يسير نادي الكوكب المراكشي لكرة القدم نحو مصير مجهول بعدما أغلق باب تقديم الترشيحات لرئاسته بمناسبة عقد جمعين عامين، يوم الثلاثاء 19 يوليوز، لاستعراض حصيلة النادي في الموسمين الرياضيين الأخيرين (2020/2021، و2021/2022).
فرغم أن الفريق دعا خلال الأسابيع الماضية جميع المنخرطين في النادي إلى تجديد انخراطهم حتى يتمكنوا من حضور أشغال الجمعين العامين الخاصين بالموسميين الرياضيين الأخيرين، وفتح باب تقديم ترشيحاتهم لرئاسة النادي بعدما تشبث رضوان حنيش باستقالته عقب عرض حصيلة النادي في الموسمين المذكورين، إلا أنّ لا أحد وضع ترشيحه لهذه المهمة التي أضحت تخيف كل من يملك ذرة حب وعشق لفارس النخيل.
فما هي الأسباب التي كانت وراء هذا التعثر الذي يعيشه فريق تاريخي؟ وكيف يمكن فهم فشل مؤسسة المنخرطين في تقديم بديل لرضوان حنيش؟ وإلى أي حد يمكن القول بأن مدينة مراكش أضحت عاقرا عن إنجاب من يقود فريقا ارتبط اسمها به؟ وكيف يمكن الخروج من هذه الأزمة التي تهدد باندثار فارس النخيل؟ أسئلة وغيرها طرحتها هسبريس على أبناء فرع كرة القدم والمتتبعين والمحبين وقدماء اللاعبين بهذا الفريق لمعرفة ممكنات إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
رضوان حنيش، الرئيس الحالي لفارس النخيل، حكى معاناته خلال تدبيره لهذا الفريق قائلا: “بلغ السيل الزبى، ضحيت بكل شيء: بصحتي وأسرتي وعائلتي ومالي، وكنت في مرمى قذائف من كل حدب وصوب، تأتيني من أناس قدموا العهد على مساعدتي في حمل هذه الأمانة فتخلوا عن الفريق، منهم من غادر سفينة التسيير منذ الوهلة الأولى ومنهم من ترجل بعد ذلك، فيما بقيت أتلقى الضربات تلو الأخرى من أناس لا يتقنون سوى النقد دون تقديم بدائل”.
وفي تصريح لهسبريس، أضاف: “اتهمت بأنني استفدت من تسيير الفريق، رغم أنني صرفت عليه من مالي الخاص ملايين الدراهم، ووجدت نفسي مضطرا لمغادرة سفينة تدبيره، لأفسح المجال لهؤلاء ليتقدموا ليستفيدوا مما استفدت منه، لعلهم يملكون العصى السحرية لإخراج النادي من أزمته، بسبب عدة عوامل تراكمت منذ مكاتب سابقة، وكبدت هذه الإدارة أموالا طائلة دفعت إلى تنفيذ أحكام قضائية لفائدة لاعبين وأطر، وبإمكانهم مواجهة جمهور معظمه لا يتقن سوى النقد والسب والقذف، ولا يفقه أبجديات تسيير فريق من حجم الكوكب المراكشي لكرة القدم”.
وعن هذه الأزمة، قال أحمد تميم، لاعب سابق وناشط رياضي، إن “وضعية الكوكب لا تسر لا العدو ولا الصديق، لمكانته وما حققه في أزمنة غابرة من كؤوس وبطولات واستحقاقات هي كل ما بقي لجماهيره وأنصاره الأوفياء يتغنون بها ويبكون على أطلال دمار طالها بأيادي المفسدين الغاشمة، واليوم يعاني الفريق الويلات ولا أحد تقدم ليعطي البدائل والاقتراحات لتجاوز حالة الاستعصاء”.
وضمن تصريحه لهسبريس، أضاف تميم: “دق آخر مسمار في نعش الكوكب باندحاره نهاية الموسم الماضي إلى بطولة الهواة، والكل الآن تخلى عن مسؤوليته واختار الاصطفاف في طابور المتفرج، رغم أن الجميع مسؤول، كل من موقعه، مع اقتراب انطلاق الموسم الرياضي لإعادة البناء على أسس متينة، وعلمية واستراتيجية مدروسة، لتجديد الدماء وبعث الروح في الفريق من خلال انتخاب مكتب قادر على رفع تحدي إعادته إلى مكانه الطبيعي ضمن فرق الصفوة”.
ولأن هذا التحدي يستدعي تضافر الجهود ونبذ الخلافات وتنقية الأجواء من السموم المستشرية، يورد المتحدث نفسه، “استبشر الجميع خيرا لما تعالت صيحات وتصريحات هنا وهناك من مترشحين يتوقون إلى رئاسة الفريق خلال الجمع العام الانتخابي، لكن المفاجأة كانت صادمة حين أحجم الكل عن ذلك، وكأن هذه الأسماء كانت كخيط دخان صعد إلى السماء وتبخر، ما يجعل الكوكب أمام مستقبل غامض”.
