كشف التقرير السنوي الصادر عن بنك المغرب حول “الإشراف البنكي”، في نسخته الثامنة عشرة برسم عام 2021، عن قدرة القطاع البنكي المغربي عموما على “الصمود”، رغم استمرار تداعيات الجائحة، متمكنا من “ضمان تمويل الفاعلين الاقتصاديين، لاسيما بفضل تدابير الدعم العمومي على شكل قروض مضمونة من طرف الدولة”.
ورغم حداثة تجربتها بالمغرب، أظهرت البنوك التشاركية، بدورها، “قدرتها على الصمود على مستوى نشاطها، ونتائجها وجودة أصولها”، حسب تقرير البنك المركزي الذي اعتبر أن “تقدم عملية التلقيح والإبقاء على التحفيزات المالية والنقدية التي تم وضعها منذ بداية الأزمة الصحية”، عامل ساهم خلال السنة الثانية من الجائحة في انتعاش الاقتصاد المغربي.
وسجل نشاط ومردودية الأبناك والفروع التشاركية ارتفاعا عند نهاية عام 2021؛ إذ بلغ إجمالي ميزانية البنوك والأسهم التشاركية 22.1 مليار درهم، بزيادة 32 في المائة عن السنة التي قبلها (أي 2020 العام الأول من الجائحة)، مما “يعكس النمو في تمويل خدمات ومنتجات المرابحة لصالح زبنائها”، حسب ما أورده التقرير.
وكشف التقرير أن المصارف التشاركية بالمغرب ترفع رقم معاملاتها من خلال “تمويل العقارات لصالح الأفراد”؛ إذ شهدت تمويلات “المرابحة” ارتفاعا في حصتها من توظيف أصول المؤسسات المصرفية التشاركية المغربية لتبلغ نسبة 87,2 في المائة مقارنة بـ 80,4 في المائة في 2020.
واستحوذ التمويل العقاري على المعاملات البنكية التشاركية بالمغرب بـ40 بالمائة، أي ما يقارب 16.3 مليار درهم عند متم 2021، فضلا عن تمويلات التجهيز والمعدات التي زادت بـ 106 في المائة، ما يقدر بـ1.6 مليار درهم. بينما التمويلات التشاركية الموجهة للاستهلاك وتلك المتعلقة بالخزينة شهدت ارتفاع بـ 21 بالمائة لتبلغ 1.3 مليار درهم.
وسجل التقرير ذاته، الذي اطلعت عليه هسبريس، أنه “من المتوقع أن يعرف قطاع الأبناك التشاركية دينامية جديدة بفضل إطلاق منتجات التأمين التكافلي”، التي تم الترخيص لها مؤخرا، حسب ما أوضحت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي في بلاغ لها في يونيو الماضي، مؤكدة أن ستة أبناك تشاركية حصلت على اعتمادات عرض تلك المنتجات بالمغرب.
وسبق لخبراء “المصارف التشاركية” بالمغرب أن ذهبوا إلى توقعات مفادها أن منح الأبناك التشاركية اعتمادات ترويج منتجات التأمين التكافلي، سيتيح لها رفع أدائها وتحسين تموقعها في السوق.
وتعليقا على صمود القطاع رغم تداعيات الجائحة واستمرار مؤشراته في الارتفاع، قال محمد أمين أكوزول، الأمين العام للأكاديمية المالية التشاركي ومسؤول سابق عن الاتفاقيات والشراكات بأحد الأبناك التشاركية المغربية، إن “المالية الإسلامية وتعاملاتها لم تتأثر بالأزمة في العالم كله، وليس فقط في المغرب”، مشددا على أنه “صمود تفسّره الأرقام التي تتكلم عن نفسها”.
واعتبر أكوزول، في تصريح لهسبريس، أن المالية التشاركية تظل “مالية أخلاقية في أساس تعاملاتها المبنية على الشفافية والوضوح”، موضحا أن “البنوك التشاركية بالمغرب قامت بتأجيل تمويلات منتجاتها دون فوائد”، عكس ما لجأت إليه بنوك النظام المالي التقليدي.
وفسّر الخبير بالقطاع البنكي التشاركي صمود ومرونة الأخير بكونه “معتمدا على أصول مالية ملموسة، تقدم أرقاما حقيقية مقارنة بالمالية التقليدية”. وزاد شارحا بأن “المغاربة كانوا متشوقين لهذا النوع من التعاملات المالية المحتكمة إلى الشريعة الإسلامية، ونسبة كبيرة منهم لجأت إلى خدمات منتوجات بديلة، ما ساهم في رفع نسبة الإدماج المالي وفتح حسابات بنكية لأول مرة”.
وخلص الأمين العام للأكاديمية المالية التشاركية بالمغرب إلى أن “انتعاش وازدهار مؤشرات المصارف الإسلامية يظل في صالح الدولة التي كان هدفها هو تحقيق ذلك، من خلال إرساء جسور الثقة مع الزبون وضمان إيداع أمواله بالبنوك”.