ملاحظات حول الخلاصات الأولوية للجنة استطلاع المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول ما عرفته الحدود بين الناظور ومليلية المحتلة يوم 24 يونيو الماضي، حضرت في بيان للمنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان.
ومع تسجيل البيان أن “إعداد هذا التقرير يبرز دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان كآلية وطنية لحماية حقوق الإنسان”، وتثمينه لما ورد في التقرير من “خلاصات ومقترحات لتفنيد المغالطات والادعاءات والمزايدات والتلفيقات الواردة في بعض المنابر الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي”، ساءل المنتدى “تأخر المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إيفاد لجنة للتقصي، خاصة وأن هذه المؤسسة الوطنية باعتبارها آلية لحماية حقوق الإنسان يمكن لها التدخل تلقائيا واستباقيا لرصد انتهاكات حقوق الإنسان وكذا لتفادي حالات التوتر”.
وتساءل المصدر ذاته عن “دور اللجنة الجهوية بجهة الشرق ومدى نجاعتها وفعاليتها بالمنطقة”، لأنه كان ينبغي أن “تقوم بدور الوساطة مع المهاجرين، خاصة وأن مواجهات عنيفة حصلت قبل أحداث 24 يونيو 2022، بغية اجتياز السياج الحديدي المحيط بمدينة مليلية، ولاسيما في شهر مارس 2022″، كما كان يفترض أن “تثير انتباه المجلس الوطني لحقوق الإنسان والسلطات المحلية بشأن التطورات الميدانية الحاصلة”.
وذكر المنتدى أن ما تضمنته الخلاصات الأولية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان “يمكن أن يستشف منه اتهام مباشر وصريح للسلطات الإسبانية من قبل مؤسسة وطنية، مما قد يخلق توترا بين البلدين”، كما سجل “عدم مساءلة شبكات الاتجار الدولي في البشر والجريمة المنظمة”، و”عدم مساءلة عداء دولة الجوار (الجزائر) التي أرادت أن تجعل لهذه الأحداث طابعا سياسيا وحقوقيا بعد تورطها المباشر في ولوج أفواج من المهاجرين إلى المغرب”، وفق تعبير المصدر.
كما انتقد المنتدى عدم تركيز المجلس على “ضرورة وقف كل عمليات الترحيل القسري الجماعية وغير القانونية للمهاجرين غير النظاميين”، والحاجة إلى “مراجعة الاتفاقيات الثنائية التي يقع على أساسها الترحيل القسري”، فضلا عن “عدم الإشارة إلى الوضعيات الخاصة والصعبة للمهاجرين وطالبي اللجوء: النساء، والأطفال، والأشخاص في وضعية إعاقة”.
وثمن المنتدى ما ورد في التقرير حول “عدم لجوء القوات العمومية المغربية لأي إطلاق للنار”، و”قيام عناصر القوات العمومية بواجبها في احترام تام للقانون” دون اللجوء لـ”استعمال العنف المفرط رغم الطبيعة العنيفة والمسلحة للمهاجمين وعددهم الكبير والمنظم”.
كما سجل إيجابا ما ورد حول “تمكين المتهمين الموقوفين من محامين في إطار المساعدة القضائية”، و”إجراء التشريح الطبي وتحليل الحمض النووي (ADN) على جثث المتوفين لتحديد هوياتهم وتحديد أسباب الوفاة، بما يضمن حقوق العائلات”، إضافة إلى “قيام اللجنة الاستطلاعية بزيارة/معاينة إلى مقبرة سيدي سالم، حيث تأكد لها أنه لم يتم دفن أي مهاجر توفي خلال اقتحام السياج، وأن الوفيات ما تزال جميعها بمستودع الأموات”.
يذكر في هذا الإطار أن آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قد قالت في تقديم الخلاصات الأولية للجنة الاستطلاعية إنه “لا يمكن أن نوقف الهجرة بالتدبير الأمني حصريا”، مسجلة أن “السياجات والحواجز والأبواب المغلقة لن توقف توافد المهاجرين”، كما دعت إلى “منطق جديد، بنسق متكامل شامل للتنمية والتعاون وشراكةٍ متكافئة، لا أن تغلق أوروبا أبوابها وتجعل من بلدان الجوار البلدان التي تدير التوافد والإشكالات وما يترتب عنها؛ بما فيها هذه الإشكاليات الجديدة”.
ووصف المجلس أحداث معبر مليلية بـ”المأساة الحقيقية” الناتجة عن “هجرة غير آمنة وغير منتظمة وغير نظامية”، توافد فيها “آلاف المهاجرين عبر قنوات غير نظامية”، وهو ما “جعلنا نعيش فواجع بوفاة 23 شخصا وإصابة 217 شخصا آخر”.
وربطت اللجنة الاستطلاعية أغلب أسباب الوفاة بـ”الاختناق الميكانيكي والتدافع والسقوط من أعلى السور”، منتظرة “نتائج التشريح الطبي لتحديد سبب الوفاة لكل حالة على حدة، وكذلك تحاليل الحمض النووي لتحديد هويتهم وضمان حقوق عائلات المتوفين”.
كما ذكرت اللجنة أنها قد توصلت بإفادات، من جمعيات غير حكومية، “تشير إلى فرضية العنف ما وراء السياج بفعل إحجام وتردد السلطات الإسبانية في تقديم المساعدة والإسعاف، رغم التدافع والازدحام والإغلاق المحكم للبوابات الحديدية…”.
وذكرت كلمة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال تقديم الخلاصات الأولية أن “الوفيات والإصابات بمعبر مليلية ترمز لمعاناة حقيقية وتنم عن فقدان الأمل، لذلك، نرجو أن لا يذهب ما ترتب عن هذه المعاناة والمأساة التي تركوها وراءهم دون التقدم في إيجاد ظروف عيش بسلام وكرامة للمهاجرين أينما حلوا وارتحلوا”.