قال معهد الأفق الجيوسياسي، إن العلاقات الثنائية بين المغرب وموريتانيا، ستشهد منعطفا استثنائيا خلال شهر مارس من السنة الجارية، حيث تتجه الدولتان إلى تحقيق رؤية مشتركة تهدف إلى إعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية والاقتصادية لمنطقة إفريقيا الأطلسية، في رؤية وصفت بأنها “ثورة صامتة”، تأتي في ظل تعاون غير مسبوق لتعزيز الاستقرار الإقليمي ودفع عجلة التنمية الاقتصادية.
وحسب المصدر ذاته فإن اللجنة المغربية الموريتانية المشتركة التي تم تشكيلها مؤخرا ستقود هذه الجهود، لتنفيذ خطط طموحة تشمل إنشاء ممرات اقتصادية ومشاريع بنية تحتية كبرى من شأنها تحويل المنطقة إلى مركز اقتصادي إقليمي، ومن بين أبرز هذه المشاريع، خط أنابيب الغاز العابر لإفريقيا، الذي يمتد من نيجيريا مرورا بموريتانيا إلى المغرب، وهو المشروع الذي يتوقع أن يكون شريانا حيويا للطاقة، ليس فقط للدول المعنية، بل لكامل القارة الإفريقية وأوروبا.
وبات وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي عنصرا رئيسيا في هذه الاستراتيجية، حيث يتيح البلدين بفضل موقعهما الاستراتيجي، ربط اقتصادات الساحل الإفريقي بالمحيط الأطلسي، ما يعزز التجارة الإقليمية ويمنح الدول غير الساحلية فرصة للاندماج في الاقتصاد العالمي.
وفي السياق ذاته، يبرز مشروع “مركز الطاقة المشترك”، الذي يعد نموذجا جديدا للتعاون الإقليمي في مجال الطاقة النظيفة، حيث سيعتمد على موارد الطاقة الشمسية والرياح في الصحراء الكبرى، وذلك بهدف تزويد دول غرب إفريقيا وشمالها بالطاقة المستدامة، مع تعزيز التحول نحو اقتصاد أخضر.
ومن جهة أخرى، يتم العمل على تطوير ممر اقتصادي مبتكر يربط بين شمال إفريقيا وغربها، ويمتد ليصل إلى الأسواق الأوروبية، عبر إنشاء بنية تحتية متطورة تشمل الطرق السريعة، وخطوط السكك الحديدية، والموانئ، ليصبح الممر ركيزة لربط الاقتصادات الإفريقية وتعزيز التجارة العابرة للحدود.
ولا يقتصر التعاون المغربي الموريتاني في هذا الإطار على المشاريع الاقتصادية فقط، بل يمتد ليشمل تعزيز الاستقرار الإقليمي ومكافحة التحديات الأمنية المشتركة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة، غي تحالف يأتي كإجابة على التحديات التي تواجهها منطقة الساحل والصحراء، مع توفير نموذج للتعاون الإقليمي القائم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
ويتوقع المراقبون في ظل هذه التطورات، أن يعيد هذا التحالف الإقليمي تشكيل موازين القوى في إفريقيا الأطلسية، حيث يجسد التزام المغرب وموريتانيا بتعزيز التعاون في كافة المجالات عزيمة قوية من شأنها تغيير خريطة إفريقيا الأطلسية، بما يخدم طموحات شعوبها ويعزز موقعها في الساحة الدولية.