في ظل تراجع القطاع الفلاحي بجهة درعة تافيلالت بسبب موجة جفاف غير مسبوقة في تاريخ المنطقة، أصبح القطاع السياحي بهذه الجهة من القطاعات الواعدة للنهوض بها اقتصاديا وتنمويا واجتماعيا، لما تتوفر عليه من موارد سياحية وعوامل جذب للسياح متنوعة ومختلفة.
وتمتلك جهة درعة تافيلالت، المكونة من أقاليم ميدلت، الرشيدية، تنغير، ورزازات وزاكورة، مناطق خلابة من الجبال والأدوية والمضايق، وشريطا حدوديا، وتتميز بتنوع المناخ الذي يجعل السياحة بالجهة تستمر على مدار السنة، لكن ضعف تسويق ما تزخر بها من مؤهلات يجعلها غير معروفة وجهة عبور فقط.
وتصنف جهة درعة تافيلالت في الخريطة السياحية من أجل مناطق السياحة بالعالم، إلا أن الجهة لم تسطع إلى اليوم أن تنجح في دفع عجلة تطور ورقي هذا القطاع بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة المعالم والأهداف، وموقع السياحة في الجهة في الاقتصاد الوطني، وغياب الاحترافية في الميدان السياحي، وغياب استراتيجية تسويقية لتطوير القطاع.
وأجمع عدد من مهنيي القطاع السياحي بجهة درعة تافيلالت على أن تطوير السياحة لم يعد حكرا فقط على توفر الموارد السياحية ومناطق الجذب السياحي، وإنما في كيفية استخدام واستغلال تلك الموارد في صناعة السياحة، وكذا تعاون كافة العناصر والإمكانيات والجهود التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالقطاع السياحي.
في هذا الإطار، قال عبد الحميد موجان، مهني سياحي، من إقليم تنغير، إن التسويق السياحي يعتبر اليوم من أهم الخطوات التي تقوم عليها صناعة السياحة، خاصة في ظل المنافسة التي تعرفها السياحة على المستوى العالمي، مضيفا أن التسويق السياحي هو عملية تهدف إلى دراسة السوق السياحي ومتطلباته ومحاولة تقديم منتج يحظى برضا السياح، باستعمال ما يتوفر عليه البلد من إمكانيات سياحي طبيعية وصناعية.
وأضاف موجان، في تصريح لهسبريس، أن النشاط التسويقي لقطاع السياحة بجهة درعة تافيلالت أصبح ضرورة لا تحتاج إلى تأكيد، مبرزا أن التسويق يعتبر وسيلة لتحقيق أهداف معينة ويحتاج إلى أسس علمية سليمة يبنى عليها وإلى تقييم دقيق لفاعليته، وذلك لضمان مسيرته نحو تحقيق تلك الأهداف المسطرة.
مهنيو قطاع السياحة بهذه الجهة، خاصة الذين حاورتهم هسبريس، أجمعوا على أن الوزارة الوصية والقطاعات التابعة لها لم يسبق لهما أن نظما دورات تكوينية لفائدة المهنيين من أجل تزويدهم بمعلومات ومعطيات بخصوص كيفية تسويق المنتوج السياحي وجعله وسيلة للمساهمة في الاقتصاد الوطني والمحلي، موضحين أن دورات تكوينية في هذا الإطار ستلعب دورا مهما في توعية المهنيين وتحسيسهم بأهمية التسويق.
وتزخر جهة درعة تافيلالت بمؤهلات سياحية طبيعية وإيكولوجية يمكن أن تساهم في الاقتصاد الوطني والمحلي، إلا أن غياب التسويق والإشعاع الإعلامي يجعل هذه المؤهلات غير موجودة في الخريطة السياحية، يقول علي برغن، إعلامي من الجهة، داعيا الإعلام بجميع أصنافه إلى المساهمة في الإشعاع والتسويق لبلوغ الأهداف.
وأضاف برغن، في تصريح لهسبريس، أن “الوزارة الوصية عليها تخصيص اعتمادات مالية لتسويق المنتوج السياحي والترويج له إعلاميا من خلال منابر إعلامية متعددة وأكثر مقروءة في المغرب والعالم”، مشيرا إلى وجود “سياسة إقصاء تمارس في حق هذه الجهة من قبل جميع القطاعات الحكومية، وذلك بسبب ازدواجية التعامل مع جهات المغرب؛ فجهة يتم إشعاعها وجهة يتم تفقيرها”، وفق تعبيره.
مسؤول بالمديرية الجهوية لوزارة السياحة بدرعة تافيلالت قال إن هذه الأخيرة تتوفر على مؤهلات سياحية كبيرة قادرة على أن تجعل منها أول جهة سياحية بالمغرب، مضيفا أن “الوزارة الوصية تقوم بمجهودات كبيرة لتطوير وتسويق المنتوج السياحي المتوفر بالجهة، فقط على المهنيين تقديم يد العون والمساهمة لتحقيق الهدف”.
وتابع المتحدث ذاته بأن “الوزارة تعمل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الجهات، وتبحث عن حلول لتطوير القطاع في جميع ربوع المملكة دون تمييز بين هذه الجهة وتلك، وتتم دراسة المؤهلات والإمكانيات المتوفرة لدى كل جهة من الجهات”، داعيا القطاعات الأخرى، وعلى رأسها المجالس المنتخبة، إلى التحرك بدورها في هذا الإطار لتحقيق لجميع الأهداف المنشودة.