قُتل قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين الذي قاد في يونيو تمردا قصير الأمد ضد القيادة العسكرية الروسية، الأربعاء في تحطم طائرة خاصة في روسيا، قضى جميع من كانوا بداخلها وبينهم ساعده الأيمن.
وأكّدت هيئة النقل الجوي الروسية أنّ بريغوجين كان على متن الطائرة الخاصّة التي كانت متجهة من موسكو إلى سانت بطرسبرغ وتحطّمت قرب قرية كوجينكينو، في منطقة تفير، شمال غرب موسكو وقتل كل من كانوا بداخلها.
وقالت الهيئة إنّه “وفقاً لشركة الطيران، فإنّ الركّاب التالية أسماؤهم كانوا على متن الطائرة” التي تحطّمت وهي من طراز إمبراير-135، معدّدة أسماء كل الركّاب ومن ضمنهم بريغوجين وساعده الأيمن ديمتري أوتكين.
وكانت وكالات الأنباء الروسية قد أفادت بأنّ طائرة ركّاب خاصّة تحطّمت الأربعاء أثناء رحلة داخلية ممّا أسفر عن مقتل كلّ من كان على متنها، وعددهم 10 أشخاص قد يكون أحدهم زعيم مجموعة فاغنر المسلّحة يفغيني بريغوجين لأنّ اسمه كان مدرجاً على قائمة ركّابها.
ونقلت وكالات ريا نوفوستي وتاس وإنترفاكس عن وكالة النقل الجوي الروسية “روسافياتسيا” أنّ اسم بريغوجين ورد على قائمة ركاب هذه الطائرة التي كانت متجهة من موسكو إلى سانت بطرسبرغ حين تحطّمت وقضى كلّ من كان على متنها.
Russian Telegram channel VChK-OGPU says that an eyewitness reported two explosions, resembling missile firing, sounded in the sky before Prigozhin’s plane went down.
“There were two shooting blasts. When I heard the first explosion, I just raised my head and I saw sparks… pic.twitter.com/xBeQZIhktW
— Anton Gerashchenko (@Gerashchenko_en) August 23, 2023
من جهتها قالت وزارة الطوارئ الروسية في منشور على تطبيق تلغرام “كان هناك 10 أشخاص على متن الطائرة، من بينهم طاقم من ثلاثة أشخاص. وفقاً للمعلومات الأولية، قضى كلّ الأشخاص الذين كانوا على متن الطائرة”.
والطائرة المنكوبة هي من طراز “إمبراير ليغاسي” وقد تحطّمت قرب قرية كوجينكينو، في منطقة تفير، شمال غرب موسكو.
وأكّدت الوزارة في بيانها أنّها “تقود عمليات بحث”.
من جهتها بثّت قنوات عديدة على تلغرام تقول إنّها مرتبطة بمجموعة فاغنر مقاطع فيديو قالت إنّها للطائرة المنكوبة.
وفي هذه المقاطع التي لم تتمكّن فرانس برس من التحقّق من صحّتها يظهر حطام مشتعلة فيه النيران وطائرة تسقط من الجو.
من ناحيتها نقلت ريا نوفوستي عن مسؤول في أجهزة الطوارئ أنّه تمّ العثور حتى الآن في موقع تحطّم الطائرة على جثث ثمانية أشخاص.
بوتين و”الإخلاص للوطن”
وبينما كانت أجهزة الطوارئ تنتشل الجثث من موقع تحطّم الطائرة، كان الرئيس فلاديمير بوتين يلقي كلمة بمناسبة الذكرى الثمانين لمعركة كورسك في الحرب العالمية الثانية.
وزار بوتين هذه المنطقة الواقعة في جنوب غرب روسيا قرب الحدود مع أوكرانيا لإحياء هذه الذكرى أمام حشد من مواطنيه.
ولم يتطرّق الرئيس الروسي في كلمته إلى تحطّم الطائرة، مكتفياً بتوجيه تحيّة إلى الجنود الروس “المخْلصين” الذين “يقاتلون بشجاعة وتصميم” في أوكرانيا.
The private plane of Wagner owner Yevgeny Prigozhin crashed in the Tver region. Prigozhin was on the passenger list. Wagner accused Russian air defense forces of shooting down the plane on the “Greyzone” channel. #Russia #DisneyBundle #Prigozhin pic.twitter.com/77xIugOq8b
— catherine (@catherine12451) August 23, 2023
وشدّد الرئيس الروسي على أنّ “الإخلاص للوطن والولاء للقَسَم العسكري يوحّد جميع المشاركين في العملية العسكرية الخاصة”، الاسم الذي تطلقه موسكو على هجومها على أوكرانيا.
واعتبر مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك في منشور على منصّة “إكس” (توير سابقاً) قبل تأكيد هيئة النقل الجوي الروسية مقتل قائد فاغنر أنّ “التخلّص” من بريغوجين ومن قيادة فاغنر “بعد شهرين على محاولة الانقلاب هو رسالة من بوتين للنخب الروسية قبل انتخابات 2024″، مضيفاً “بوتين لا يسامح أحدا”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد شدّد على أنه “ليس متفاجئاً” من احتمال مقتل بريغوجين لدى ورود أولى أنباء التحطّم.