لذا، طالب أحمد تميم السلطة المحلية، في شخص والي جهة مراكش، بالتحرك وتتحمل مسؤوليتها الإدارية والتاريخية لتكفر عن ذنب بقائها “خارج نطاق الخدمة”، كأن الشأن الرياضي لا يدخل ضمن اختصاصاتها وفي سياسة تخليق الحياة العامة، مشيرا إلى أن مدينة مراكش تفتقد إلى سياسة رياضية حقيقية لتجاوز حالة الاستعصاء التي تعانيها، مستدلا على ذلك بسقوط عدة فرق ذات رصيد تاريخي كالمولودية المراكشية، ومعاناة كل الجمعيات الرياضية من واقع مرير، ما يتنافى مع منطوق دستور 2011 الذي يعطي الحق للجميع في ممارسة الرياضية، كرافعة من رافعات التنمية المستدامة.
أما العاشق لفارس النخيل وهيب يتريبي، فأكد أن الجماهير طالبت برحيل رضوان حنيش بعد سقوط النادي إلى قسم الهواة، ودعا الأخير المنخرطين إلى تجديد انخراطهم، لكن لا أحد استجاب، والآن يتوفر الفريق على أقل من مائة منخرط، مضيفا أن “رئاسة النادي تتطلب شرط الانخراط لسنتين متتاليتين، الشيء الذي لم تكن الشخصيات التي خرجت بتصريحات تعبر فيها عن رغبتها في رئاسة الكوكب المراكشي على علم به، ما يطرح الآن سؤال من سينقذ النادي في وقت يتشبث فيه حنيش بالاستقالة”.
وعن تصرفات الجمهور الذي يساند الكوكب المراكشي، قال هذا المولع بحب “كويكا”: “معظمه لا يفهم كيف تسير قواعد تدبير الفرق”، مستدلا على ذلك بكون “الكل كان ينادي برحيل الوجوه القديمة، ولما جاء حنيش كمنقذ، وأتت الرياح بما لا يشتهي مركب فارس النخيل، أصبحوا ضده وكالوا له السب والقذف، وهذا من الأسباب التي تدفع إلى هروب من يرغبون في قيادة دفة النادي، والخاسر الأكبر في هذا المناخ الملوث، هو فارس النخيل، لأن منهجية التعامل مع مشكلة الفريق غير سليمة؛ فالأغلبية تتكلم دون علم بممتلكات النادي، وهذا خطأ جسيم، لأن هذه الأخيرة تدخل في ملكية المكتب المديري متعدد الأنشطة”.
وعلى حسابه بإحدى منصات التواصل الاجتماعي، كتب اللاعب السابق للكوكب رشيد نجاح تدوينة تقطر حزنا وألما، جاء فيها: “كانت لي انتظارات أراها اليوم تتبخر، كنت أحلم بيوم تصحو فيه الضمائر ويعترف المخطئون ويقروا بأخطائهم، وأن يخرجوا إلى العلن لفتح نقاش نقي يوضع على الطاولة بشكل صحيح بعيدا عن التمويه والمراوغة وإلصاق التهم بمن هم بعيدون عن القرار وبعيدون عن التسيير الفعلي الذي وحده تكون نتائجه مؤثرة على الفريق إن سلبا أو إيجابا”.
وتمنى نجاح، الذي يشغل أيضا ناطقا رسميا باسم الكوكب المراكشي، أن “تصحو ضمائر من أوصلوا الكوكب إلى الحضيض وأن يجتمعوا على كلمة حق، ولو لمرة واحدة، والوصول إلى حد أدنى من التوافق، الهدف منه ترميم البيت وإعادة الكوكب إلى مكانته الطبيعية، وبعد ذلك فليعبر كل واحد عن حبه للكوكب بالعمل الجاد والهادف”، مستحضرا على الدوام بذهنه أن “الرياضة أخلاق قبل كل شيء”، داعيا الجماهير العريضة للكوكب إلى حمل شعار واحد: “نريد الكوكب كما كان، وأن نكف جميعا عن كل نقاش ساقط غير مسؤول، وأن نتصدى جميعا للذين يشعلون فتيل الفتنة ولا يحترق بنارها سوى فارس النخيل”.
ولأن الأجواء التي خلقها النقاش حول الكوكب عبر وسائل التواصل الاجتماعي أجبرت كل الطامحين في تسييره على التراجع والعزوف وعدم الاقتراب من فريق يحتاج لمن ينقذه، اعتبر نجاح أن “النقاش أمر محمود لكنه عندما يزيغ عن الطريق الصحيح، فإن النتيجة تكون كارثية”.
يذكر أن نادي الكوكب المراكشي لكرة القدم تكالبت عليه عوامل عدة كانت وراء نزوله إلى القسم الوطني هواة، بعد احتلاله المركز الأخير في البطولة الوطنية الاحترافية الدرجة الثانية للموسم الرياضي 2021-2022، منها الأزمة المالية التي فخخت طريقه خلال موسمين، وتأخر الدعم المالي بسبب جائحة “كوفيد-19″، ما جعل النادي يتعثر في انطلاقته مع مكتب رضوان حنيش الذي ظل يصارع لوحده ملفات قضائية نطقت فيها محكمة التحكيم الرياضي، التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، بأحكام لفائدة لاعبين وأطر يطالبون بمستحقاتهم.