أحالت الحكومة مشروع قانون إطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار على مجلس النواب، في أفق مناقشته في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية. ويتضمن هذا النص مقتضيات جديدة تسعى للرفع من مردودية الاستثمار في المغرب ليساهم في النمو الاقتصادي.
ويهدف الميثاق إلى تحقيق ثمانية أهداف أساسية، هي إحداث مناصب شغل قارة، وتقليص الفوارق بين أقاليم وعمالات المملكة في مجال جذب الاستثمارات، وتوجيه الاستثمار نحو قطاعات الأنشطة ذات الأولوية ومهن المستقبل، وتعزيز جاذبية المملكة من أجل جعلها قطباً قارياً ودولياً للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتشجيع الصادرات وتواجد المقاولات المغربية على الصعيد الدولي، وتشجيع تعويض الواردات بالإنتاج المحلي، وتحسين مناخ الأعمال وتسهيل عملية الاستثمار، والرفع من مساهمة الاستثمار الخاص، الوطني والدولي، في مجموع الاستثمارات المنجزة.
وينص الميثاق على قيام سياسة الدولة في مجال تنمية الاستثمار على مبادئ حرية المقاولة والمنافسة الحرة والشفافية والمساواة في معاملة المستثمرين كيفما كانت جنسيتهم، والأمن القانوني ومبادئ الحكامة الجيدة.
وسيسهر على تنزيل السياسات العمومية في مجال تنمية الاستثمار وتشجيعه كل من السلطات الحكومية المختصة في مجال الاستثمار والمؤسسات والمقاولات العمومية المعنية، والجهاز الوزاري الذي سيحدث بموجب القانون الإطار، إضافة إلى المراكز الجهوية للاستثمار ولجانه الجهوية.
وتستثنى من تطبيق القانون الإطار مشاريع الاستثمار المنجزة في القطاع الفلاحي التي تظل خاضعة للنصوص التشريعية والتنظيمية السارية عليها.
ومن أجل تحقيق أهداف الميثاق، ستضع الدولة أنظمة لدعم الاستثمار تتكون من نظام أساسي يتضمن المنح المشتركة للاستثمار، ومنحة إضافية للاستثمار تسمى “منحة ترابية”، ومنحة إضافية أخرى تسمى “منحة” قطاعية، وأنظمة خاصة تخصص لمشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي وللمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة ولتشجيع المقاولات المغربية على التواجد على الصعيد الدولي.
ويجب على كل مستثمر يرغب من الاستفادة من نظام الدعم المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي أو الخاص بتشجيع المقاولات المغربية على التواجد على الصعيد الدولي، أن يبرم مع الدولة اتفاقية استثمار تحدد على وجه الخصوص التزامات الدولة والمستثمر وكيفيات تنفيذها.
وعلاوة على أنظمة الدعم، يستفيد كل مشروع استثماري كان موضوع اتفاقية مبرمة مع الدولة من امتيازات ضريبية وجمركية.
ومن أجل تشجيع الاستثمار، ينص الميثاق على استفادة الأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين الأجانب، سواء كانوا مقيمين بالمغرب أو غير مقيمين، والأشخاص الذاتيين المغاربة المستقرين بالخارج الذين ينجزون في المغرب استثمارات ممولة بعملات أجنبية، من نظام للتحويل يضمن لهم الحرية.
وسيتيح هذا النظام تحويل الأرباح الصافية دون تحديد للمبلغ أو المدة، وتحويل حصيلة تفويت الاستثمار أو تصفيته كلا أو بعضا، بما في ذلك فائض القيمة.
ومن أجل ضمان حكامة للاستثمار، ستحدث الحكومة جهازاً وزارياً يعهد إليه بالمصادقة على كل مشروع من مشاريع اتفاقيات الاستثمار المعدة في إطار نظام الدعم الأساسي، والبت في الطابع الاستراتيجي لمشاريع الاستثمار من عدمه، والمصادقة على مشاريع اتفاقيات الاستثمار المعدة في إطار الدعم الخاص المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي.
كما سيقوم الجهاز بإنجاز تقييم دوري لفعالية أنظمة الدعم المنصوص عليها في القانون الإطار واقتراح التعديلات الضرورية لتقويم الاختلالات التي تم رصدها، وتتبع تفعيل أحكام القانون الإطار، واقتراح أي تدبير من شأنه النهوض بالاستثمار وتعزيز جاذبية المملكة إزاء المستثمرين.
وتنص مقتضيات القانون على إصدار النصوص الضرورية لتطبيقه أحكام في أجل لا يتعدى العام من تاريخ صدور الميثاق في الجريدة الرسمية.
جدير بالذكر أن القانون الإطار المتعلق بميثاق الاستثمار يأتي بعد 26 سنة من تطبيق القانون الإطار رقم 18.95 بمثابة ميثاق للاستثمارات.
ويأتي القانون الجديد بهدف تنفيذ إصلاح في سياسة الدولة في مجال تنمية الاستثمار وتشجيعه من أجل ملاءمتها مع متطلبات النموذج التنموي الجديد.
ويسجل المغرب نسبة استثمار مرتفعة مقارنة بعدد من الدول المتقدمة، لكن مردوديته تبقى ضعيفة وغير كافية لتحقيق نمو اقتصادي مرتفع من شأنه أن يعود بالنفع على المواطنين من خلال تحسين مستوى معيشتهم.
وتفيد المعطيات الرسمية بأن قيمة متوسط الاستثمار تناهز 32,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي ما بين سنتي 2019 و2000، مقابل 25,6 في المائة كمتوسط مسجل على المستوى العالمي.
وتتجاوز نسبة الاستثمار من الناتج الداخلي الخام في المغرب تلك المسجلة في عدد من الدول، من بينها كوريا الجنوبية وتركيا وإسبانيا وفرنسا، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبولندا والبرتغال والبرازيل ومصر.
ويمثل الاستثمار العمومي حوالي الثلثين من الاستثمار الإجمالي في المغرب، فيما تناهز حصة الاستثمار الخاص المنجز من طرف المقاولات حوالي 35 في المائة، وهي نسبة يسعى المغرب لرفعها إلى الثلثين.