وقال بايدن “ليست كثيرة الأمور التي تحصل في روسيا ولا يكون بوتين وراءها”، مشدّداً على عدم امتلاكه في الوقت الراهن معلومات كافية لمعرفة الجواب.
وقالت زعيمة المعارضة البيلاروسية في المنفى سفيتلانا تيخانوفسكايا إن بريغوجين “قاتل”، مؤكدة ان “أحدا لن يفتقده”.
وأملت بأن يؤدي “موته إلى تفكيك وجود فاغنر في بيلاروس”.
وكان بوتين وصف بريغوجين، من دون أن يسمّيه، بالـ”خائن” إثر التمرّد الفاشل الذي قاده زعيم فاغنر ضدّ القيادة العسكرية الروسية في يونيو.
وخلال ساعات التمرّد القليلة استولى رجال يريغوجين على مواقع عسكرية في جنوب روسيا قبل أن يزحفوا باتّجاه موسكو.
لكنّ بريغوجين ما لبث أن أوقف زحفه وأنهى تمرّده مساء 24 يونيو باتفاق مع الكرملين توسّطت فيه بيلاروس.
ولأسباب لم تتّضح، بدا أنّ زعيم فاغنر ظلّ يسافر من وإلى روسيا بعد انتفاضته على القيادة العسكرية، حتّى أنّه شارك بعد أيام قليلة من تمرّده الفاشل في اجتماع في الكرملين.
وعلى الرّغم من تمرّده، فقد أفلت بريغوجين من كل الملاحقات القانونية.
فيديو من أفريقيا
ومساء الإثنين، ظهر بريغوجين في مقطع فيديو نشرته مجموعات قريبة من فاغنر على وسائل التواصل الاجتماعي، قال فيه إنّه موجود في أفريقيا ويعمل على “جعل روسيا أعظم في جميع القارات وضمان مزيد من الحرية في إفريقيا”.
وكان ذلك أول ظهور لبريغوجين منذ أن قرّر وقف تمرّده ضدّ الحكومة الروسية في يونيو الماضي.
وبدا بريغوجين في الفيديو مسلّحًا ويرتدي ملابس عسكرية في منطقة صحراوية.
وقال في الفيديو الذي بُثّ على حسابات في تطبيق تلغرام مقربة من مجموعته، “نحن نعمل! درجة الحرارة +50، مثلما نحبّها تماماً. مجموعة فاغنر تنفّذ مهمة استطلاعية، وهذا يعزّز عظمة روسيا في جميع القارات ويضمن مزيداً من الحرية لإفريقيا”.
وبعد أن قال إنّ مجموعته تمثّل “كابوسًا” لجهاديي تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة، دعا بريغوجين إلى التطوّع في صفوف مجموعته “لتحقيق المهام التي تمّ تحديدها والتي وعدنا بالوفاء بها”.
ولم يذكر في أيّ بلد هو، فيما تتواجد المجموعة في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.
منذ انتهى تمرّد الـ24 ساعة الذي نفّذه في روسيا، لم يتواصل بريغوجين مع العالم سوى عبر رسائل صوتية بُثّت على تلغرام، وذلك خلافاً لما اعتاد أن يفعل عندما كان في أوكرانيا حين كانت وسيلته المفضّلة في التواصل الإعلامي هي تسجيلات الفيديو.
وأضرّ تمرّد فاغنر بهيبة روسيا، وانتهى مساء 24 يونيو باتّفاق ينصّ على مغادرة بريغوجين إلى بيلاروس، وخُيّر مقاتلوه بين الانضمام إليه هناك أو الالتحاق بالجيش الروسي النظامي أو العودة إلى الحياة المدنية.
وفي حين استقر بعض مقاتلي فاغنر في بيلاروس حيث عملوا خصوصاً “مدرّبين” لجنودها، ظلّ مكان بريغوجين مجهولاً.
ويأتي تحطّم الطائرة في نفس اليوم الذي أعلنت فيه موسكو أنّ الجنرال سيرغي سوروفيكين، قائد القوات الجوية الروسية وأحد أبرز ضباط الجيش، أُعفي من مهامه.
وجمعت صلات وثيقة بين الجنرال سوروفيكين الذي اشتهر بصلابته وقسوته، ومجموعة فاغنر.
وسرت شائعات منذ أسابيع عن عزله في أعقاب تمرّد المجموعة.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير نقلًا عن مصادر في الاستخبارات الأميركية، أن سوروفيكين كان على علم مسبق بتمرّد بريغوجين وأنّه قد يكون اعتُقل. لكنّ الكرملين نفى المعلومات الواردة في التقرير، من دون أن يلغي ذلك الغموض الذي يلفّ مصيره.