قال وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، إن ورش تحسين خدمات الدعم الاجتماعي يجب أن يُنظر إليه من منطلق شمولي يضمن “التّساوُق والانسجام” مع إجراءات عملية أخرى تخص مظاهر تربوية بيداغوجية صِرفة، وجوانب تحول المدرسة، موردا بعضها في هذا الصدد باقتضاب.
ويتعلق الأمر حسب إفادات وزير التربية الوطنية، خلال حلوله ضيفاً على أشغال الجلسة الأولى في الملتقى الدولي “الحماية الاجتماعية”، الأربعاء 27 يوليوز بالصخيرات، بـ”تعميم التعليم الأوّلي قبل ولوج المستوى الابتدائي، وانعكاس ذلك على نتائج تعميم الولوج إلى التمدرس وجودة التعلمات”، مضيفا أن عمل الوزارة يَنصب أساسا حول “تمديد العرض المدرسي، من خلال النقل المدرسي الجماعي المشترك، وكذا إطلاق برامج مواكبة ودعم وتقوية للتلاميذ الذين يعانون من صعوبات في التمدرس والتعلم طيلة مسارهم”.
وزاد بنموسى، في معرض مداخلته ضمن الجلسة المعنونة بـ”تعميم التعويضات العائلية للحماية من الأخطار المحدقة بالطفولة: نحو منظومة أكثر إدماجا”، سارداً إجراءات وخطة عمل تهم “تنويع المسارات المدرسية في المستوى الإعدادي”، و”تدعيم التوجيه التربوي والمهني”؛ وملقيا الضوء حول “برنامج خاص بالصحة المدرسية يركز على الوقاية في ارتباط وثيق بتعميم التغطية الصحية”.
وأقرّ المسؤول الحكومي ذاته بأن “برامج الصحة المدرسية تعرف، اليوم، صعوبات لا يمكن نكرانها”، مُرجعا أهم أسباب ذلك إلى “عدم توفر الموارد البشرية المؤهلة طبيا للقيام بهذه المهام وتغطية جميع المدارس”، قبل أن يكشف رهان الوزارة على تعميم التغطية الصحية الإجبارية AMO، ما سيجعل الأطفال أيضا مشمولين بالحماية الاجتماعية.
بنموسى لم يفوت الإشارة إلى الرابط بين “تعميم التغطية الصحية” ومواكبة الأطفال بالمدارس من خلال عمل استباقي يركز على الوقاية؛ لاسيما بالنسبة للتلاميذ الذين يحتاجون عناية خاصة، نظرا لمعاناتهم مع صعوبات في النطق أو السمع أو النظر أو “عُسر القراءة”.
واسترسل وزير التربية الوطنية متحدثا عن محور يتعلق بكيفية استباق وتوفير أرضية وشروط نجاح الإصلاحات القادمة، ذاكرا ثلاثة منها في هذا الصدد؛ “الأول يهم التقليل من الهدر المدرسي، بينما الثاني مبني على فكرة اجتماعية جوهرية هي ‘التعويضات العائلية الجزافية’، أما الثالث فهو ‘العمل من خلال بناء مشترك مع باقي الشركاء والمعنيين لأجرأة وتفعيل الأوراش المفتوحة حاليا من طرف الوزارة كي تحقق أهدافها المرجوة’”.
في هذا الصدد، استعرض بنموسى “العلاقة بين التمدرس والسِجل الوطني للسكان”، قائلا إن الأخير يتيح إحصاء الأطفال وضمان إلزامية تمدرسهم من 4 سنوات إلى 16 عاما، ومعرفة مساراتهم طيلة فترة التعليم الأساسي، وتتبعها عبر “النظام الرقمي مسار”، وعرّج بعدها على ما وصفها بـ”إشكالية الاستهداف من خلال الخدمات الاجتماعية المتعلقة بالتمدرس”، متسائلا عن أوجه القصور العديدة التي تطال قضايا النوع الاجتماعي بالمدارس ومواكبة التلاميذ في وضعية إعاقة أو خاصة.
وتساءل المتحدث ذاته أيضا عن أهلية السوق الوطنية وضمان أن تكون مهيأة مسبقا لإجراء “التحويلات النقدية للخدمات الاجتماعية”، قائلا إن “التعويضات العائلية تطرح مسألة التفاضلية بين منطق التبسيط ومنطق المراقبة”، مسجلا غلبة هذا الأخير في الأعوام الأخير.
