انتقلت الصراعات التنظيمية داخل حزب الاستقلال إلى بعض هيئاته الموازية؛ منظمة فتيات الانبعاث، إحدى التنظيمات التابعة له، واحدة من هذه الهيئات التي وصلتها شرارة الخلافات، بعدما قرر عدد من المؤيدين لحمدي ولد الرشيد، وبعض أعضاء اللجنة التنفيذية، تنظيم مؤتمر استثنائي للمنظمة من أجل الإطاحة برئيستها، إنصاف الشراط، مستشارة الوزير الاستقلالي رياض مزور.
وفي وقت كان مقررا أن يعقد المؤتمر الاستثنائي للمنظمة أول أمس السبت، سارعت إنصاف الشراط إلى رفع دعوى قضائية أمام قاضي الاستعجالات بالرباط من أجل إيقاف أشغال المؤتمر، وهو ما استجابت له المحكمة.
ولم تكتف الشراط برفع دعوى قضائية من أجل إيقاف أشغال المؤتمر، بل سارعت بدورها إلى تنظيم مؤتمر للمنظمة في إحدى القاعات بمدينة الرباط، الخميس الماضي، حيث أعيد انتخابها، قبل أن يصدر قرار آخر عن المحكمة يقضي بإيقاف أشغال هذا المؤتمر.
وبحسب مصادر استقلالية فإن تبليغ المؤتمرات بإيقاف أشغال المؤتمر جاء بعد نهاية المؤتمر.
ومن جهة أخرى، حاول أنصار ولد الرشيد تنظيم مؤتمر للمنظمة أمس الأحد 25 يونيو الجاري، إلا أن الشراط تقدمت بطعن آخر أمام المحكمة يروم إيقاف عقد أشغاله، وهو ما استجابت له المحكمة الابتدائية، التي أصدرت قرارا السبت يقضي بإيقاف الأشغال.
وأمس الأحد، طوقت قوات الأمن المركز العام لحزب الاستقلال بباب الحد، استعدادا لمنع انعقاد المؤتمر.
وشوهدت عدد من سيارات الأمن أمام محيط المركز العام لحزب الاستقلال، ما حال دون عقد المؤتمر.
من جهة أخرى، أصدر مدير المركز العام لحزب الاستقلال، ميمون بنطالب، بلاغا أكد فيه أنه “بالنظر إلى النزاع القضائي القائم بشأن عقد المؤتمر الاستثنائي لفتيات الانبعاث جراء خلاف تنظيمي داخلي بين عضواتها، فقد تقرر عدم الترخيص بتنظيم أي نشاط رسمي بمقر المركز العام خلال يوم الأحد 26 يونيو 2022”.
وشدد البلاغ على أن المركز العام باعتباره فضاء تاريخيا يجب أن يظل بمنأى عن أي شكل من أشكال التدافعات أو التقاطبات التنظيمية، مشيرا إلى أن عدم الترخيص بتنظيم المؤتمر الاستثنائي يأتي “حرصا على أن تبقى حرمة المقر العام مصانة كرمز لوحدة وتماسك البيت الاستقلالي”.
ومن المرتقب أن تتواصل المعركة القضائية حول رئاسة منظمة فتيات الانبعاث الأسبوع المقبل.
وكانت لمياء العماري، رئيسة المجلس الوطني لمنظمة فتيات الانبعاث، أصدرت بلاغا دعت فيه الاستقلاليات العضوات في المنظمة إلى مؤتمر من أجل انتخاب قيادة جديدة والإطاحة بالرئيسة إنصاف الشراط.
وبرر البلاغ الدعوة إلى المؤتمر الاستثنائي بالتوصل بالعديد من الملتمسات من الاستقلاليات عضوات المكتب التنفيذي والمجلس الوطني للمنظمة، “عبرن فيها عن انزعاجهن من الوضعية التنظيمية ومن طريقة التسيير الأحادية للرئيسة، وتفردها بالقرارات دون العودة إلى مؤسستيْ المكتب التنفيذي والمجلس الوطني، وتجاوز الاختصاصات التي ينص عليها النظام الأساسي للمنظمة”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “لائحة التوقيعات الداعية إلى عقد مؤتمر استثنائي للمنظمة تجاوزت ثلثي العضوات، ضمنهن أزيد من نصف عضوات المكتب التنفيذي للمنظمة، حيث بلغ عدد التوقيعات 323 من أصل 418”.
من جهتها، أصدرت إنصاف الشراط، رئيسة منظمة فتيات الانبعاث، بلاغا اعتبرت فيه أن رئيسة المجلس الوطني للمنظمة لا يجوز لها طبقا للقانون الأساسي الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي، وأن دورها يتمثل في ترؤس أشغال دورات المجلس الوطني، مشددة على أن رئيسة المنظمة هي من لها الحق في اقتراح عقد مؤتمر استثنائي.
واعتبرت الشراط أن الأمر يتجاوز ما تم ذكره في البلاغ من أسباب تدعو إلى عقد مؤتمر استثنائي، إلى “تصفية الحسابات السياسية والرغبة في إسكاتنا عن قول كلمة الحق وعن ممارسة حرية التعبير في كل القضايا التي تهم الحزب”، وتابعت بأن “عقد مؤتمر استثنائي لم يعد له أساس، خاصة أن المنظمة تستعد لإعطاء الانطلاقة للأشغال التحضيرية لعقد مؤتمر عادي، بعدما أوشكت الولاية الانتدابية الحالية على الانتهاء”.
يذكر أن قيادة حزب الاستقلال تعيش على إيقاع خلاف عميق بين الأمين العام للحزب نزار بركة، وحمدي ولد الرشيد، القيادي القوي داخل الحزب، مدعوما بعدد من أعضاء اللجنة التنفيذية.
واندلع الخلاف بعد قرار اللجنة التنفيذية إدخال عدد من التعديلات على النظام الأساسي للحزب، تهم بالأساس إلغاء عضوية البرلمانيين بالصفة في المجلس الوطني، واعتماد الاقتراع باللائحة في انتخاب الأمين العام واللجنة التنفيذية، فضلا عن تقليص عدد أعضاء المجلس الوطني إلى حوالي النصف.
واعتبر عدد من البرلمانيين والأعضاء من داخل حزب الاستقلال أن هذه التعديلات هدفها التحكم القبلي في مخرجات العملية الانتخابية لصالح تيار حمدي ولد الرشيد، فيما يرى المدافعون عنها أن هدفها تعزيز الحكامة داخل التنظيم وتعزيز الديمقراطية الداخلية.