استقبل النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، الجمعة، OLGA SANCHEZ CORDERO، رئيسة مجلس الشيوخ بالولايات المتحدة المكسيكية، التي تقود وفدا برلمانيا هاما في زيارة عمل للمغرب بدعوة من رئيس المجلس.
وبهذه المناسبة، أجرى الطرفان مباحثات هامة تناولت تحليلا معمقا لمختلف القضايا المدرجة في ملف العلاقات الثنائية التاريخية بين المغرب والمكسيك، والتي تمتد إلى سنة 1962، حيث تتزامن السنة الجارية مع حلول الذكرى الـ60 لإقامة هذه العلاقات.
في هذا الإطار، وعند استعراضه أهم المعالم في سجل التعاون الثنائي بين البلدين، أكد ميارة أن “حجم التعاون الاقتصادي بين البلدين لا يرقى إلى مستوى العلاقات السياسية الطيبة”، مشيرا إلى أن “هناك قطاعات استراتيجية واعدة يتوفر فيها البلدان على تجارب رائدة، وتتيح إمكانيات حقيقية لتعزيز التعاون وتعميق الشراكة بينهما، لا سيما في القضايا المرتبطة بتدبير تدفقات الهجرة، ومجال صناعة السيارات والطائرات، والقطاع الزراعي”.
وأبرز ميارة “الأهمية القصوى التي يكتسيها التعاون المغربي المكسيكي على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، من خلال التنسيق والتشاور الدائم بخصوص القضايا ذات الاهتمام المشترك في العديد من المنظمات والمحافل الدولية”، مضيفا أن المملكة المغربية ترتكز في سياستها الخارجية على تعزيز التعاون جنوب- جنوب، لاسيما مع دول أمريكا اللاتينية، وهو ما جسدته الزيارة التاريخية للملك محمد السادس سنة 2004 لمجموعة من دول المنطقة، ضمنها المكسيك.
وعلى المستوى البرلماني، ركز رئيس مجلس المستشارين على “أهمية التعاون البرلماني كقاطرة للدفع بالتعاون الثنائي وتوطيده، ومد جسور التعاون والتقارب بين الشعبين الصديقين”، ملفتا الانتباه إلى “الإرادة القوية لمجلس المستشارين بغية تطوير روابط التعاون مع مجلس الشيوخ المكسيكي، وإرساء قنوات دائمة للحوار البرلماني المغربي-المكسيكي تمكن من المواكبة المستمرة للعلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف”.
من جهة أخرى، أعرب رئيس مجلس المستشارين عن اعتزازه بالدعم المكسيكي لمبادرات مجلس المستشارين الرامية إلى إرساء حوار برلماني مثمر لمجالس الشيوخ جنوب- جنوب، خاصة بين مجالس الشيوخ في إفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية، وجعل هذا الحوار في خدمة القضايا العادلة لدول الجنوب، وتحقيق تطلعات وطموحات شعوبها التواقة إلى مزيد من الاستقرار والتنمية والازدهار.
من جانبها، تحدثت رئيسة مجلس الشيوخ المكسيكي عن “أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين المغرب والمكسيك بالنظر إلى موقعهما ومكانتهما ووزنهما الاستراتيجي في محيطهما الجهوي”، مشيرة إلى أن “البلدين يتقاسمان الهواجس ذاتها بخصوص معضلة الهجرة غير المنظمة، باعتبار المكسيك بوابة للولايات المتحدة الأمريكية والمغرب بوابة لأوروبا، ويواجهان نتيجة لذلك نفس التحديات والصعوبات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية في تدبير موجات الهجرة”.
وأشارت OLGA SANCHEZ CORDERO، في هذا السياق، إلى أن بلادها، كما هو الشأن بالنسبة للمغرب، كانت سباقة إلى المصادقة على ميثاق مراكش من أجل هجرة آمنة منظمة ونظامية، وأنها شرعت، تنزيلا لهذا الميثاق، في تعزيز الحماية القانونية للمهاجرين، خاصة القاصرين، من أجل وضع حد لهذه المعاناة الإنسانية المتفاقمة.
من جهة أخرى، ركز الوفد البرلماني المكسيكي على أهمية استثمار حلول الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات المغربية المكسيكية من أجل إعطاء دفعة قوية لهذه العلاقات بما يغني مسار التعاون في القضايا ذات الأولوية، خاصة في ميادين محاربة الفساد والطاقات النظيفة والتبادل الثقافي والأكاديمي.
وأكد الوفد أن مجلس الشيوخ المكسيكي، الذي يستعد لتنظيم احتفالية بهذه الذكرى، يتتبع باهتمام سياسات المغرب، خصوصا في مجالات محاربة التغير المناخي، وتقنين استخدام القنب الهندي في الأغراض الطبية والصناعية، معربا في هذا الصدد عن تطلعه إلى الاستفادة من الخبرات المغربية في الموضوع.
وارتباطا بقضية الوحدة الترابية للمملكة، وبعد أن تطرق إلى التداعيات الوخيمة لعدم الاستقرار بمنطقة الساحل والصحراء على المنطقة ككل، قدم رئيس مجلس المستشارين للوفد المكسيكي لمحة عن النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، واستمرار المأساة الإنسانية التي يعانيها المحتجزون في تندوف.
كما سلط ميارة الضوء على الجهود التي يبذلها المغرب من أجل إيجاد حل متوافق عليه من خلال طرحه مقترح الحكم الذاتي النابع من الإرادة الحرة للصحراويين المغاربة، مقابل تمسك الأطراف الأخرى بمقاربات متجاوزة لا تساير تطورات العصر الحالي.
وأعرب رئيس مجلس المستشارين، بالمناسبة، عن أمله في أن تبدي دولة المكسيك تفهما أكبر للموقف المغربي، من خلال تصحيح موقفها وتبني الحياد الإيجابي بما يساعد في دعم جهود الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي متوافق عليه. فيما تعهد رئيس لجنة الخارجية بمجلس الشيوخ المكسيكي، الذي يتمتع بالاختصاص الحصري لمراقبة السياسة الخارجية للمكسيك، بنقل دعوة رئيس مجلس المستشارين بكل أمانة إلى وزارة الشؤون الخارجية والجهات المسؤولة بالمكسيك.