شكلت “ملاءمة التكوينات الجامعية مع حاجيات سوق الشغل” محور لقاء جمع النواب البرلمانيين أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال بوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار هذا الأسبوع، شدد خلاله النواب على التعجيل بتنزيل البرامج المؤهلة للشباب تفاديا للبطالة الناتجة عن الشرخ الحاصل بين برامج التكوين ومتطلبات الشغل.
يوسف شيري، برلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، صرح لهسبريس بأن حل مشكل التناقض بين ما يتلقاه المتعلم خلال سنوات التمدرس وما يتيح سوق الشغل من فرص، لن يتم إلا بالعمل على تنزيل مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي.
وأضاف أن من بين الأهداف التي نص عليها القانون، تزويد المجتمع بالكفاءات والنخب والأطر والعاملين المؤهلين للإسهام في البناء المتواصل للوطن على جميع المستويات، من خلال الإسهام في تكوينهم وتأهيلهم ورعايتهم، والتشجيع والتحفيز على قيم النبوغ والتميز والابتكار في مختلف مستويات منظومة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي ومكوناتها، من خلال تنمية القدرات الذاتية للمتعلمين، وصقل حسهم النقدي، وتفعيل ذكائهم، وإتاحة الفرص أمامهم للإبداع والابتكار وتمكينهم من الانخراط في مجتمع المعرفة والتواصل.
ويدرج القانون ذاته، يورد شيري، التكوين باللغة الإنجليزية في تخصصات وشعب التكوين المهني، إلى جانب اللغات المعتمدة في التكوين، والاعتماد المبكر على التوجيه والإرشاد في الميادين التي يمكن فيها للمتعلمين إحراز التقدم المدرسي والمهني والجامعي الملائم لميولهم وقدراتهم.
من جهة أخرى، طالب النائب البرلماني ذاته بتنزيل ما ينص عليه القانون الإطار حول واجب الدولة في تفعيل نظام للمنح الدراسية لفائدة المتعلمين المستحقين، الذين يوجد آباؤهم أو أولياؤهم أو المتكفلون بهم في وضعية اجتماعية هشة، ووضع نظام للقروض الدراسية لفائدة المتعلمين الذين يرغبون في الاستفادة منها قصد متابعة دراستهم العليا.
كما اعتبر أن على الدولة أن تعمل، اعتمادا على إمكانياتها الذاتية أو في إطار شراكات، على سد الخصاص الحاصل في عدد من مؤسسات التربية والتعليم والتكوين، وتزويدها بالأطر التربوية والإدارية الكافية، والبنيات والتجهيزات اللازمة والملائمة، إضافة إلى العمل على إقامة وتطوير مراكز الدعم النفسي والوساطة بمؤسسات التربية والتعليم والتكوين، وتزويدها بالأطر المتخصصة والكافية، وتعميمها على الصعيد الوطني خلال أجل لا يتعدى ثلاث سنوات، ووضع برامج للتحسيس والتحفيز والمواكبة السوسيولوجية للمتعلمين من أجل الحيلولة دون انقطاعهم عن الدراسة.
من جانبه، قال وزير التعليم العالي في الاجتماع ذاته إن المخطط الوطني لتسريع تحول المنظومة يتوجه لإصلاح بيداغوجي شامل عبر عرض تكويني يكرس التمكين والتميز من خلال تعزيز قابلية التشغيل لدى الخريجين، ودعم قدراتهم على التكيف مع التطورات المتسارعة لسوق الشغل، وتملك الطلبة للحس المدني وقيم المواطنة المسؤولة، والتطوع الجمعوي، والإلمام بالتاريخ العريق للمملكة وروافدها الثقافية ورموزها، ثم إرساء نظام توجيه فعال وناجع، ومحتوى ومقاربات بيداغوجية متجددة ومبتكرة، مع إدراج الكفايات الذاتية والحياتية كجزء لا يتجزأ من مسار التكوين.
وذكر الوزير بمخرجات المناظرات الجهوية حول منظومة التربية والتكوين، التي مثلت فرصة للاستماع والتشاور مع جميع الفاعلين لبلورة مقترحات وإجراءات عملية حول مساهمة المنظومة في تعزيز الاندماج الاقتصادي للشباب.
وتابع في هذا الإطار بأن المشاورات من شأنها المساعدة على إرساء تكوينات ملائمة لمتطلبات التنمية على المستوى الجهوي والمحلي، وتطوير بحث علمي معبئ لإمكانات المجالات الترابية، ووضع برامج للدعم الاجتماعي لفائدة الطلبة من خلال المنح والسكن الجامعي، ودعم برامج الحركية على الصعيدين الوطني والدولي وتوسيع قاعدة المستفيدين منها، وتطوير البنية التحتية والرفع من جودتها، وكذا جعل الجامعة أكثر ارتباطا بمحيطها الترابي.
وبحسب ما أكده الوزير، فقد شرعت الوزارة في التوقيع على حزمة من اتفاقيات الشراكة بغية تكوين رأسمال بشري يستجيب لمتطلبات سوق الشغل، من ضمنها اتفاقية مع وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي لتكوين المهندسين والأطر المماثلة (33500 في أفق 2025)، والتقنيين (62800 في أفق 2025)، واتفاقية مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لتكوين جيل جديد من الأساتذة (96500 مجاز في أفق 2026).
وتعمل الوزارة حاليا بتنسيق مع القطاعات الوزارية المعنية على إعداد اتفاقية مع وزارة التضامن الاجتماعي والأسرة لتكوين أطر المساعدة الاجتماعية (10000 في أفق 2030)، واتفاقية مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة المالية للرفع من عدد الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان المكونين (14123 طبيب، 1390 صيدلي و2343 طبيب أسنان، أي ما مجموعه 17856 في أفق 2025، 2026).
وأشار المسؤول الحكومي إلى أهمية المخطط التشريعي والتنظيمي للوزارة الذي يروم وضع خارطة طريق للنصوص التشريعية والتنظيمية والوثائق المرجعية التي يجب إعدادها وعرضها على مسطرة المصادقة، وحصر لائحة مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية والوثائق والدلائل المرجعية المتعين تحضيرها، واعتماد برمجة زمنية لإعداد مشاريع النصوص اللازمة لتطبيق القانون الإطار مع تحديد الأولويات، وضمان جودة النصوص القانونية من خلال توسيع دائرة التشاور والتنسيق الدائم بين الأطراف المتدخلة.