في ظل حديث وزارة الصحة المغربية عن “موجة وبائية رابعة” تعيشها المملكة منذ ستة أسابيع، وهو ما تجسد في ارتفاع مطّرد لحالات الإصابة ومعدلات إيجابيات التحاليل والكشوفات الخاصة بـ”فيروس كورونا”، فضلا عن بلوغ الوفيات 11 حالة يومياً منذ أيام قليلة، يتجدد النقاش، مرة أخرى، في أوساط المغاربة عن “احتمال عودة الإجراءات الاحترازية ضد كورونا”، بما يشمل إمكانية اتخاذ السلطات الحكومية قرارات تفضي إلى التشديد، بعد فترة تخفيف طويلة عادت معها الحياة إلى طبيعتها تقريبا.
تأكيداتُ جدّية تدهور الوضع الوبائي بالمغرب وردت على لسان الدكتور معاذ المرابط، منسق المركز الوطني لعمليات الطوارئ العامة بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، الثلاثاء الماضي، خلال آخر تصريح شهري حول التتبع الرسمي لتطور الجائحة، حيث أشار إلى أن “الحالات الخطيرة والحرجة الجديدة الوافدة على أقسام العناية المركزة والإنعاش بدأت ترتفع دون أن تصل إلى المستوى الذي بلغته خلال موجة أوميكرون الأولى”.
وجدد المرابط دعوة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية كافة المواطنات والمواطنين إلى “الالتزام باتخاذ الإجراءات الوقائية خلال هذه الأيام وطيلة أيام عيد الأضحى المبارك لتفادي ارتفاع أكبر للحالات”، مهيبة بالأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض تنفسية أن يقوموا بارتداء الكمامة الواقية والتوقف عن أي نشاط مهني أو اجتماعي، مع التوجه إلى المؤسسات الصحية للتشخيص وتلقي العلاج المناسب.
وخلصت نتائج استطلاع للرأي أجرته جريدة هسبريس الإلكترونية خلال الأسبوعين الماضيين، شارك فيه 7419 شخصا صوتوا عن سؤال “هل أنتم مع عودة الإجراءات الاحترازية ضد كورونا؟”، إلى أن حوالي 74 في المائة من المستجوبين أجابوا بـ”لا”، بينما لم تتجاوز آراء الذين صوتوا بـ”نعم” 26.54 بالمائة.
البروفيسور سعيد المتوكل، عضو اللجنة العلمية لمكافحة جائحة “كوفيد-19″، علق على هذه النتائج بالقول إنها لم تفاجئه، معتبرا إياها “متوقعة في ظل نهج المغرب استراتيجية التعايش مع فيروس كورونا منذ مدة، وعدم قدرتهم على تحمل تبعات الوباء اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا”.
وأوضح المتوكل، في تصريح لهسبريس، أن انتشار المتحور “أوميكرون” الفرعي “BA.5” حاليا، أصبح لا يشكل خطرا كبيرا على الصحة العامة في ظل “ضعف نسبة الممْرضة والإماتة ووجود جدار مناعي حد من شراسة الفيروس الأصلي، نظرا لانتشاره بشكل جماعاتي منذ موجات سابقة”، خالصا إلى صواب رأي المغاربة الذين عارضوا عودة الإجراءات الاحترازية، وتأييد ما ذهبوا إليه ولو كان حدسا غير مبني على معطيات علمية دقيقة.
وفسر الخبير الطبي ذاته هذه النتائج بكونها “تظل منطقية وطبيعية”، تساير تطورات الوضع الحالي الذي لا يحتمل في ظل أزمات أخرى طارئة أن يتم اللجوء إلى تشديد الإجراءات السابقة، داعيا إلى الالتزام بإجراءات بسيطة تجنب تدهور الوضع، تتمثل في “وضع الكمامة في الأماكن المنغلقة، غسل اليدين بانتظام، مع تشخيص المصابين ومخالطيهم، فضلا عن تلقي جرعات اللقاح المعززة، خاصة بالنسبة للفئات الهشة صحيا”.
يشار إلى أن وزارة الصحة كانت قد دعت من خلال بلاغين سابقين أصدرتهما إلى الإسراع بتلقي الجرعة المعززة ضد كورونا “بشكل مستعجل”، قبل أن يلفت المرابط، في تصريحه الشهري، إلى كون “الموجة الحالية تتميز في أسابيعها الأولى بكونها نسخة طبق الأصل للموجة الأولى لـ”أوميكرون” من حيث مستوى انتشار الفيروس، مع انخفاض واضح لمستوى الضراوة والإماتة، مؤكدا أن “هذه الضراوة والإماتة ليستا منعدمتين، فاحتمالها لا يزال واردا، خصوصا لدى الأشخاص المسنين والمصابين بأمراض مزمنة”.