كشفت عمليات المراقبة وإحصاء القوارب المرخص لها بالصيد في الأقاليم الجنوبية عن استفحال ظاهرة الصيد العشوائي، الذي يهدد الثروة السمكية؛ فقد وصل عدد القوارب التي لا تحترم القوانين المنظمة للصيد البحري إلى نحو ألف قارب، في أربع قرى للصيد البحري في جهة الداخلة وادي الذهب.
وتم إحصاء 555 قاربا في مركز الصيد “لاساركا”، و364 قاربا في “لبوريدة”، و135 قاربا في مركز الصيد “انتيرفت”، وسبعة قوارب في مركز الصيد “أمطلان”.
وتتوزع القوارب التي تم إحصاؤها على قوارب الصيد “المعيشية”، وقوارب الصيد التي تحمل ترقيما مزدوجا، وقوارب مجهولة الملكية.
الائتلاف من أجل حماية الموارد البحرية الحية، الذي سبق أن نبّه إلى المخاطر التي تحيق بالمخزون السمكي، نوّه بتدخل إدارة الصيد البحري، معتبرا أن عمليات المراقبة والتدقيق وإحصاء القوارب المرخص لها تندرج “في إطار ممارسة المغرب لمسؤولياته في مجال المحافظة على الموارد الحية”.
وأفاد مصدر من الائتلاف بأن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أوقفت، منذ شهر ونصف الشهر، صيد الأخطبوط في سواحل جهة الداخلة وادي الذهب؛ غير أن الجمعيات المهنية للصيادين اعتبرت أن الراحة البيولوجية “ليست حلا، بعدما أكد المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري أن المخزون السمكي في المنطقة يقترب من النفاد”.
وأضاف المصدر ذاته أن محدودية نجاعة الراحة البيولوجية في الحفاظ على الثروة السمكية راجعة إلى استمرار قوارب الصيد البحري العشوائي في الاشتغال خلال الفترة المذكورة بدون ضوابط، مشيرا إلى أن هذه القوارب تستخدم وسائل تستنزف حتى بيض السمك؛ ما يحول دون تكاثره.
وحسب المعطيات التي حصلت عليها هسبريس، فإن السلطات في جهة الداخلة وادي الذهب كانت تتخوف من أن يؤدي منع قوارب الصيد العشوائية من الصيد إلى احتجاج أصحابها الذين يقولون إنها قوارب معيشية؛ بينما يقولون المهنيون إنها ليست كذلك، “لأن كميات السمك المصطاد تتجاوز نطاق ما هو معيشي”.
ووفق المعطيات ذاتها، فإن البحارة ليسوا هم من خلقوا مشكل الصيد العشوائي، وإنما لوبيات كبيرة تشتغل في هذا المجال، حيث يملك بعض المستثمرين مائة قارب؛ بضعة منها فقط مرخص لها، والباقي يشتغل بشكل غير قانوني.
واعتبر الائتلاف من أجل حماية الموارد البحرية الحية أن النهج الذي نهجته إدارة الصيد البحري للتعاطي مع ظاهرة استفحال الصيد العشوائي “يعزز مخطط آليوتيس، المبني على تأطير مجهود الصيد من خلال تتبع علمي مختص وآليات قانونية توضح القواعد الواجب احترامها من طرف الجميع”.
وشددت الهيئة ذاتها، في بلاغ أصدرته مساء الجمعة، على أن “الصيد الجائر الناتج عن الصيد غير القانوني يشكل الخطر الأكبر الذي يهدد تجدد المخزونات السمكية، باعتبار أنها ليست متناهية ويمكن استنفادها”.
وأفاد مصدر من الائتلاف بأن عدد قوارب الصيد العشوائي الموجودة في جهة الداخلة وادي الذهب يتجاوز العدد الذي تم إحصاؤه إلى حد الآن، مشيرا إلى أن هناك قوارب غير مرخصة لها يتحايل أصحابها على القانون، باستعمال ترقيم قوارب مرخص لها.
وتابع المتحدث ذاته بأن خطورة قوارب الصيد العشوائي لا تنحصر فقط في استنزاف المخزون السمكي؛ بل يتم استغلالها أيضا في تهريب المخدرات، والهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، مشيرا إلى أن اللوبيات المستفيدة من الوضع تلجأ إلى إخفاء القوارب إلى حين مرور حملة المراقبة، لتعود إلى ممارسة نشاطها من جديد.