وختم بنموسى حديثه بالتأكيد على “تعقيدات” أوراش إصلاح الحماية الاجتماعية في شقها المرتبط بالتعليم، موصيا بضرورة العمل بـ”تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال أنظمة معلومات تسمح بالرفع من نجاعة الأداء”.
صندوق التكافل العائلي والحماية الاجتماعية
من جهتها، استعرضت كلمة وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، حزمة من “برامج الدعم والمساعدة الاجتماعية” التي يشرف عليها قطاعها، قائلة إنها تتميز بـ”التعددية في المغرب”.
ولفتت حيار، في معرض كلمتها، انتباه المشاركين في الملتقى الدولي حول الحماية الاجتماعية إلى معطيات دقيقة تهم مباشرة مجال تدخل وزارتها، موردة في هذا الصدد أن “البرنامج المسمى ‘دعم’ يهم شريحة من النساء يبلغ عددهن 200 ألف أرملة، يستفدن من صندوق التكافل العائلي الذي يدعم ويساعد المطلقات أيضا”.
كما أشارت وزيرة التضامن والأسرة إلى استفادة مئات الآلاف من الأطفال المقيمين في داخليات أو دور رعاية اجتماعية من برامج الدعم الاجتماعي، قبل أن تختم كلمتها بالقول إن “التفكير يتركز حاليا على كيفية إدماج العاملين في المجال الاجتماعي (travailleur social) من برامج التغطية والحماية الاجتماعية، بالاستناد إلى القانون 45-18 الذي يتضمن وضعية “عامل اجتماعي مستقل”، معلنة أن “المشتغلين ضمن النسيج الجمعوي بالمغرب ستشملهم الحماية الاجتماعية من خلال نصوص ومراسيم تنظيمية تعمل الوزارة على إخراجها قبل أكتوبر 2022”.
مساهمة “صندوق الإيداع والتدبير” في تدبير الحماية الاجتماعية
من جانبه، استعرض محمد علي بنسودة، مدير فرع “الاحتياط” بمجموعة “صندوق الإيداع والتدبير CDG”، مجالات تدخل هذا الأخير في دعم أوراش الحماية الاجتماعية المفتوحة منذ 2020، قائلا إنه يتم عبر شقيْن من التدبير: المعاشات عبر نظام جماعي لمنح رواتب التقاعد، ثم تدبير صناديق التضامن الاجتماعي.
وشدد بنسودة على أن هذه البرامج التدبيرية تركز بشكل أساسي على “الأثر الاجتماعي” لدى الساكنة المستهدفة منها؛ لاسيما عنصر الطفولة الذي يظل حاضرا بشكل عرضاني في مختلف البرامج، يظل “برنامج تيسير لدعم التمدرس” أبرزها.
التجربة الفرنسية في التعويضات العائلية
بدورها، لم تغب التجربة الفرنسية في منح وكيفية صرف التعويضات العائلية للمستهدفين منها عن نقاشات الجلسة الأولى للملتقى؛ إذ استعرضتها، في هذا السياق، إيزابيل سانسيرني، رئيسة الصندوق الوطني للتعويضات العائلية بفرنسا.
المسؤولة الفرنسية قالت خلال كلمة لها إن “النظام الفرنسي للتعويضات العائلية مبني على سياسة استهداف دقيقة معتمدة على شبكة محلية من الصناديق الموجودة في مختلف المقاطعات بكل مجال حضري أو قروي”، شارحة أنها “تمنح تعويضات وتوفر مصفوفة خدمات ترتبط بالأسرة والعائلة، والسكن، ثم الإعاقة وقضايا الإدماج الاجتماعي”.
وحسب معطيات قدمتها سانسيرني، من على منصة الملتقى، فإن حجم التعويضات العائلية التي تم صرفها خلال عام 2021 لفائدة 33.7 مليون شخص قد تجاوز 95 مليار أورو، من بينهم شخص واحد مقيم بفرنسا، لافتة إلى أن الجمهورية الفرنسية تخصص 4.7 في المائة من الناتج الوطني الإجمالي لسياستها العمومية الموجهة للعائلات والأسر.