“كنت سأنهي أطروحتي مبكرا لو اشتغلت في الجامعة الفرنسية على النساء ضحايا الثقافة أو الإسلام (…) ولو وافقتُ على الاندراج في المعرفة المهيمنة”، هكذا تحدثت نسيمة مجود، الأكاديمية المغربية بجامعة غرونوبل الفرنسية، عن التحديات التي واجهت اشتغالها على موضوع المهاجرات المغربيات المنفردات، في ظل تصوّرات بحثية مسبقة، وأحكام قيمة حول المهاجرات من إفريقيا والعالم الإسلامي.
جاء هذا في ندوة شاركت فيها الأكاديميتان نسيمة مجود وشادية أعراب، نظمتها الشبكة المغربية لصحافيي الهجرات بالعاصمة الرباط.
وفي حديثها عن مسارها البحثي، رصدت مجود عددا من الأحكام البحثية والسياسية المسبقة التي تصوّر النساء بوصفهن ضحايا، لا بوصفهن مقاومات من أجل العيش، فضلا عن الاهتمام بهن من منطلقات بحثية تؤثر فيها “معرفة كولونيالية (برؤية استعمارية)”، وخلاصات معرفية مهيمنة، تراهُن فقط من منطلقات من قبيل “الزواج الإجباري”، و”لم شمل العائلة” و”الحجاب” والهيمنة الثقافية والدينية…
منذ أواخر التسعينيات، اصطدمت الباحثة بهذا الواقع في فرنسا، عندما تمسكت بجدوى الاشتغال في أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه حول موضوع النساء المغربيات المهاجرات بشكل فردي، انطلاقا مما لاحظته في محيطها، والشهادات التي استقتها؛ فكان عليها، بما أنها لم تقبل الاشتغال على موضوع يوافق “المعرفة المهيمنة”، مضاعفة العمل من أجل “إثبات الفرضية”. ساعد الباحثة في هذا الإثبات كثيرا مصدران هما “الأدب” و”الصحافة”.
وحول بحثها إلى جانب شادية أعراب حول وضع المغربيات المهاجرات بين فرنسا ودبي بالإمارات، ذكرت أن ما رصدته، “عكس الأحكام المسبقة” من “اعتراف بقدرتهن أكثر في دبي، وقدرتهن على الاندماج المهني، في أعمال متعددة، أكثر من فرنسا (…) رغم الصورة النمطية التي تلاحقهن خاصة بربط المشتغلات هناك بالدعارة”.
هذا الربط بأعمال حاطة من الكرامة مثل الدعارة الذي يستهدف المغربيات المهاجرات لوحدهن، يؤثر نفسيا على مغربيات من مسارات مهنية متعددة “يبذلن جهدهُن” في العمل.
وحول القدرة على الاندماج، ربطت الباحثتان الأمر أكثر بشبكة العلاقات الاجتماعية، ورفضتا ربط الأمر بتقديم بلدان الاستقبال أدوات للإدماج؛ بل يرتبط الأمر أكثر بالشبكات العائلية، وشبكات الأصدقاء، التي تؤوي، وتوجه، وتقدم المعلومة، والمساعدة للمهاجرة والمهاجر قبل الرحيل عن أرض الوطن، وبعد الوصول إلى بلد الاستقبال.
وفي تعقيب للحقوقي سعيد الطبل، ذكر أنه على الرغم من الاختلافات المرصود في الاندماج المهني بين النموذجين، فإن هناك فرقا واضحا في القابلية للاستغلال في العمل بينهما.