جهود حثيثة تلك التي قامت بها الآلة الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس عبر انتهاج “دبلوماسية هادئة وناعمة وبعيدة عن الأضواء” أفضت إلى موافقة إسرائيل على فتح المعبر الحدودي “اللنبي” (المعروف أيضا باسم جسر الملك حسين أو معبر “الكرامة”) الذي يربط الضفة الغربية بالأردن، باعتباره المنفذ الحدودي الوحيد للفلسطينيين على العالم الخارجي.
وكانت ميراف ميخائيلي، وزيرة المواصلات والنقل الإسرائيلية، قد باشرت، منذ أشهر، اتصالات بجهات أمريكية وأطراف مغربية وفلسطينية من أجل العمل على فتح معبر “اللنبي” بين إسرائيل والأردن بشكل متواصل زمنيا في وجه حركة الأشخاص والبضائع.
موقع “القناة السابعة” العبري أورد أن هذه الخطوة ودفعها قدُما قد تم في أعقاب زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للشرق الأوسط؛ إذ من المتوقع أن تتم أجرأتُها، في شتنبر المقبل، بمجرد “نضج الظروف اللوجستية، بما في ذلك توظيف القوى العاملة المطلوبة”.
وكشفت مصادر رفيعة داخل الإدارة الأمريكية عن تفاصيل أكثر حول الدور المغربي في عملية الفتح الدائم لمعبر الملك حسين/اللنبي، مبرزة وفق ما كشفه مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن “المغرب لعب دورا رئيسيا في القرار الإسرائيلي بمنح الفلسطينيين حق الوصول على مدار الساعة إلى معبر اللنبي الحدودي”.
ولم تفوّت الوزيرة ميخائيلي، في تغريدة نشرتها على حسابها بموقع “تويتر”، الجمعة 15 يوليوز الجاري، فرصة التعبير عن “شكرها للرئيس الأمريكي جو بايدن والملك محمد السادس والمملكة المغربية على التزامهم المتواصل وجهودهم لتعزيز السلام والازدهار في منطقة الشرق الأوسط”.
وعن دلالات الوساطة المغربية لإعادة فتح معبر “اللنبي” بشكل متواصل ودائم، أوضح الدكتور إدريس لكريني، مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض – مراكش، أن هذه الخطوة هي “نتاج تحركات دبلوماسية هادئة وبنّاءة كان للمغرب يد فيها، باحترافيته المعهودة وبعلاقاته المتوازنة مع مختلف الأطراف”.
وأضاف لكريني، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “المبادرة ستكون لها انعكاسات إنسانية واجتماعية واقتصادية بالنسبة للشعب الفلسطيني، معززة بذلك “مكسب دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة”، ومتوقعا في السياق ذاته أن “تليها خطوات أخرى، على اعتبار أنها مبادرة وازنة ستخفف العبء على الفلسطينيين الذين طالما عاشوا وكأنهم محاصرون داخل أراضيهم”.
من جانب آخر، قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مراكش إن الخطوة تبرز تمسك المغرب بالقضية الفلسطينية، باعتبارها قضية وطنية إنْ على المستوى الشعبي أو المستوى الرسمي؛ لا سيما أن الملك هو رئيس لجنة القدس، وطالما رافع من أجلها داخل المؤسسات الإقليمية كما الدولية”، لافتا إلى أنها تأتي بمثابة “ردّ على كل الأصوات والأوهام التي كانت تروّج لفكرة تخلي المغرب عن القضية الفلسطينية، أو تراجُع حضورها ضمن أجندته السياسية الخارجية”.
وتوقع الأكاديمي ذاته أن “الحضور المغربي في المحافل الإقليمية والدولية سيدعم هذه القضية ويعزز جهود حلها بكل تأكيد، خصوصا أنها تنضاف إلى مبادرات كثيرة قادتها المملكة المغربية على مستويات إنسانية ودبلوماسية واقتصادية، فضلا عن سعيها إلى لمّ الشمل الفلسطيني والدفاع عن حقوقه المشروعة”.
في سياق متصل، أكد خليل التفكجي، مدير الخرائط في مؤسسة “بيت الشرق” بالقدس، في تصريح صحافي، أن الدبلوماسية المغربية أثبتت مرة أخرى أنها دبلوماسية هادئة وناعمة وفي خدمة الفلسطينيين والقضية الفلسطينية، معبرا عن شكره وامتنانه للملك على مواقفه إزاء قضية الشعب الفلسطيني.
وتابع المسؤول الفلسطيني قائلا: “نتطلع إلى أن يواصل جلالة الملك جهوده حتى تحقيق آمال الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة”، مذكرا أن الملك بصفته رئيسا للجنة القدس ما فتئ يدعم صمود المقدسيين والحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية لمدينة القدس.