مازالت الأحداث الدامية التي عرفتها المنطقة الحدودية الفاصلة بين الناظور ومليلية تثير الكثير من الجدل الأمني، بخصوص مسارات الهجرة التي اتبعها المهاجرون غير النظاميون الذين دخلوا في مواجهات عنيفة مع عناصر الشرطة.
وتبعاً للمعطيات المتوفرة لجريدة هسبريس الإلكترونية، ينحدر أغلب المهاجرين الذين أقدموا على عملية تسلقّ السياج المعدني من إقليم دارفور بالسودان، وكذا من تشاد ومالي؛ بالإضافة إلى مهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
ولطالما كان مسار الهجرة المعتاد بالسودان ينطلق من الخرطوم في اتجاه ليبيا أو تونس، ومنهما إلى إيطاليا، لكن المسار الجديد غير اعتيادي، لأن المهاجرين السودانيين توجهوا إلى تشاد وليبيا، وبعدها إلى الجزائر، ومن ثم إلى المغرب.
ويتمركز أغلب المهاجرين غير النظاميين بغابات جبل “كوروكو” بالناظور، في انتظار تنفيذ محاولات العبور لثغر مليلية. لكن السلطات المغربية بدأت “محاصرة” تلك المخابئ على امتداد الأشهر الماضية، وتفكيك مخيمات المهاجرين غير القانونيين.
هذه الأحداث ليست الأولى من نوعها بالمنطقة، إذ تعود آخر محاولة ضخمة لعبور السياج الحدودي الفاصل بين الناظور ومليلية إلى مارس الماضي، بعد قيام نحو 2000 مهاجر غير نظامي باقتحام السياج، لكن المحاولة باءت بالفشل.
وبهذا الخصوص، أشار بلاغ لوزارة الخارجية السودانية إلى أنها “تلقت معلومات من سفارة السودان لدى المغرب تفيد بأن عددا من المهاجرين غير الشرعيين حاولوا اقتحام السياج الفاصل بين مدينة الناظور المغربية وجيب مليلية الخاضع للسلطة الإسبانية”.
وواصل البلاغ: “توفي عدد من المهاجرين غير الشرعيين إثر ذلك؛ من بينهم اثنان من المواطنين السودانيين، بحسب مصادر غير مؤكدة. من جانبها تواصلت سفارة السودان بالرباط، في يوم الحادث ذاته، مع السلطات المغربية المختصة، للحصول على معلومات رسمية”.
وفي هذا السياق، قال محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، إن “أغلب المهاجرين الموقوفين ينحدرون من السودان وتشاد، وقد خاضوا رحلة طويلة للوصول إلى الأراضي المغربية”.
وأضاف بنعيسى، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الرحلة تستغرق من سنة إلى سنتين لبلوغ التراب المغربي، إذ تنطلق من السودان باتجاه تشاد وليبيا والجزائر فالمغرب”.
وأرجع الفاعل الحقوقي طول مدة الرحلة إلى “ارتفاع تكاليف الهجرة غير النظامية”، وزاد شارحا: “يتوقف المهاجرون بكل محطة للاشتغال طيلة أشهر في بعض المهن الموسمية لتأمين مصاريف الهجرة إلى دولة جديدة”.
وانتقد المتحدث ذاته “ضعف المراقبة الأمنية بالحدود الجزائرية المحاذية لوجدة، حيث تدفقت موجات الهجرة غير النظامية بأعداد كبيرة في الأشهر الماضية، لتخترق بذلك الحدود المغربية”.
وأشار المصدر عينه إلى أن “الصحراء الكبرى بالجزائر تساعد المهاجرين غير النظاميين على الفرار نحو المغرب، بالنظر إلى انتشار الجماعات الإرهابية وشبكات الاتجار بالبشر بتلك المنطقة الشاسعة”.
وبخصوص غابات جبل “كوروكو” بالناظور، لفت رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان إلى أن “تلك الغابة عبارة عن مجتمع محلي مصغر، تسيطر عليه شبكات إجرامية تستفيد من إتاوات المهاجرين لتأمين الحماية والتغذية”.
وأكد بنعيسى أن “تلك الجماعات الإجرامية تدفع عمولات مالية لبعض الأشخاص لعرقلة مهام قوات الأمن المغربية أثناء تنفيذ المداهمات المفاجئة، وكذا أثناء التسلل للسياج الحدودي”.