أصدرت لجنة القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، المشتهرة بـ”لجنة سيداو” (CEDAW)، ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الجامع للتقريريْن الدوريين الخامس والسادس للمغرب، الذي جرى تقديمه بجنيف أمام جلستيها رقم 1892 و1894، المنعقدتين على مدى يومَي 21 و22 يونيو 2022.
ومقابل تعبير اللجنة عن تقديرها لتقديم المملكة، باعتبارها الدولة-الطرف في اتفاقية “سيداو”، تقريرها الجامع للتقريرين الدوريين الخامس والسادس، تأسفت “لتأخر تقديم التقرير لمدة ست سنوات”، كما أعربت عن تقديرها للردود المكتوبة التي قدمها المغرب على قائمة القضايا والأسئلة التي أثارها الفريق العامل ما قبل الدورة، فضلاً عن العرض الشفوي للوفد والإيضاحات الإضافية المقدمة رداً على الأسئلة التي طرحتها اللجنة شفوياً أثناء الحوار.
كما أفضت مناقشات وفعاليات فحص تقرير المغرب من طرف اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بجنيف، إلى نقاش “تفاعلي غني وبناء” حول مظاهر التقدم المحرزة من طرف المغرب في مجال حقوق المرأة، لاسيما إعماله لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وأثنت اللجنة على جهود المملكة المغربية من خلال وفد متعدد القطاعات مَثّلها في أشغال الاستعراض السنوي للتقرير بجنيف، ترأسته عواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، وضمّ ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية وقطاعات وزارية ومؤسسات عمومية أخرى معنية بوضعية حقوق الإنسان في المغرب.
وضمن ملاحظاتها التي اطلعت عليها هسبريس، سجلت اللجنة الأممية إيجابيا التقدم المحرز منذ نظرها في التقرير الدوري الرابع في عام 2008 في إجراء إصلاحات تشريعية، ولاسيما اعتماد دستور جديد في عام 2011، إضافة إلى ترحيبها باعتماد منظومة تشريعات ساهمت في امتثال المملكة والتزامها بمقتضيات اتفاقية “سيداو”.
وفي هذا الصدد، نوهت بالقانون 9-21 المتعلق بورش الحماية الاجتماعية (مارس 2021)، والقانون 19-20 الذي يعدل ويتمم القانون 17-95 المتعلق بالشركات العمومية المحدودة ويحدد حصصا إلزامية للنساء في مجالس إدارة الشركات المتداولة في القطاع العام (يوليو 2021)، والقانون رقم 19-12 المتعلق بظروف عمل وتشغيل خادمات المنازل (غشت 2016)، والقانون 50-21 بشأن إصلاح المقاولات والمؤسسات العمومية، والقانون 103-13 المتعلق بالعنف ضد المرأة (المعتمد منذ مارس 2018)، والقانون رقم 79-14 المنشئ لهيئة المساواة بين الجنسين ومكافحة أشكال التمييز (دجنبر 2017)، فضلا عن القانون رقم 27-14 المتعلق بالاتجار بالبشر (غشت 2016)، والمرسوم رقم 2.17.740 المتعلق بالمادة 7 من القانون 27-14 المحدِث للجنة الوطنية لمنع الاتجار بالبشر وتنسيق تدابير مكافحة الاتجار بالبشر (يوليوز 2018).
كما أشادت “لجنة سيداو” بمنظومة القانون رقم 83-13 المتمم للقانون رقم 77-03 بشأن الاتصال السمعي البصري، التي عملت على “تعزيز ثقافة المساواة بين الجنسين، ومكافحة التمييز القائم على النوع ومنع التنميط المبني على الجنس في الإشهارات”، والقانون رقم 88-13 المتعلق بالصحافة والنشر، والقانون التنظيمي للمالية رقم 130-13، فضلا عن القوانين التنظيمية التي تنص على قوائم متناسبة وحصص التمثيل السياسي للمرأة.
ولم يفت اللجنة الترحيب أيضا بالجهود التي تبذلها المملكة المغربية لتحسين إطارها المؤسساتي وسياساتها العمومية الرامية إلى التعجيل بالقضاء على التمييز ضد المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، مشيدة بإحداث اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في يونيو 2022، وتفعيل مقتضيات الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات لعام 2030، ومضامين خطة “إكرام 2” الحكومية للمساواة، والبرنامج الوطني المندمج للتمكين الاقتصادي للنساء والفتيات، الهادف إلى زيادة النشاط الاقتصادي للمرأة بنسبة 30 في المائة.
وشددت اللجنة على الدور الحاسم للسلطة التشريعية في ضمان التنفيذ الكامل لاتفاقية “سيداو”، داعية البرلمان المغربي، وفقاً لولايته، إلى “اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ هذه الملاحظات الختامية من الآن وحتى تقديم التقرير الدوري المقبل بموجب الاتفاقية”، المرتقب تقديمه في يونيو 2026.
وبخصوص وضعية النساء في ظل الجائحة، أوصى تقرير اللجنة المغربَ بـ”تنفيذ تدابير مؤسسية وتشريعية وسياسات عمومية لمعالجة أوجه عدم المساواة القائمة منذ أمد طويل بين المرأة والرجل قصد إعطاء زخم متجدد لتحقيق المساواة بين الجنسين من خلال وضع المرأة في صميم استراتيجيات الإنعاش ما بعد كوفيد-19 كأولوية استراتيجية للتغيير المستدام تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة”، و”تعزيز وتيسير مشاركة النساء والفتيات على قدم المساواة، بما في ذلك الفئات المحرومة والمهمشة من النساء، في برامج واستراتيجيات الإنعاش الوطني الرسمية”.
ونادت اللجنة بـ”ضمان استفادة النساء والفتيات بالمغرب على قدم المساواة من الحوافز، من بينها الدعم المالي لأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، الرامية إلى التخفيف من حدة الآثار السوسيو-اقتصادية للوباء”، فضلا عن “حث الدولة على الاعتراف بالمرأة بوصفها القوة الدافعة لتنميتها المستدامة واعتماد السياسات والاستراتيجيات ذات الصلة في هذا الصدد”.