، فيما بلغ عدد الأيام سنة 2021 فقط 14 يوما.
وأوضحت المعطيات التي قدمها المتحدث ذاته أن الفترة الممتدة من فاتح شتنبر 2021 إلى غاية 22 يوليوز 2022 عرفت فيها مستويات الطبقات الجوفية السطحية والعميقة في أحواض كير-زيز-غريس ومعيدر انخفاضا مهما، مضيفا أن “بعض الفرشات المائية سجلت تراجعا ملحوظا يقدر بـ 1.5 أمتار و3 أمتار مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية؛ وفي ما يخص الفرشات العميقة فقد سجلت على العموم استقرارا خلال الفترة سالفة الذكر، مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الهيدرولوجية المنصرمة”.
ويمثل عدد الآبار والأثقاب المائية المستغلة وغير المرخص لها بنفوذ وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس، حسب الجرد الذي قامت بها الوكالة ذاتها، 90 في المائة من الآبار والأثقاب الموجودة، مشيرة إلى أن إقليم تنغير يتوفر على 5922 نقطة مائية محصاة، منها فقط 417 نقطة مرخص لها، و5505 نقاط غير مرخص لها؛ فيما لم تسجل شرطة المياه أي محضر بخصوص هذه النقط غير المرخصة.
في المقابل، كشفت عدد من التدخلات أن المشكل الذي يعرفه القطاع المائي بإقليم تنغير والجهة عموما تجب مواجهته بقرارات صارمة، من قبيل إحداث لجان لمراقبة مدى حفاظ عموم المواطنين على المياه وعدم استغلالها في أغراض غير مشروعة وغير ضرورية، وضرورة تقنين استغلال المياه الجوفية من خلال تجهيز الآبار والأثقاب المرخصة بعدادات، مع إلزامية احترام بنود الترخيص، وإغلاق جميع الآبار والأثقاب غير المرخصة.
توصيات الاجتماع
وفي اختتام الاجتماع ذاته، أصدر اللجنة الإقليمية للماء بتنغير مجموعة من التوصيات، تروم الحد من الضغط على الفرشات المائية، خاصة المياه الجوفية، وترشيد استعمال الماء في جميع المجالات، ومنع استعمال الماء الصالح للشرب في غسل السيارات والشاحنات والآليات وغيرها، مع حث المهنيين على استعمال بدائل وطرق أخرى تساهم في اقتصاد الماء، ومنع سقي الملاعب والمساحات الخضراء العمومية أو الخصوصية بالمياه التقليدية (المياه الصالحة للشرب والسطحية والجوفية)، كما يمنع سقي المساحات الخضراء نهارا.
وجاء في التوصيات أيضا منع ملء المسابح الخاصة والعمومية بالمياه الصالحة للشرب أكثر من مرة واحدة في السنة، مع إلزامية تجهيز هذه المسابح بمنظومات تدوير المياه، ومنع السحب غير القانوني للمياه على مستوى الآبار والوديان وينابيع المياه وشبكات المياه وقنوات الري وشبكات توزيع الماء الصالح للشرب، والإسراع بإصلاح أعطاب الشبكات العمومية والخاصة لتوزيع الماء الصالح للشرب قصد تفادي ضياع هذه المادة الحيوية، وتعليق منح رخص حفر الآبار في مناطق تزود المكتب الوطني للماء والكهرباء – قطاع الماء.
وأوصت اللجنة الإقليمية للماء، خلال هذا الاجتماع المنعقد بمدينة تنغير، بتضافر جهود الفاعلين في قطاع الماء، سواء على مستوى شبكات الإنتاج أو التوزيع، من أجل الحد من التسربات المائية، وكذا تقليص مدة التدخلات المتعلقة بإصلاح هذه الشبكات، والقيام بحملات تحسيسية واسعة النطاق بين المنتخبين ورؤساء المصالح الخارجية ومختلف الفاعلين الاقتصاديين وجمعيات المجتمع المدني، وخاصة القطاعات التي تعرف استهلاكا كبيرا للمياه، كالفلاحة والسياحة والحمامات التقليدية وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.
وقصد اقتصاد استعمال الماء الصالح للشرب وحماية الموارد المائية بهدف تخفيض الاستهلاك، يتعين على كل رؤساء المجالس الترابية بالإقليم ومديري ومندوبة ومناديب الإدارات الإقليمية اللاممركزة للدولة، ومديري المؤسسات العمومية، أن يقوموا بتدقيق استهلاك الماء، مع العمل على وضع برنامج عمل وتركيب التجهيزات الضرورية قصد ترشيد الاستعمال والخفض من حجم الاستهلاك؛ وذلك بتنسيق مع مصالح الوكالة الممزوجة للمكتب الوطني للكهرماء بمدينة تنغير، والتسريع في استغلال سد تودغى، كما يتعين تفعيل لجان المراقبة الإقليمية والمحلية، وفق التوصيات سالفة الذكر.