عرف المغرب خلال الصيف الحالي حرائق غابات عدة، كانت لها آثار سلبية كثيرة؛ فبالإضافة إلى الآثار على حياة الإنسان، لها تأثير كبير على الطبيعة والبيئة.
وفي هذا الإطار قال علي شرود، الخبير المناخي، إن “الآثار التي تخلفها الحرائق على البيئة مدمرة ومتنوعة، منها الآنية والعاجلة أو المستقبلية”.
وقال شرود، ضمن تصريح لهسبريس، إن “الآثار الآنية تتمثل في تدمير وإعدام البيئة الإيكولوجية، أي إعدام الزواحف باختلافها وتنوعها وقيمتها، ومنها حتى تلك النادرة”.
وتحدث الخبير ذاته عن عدد من الآثار الأخرى، ومنها “إعدام مآوي الطيور وأعشاشها ومصادر طعامها”، مفيدا بأن “منها التي تنفق حالا بسبب الحريق أو التي تهلك ببطء جراء فقدان مأواها”، وزاد: “الحشرات أيضا بكل أنواعها تعرف اختفاء كليا، وأيضا الطيور المهاجرة التي تغير رحلتها ووجهتها أو تتعرض للانقراض”.
كما أكد المتحدث أن “النظام الإيكولوجي بالكامل يتعرض لدمار وإعدام يظهر بعد وقت طويل، حينما يلغى دور بعض الكائنات الدقيقة في الحياة الإيكولوجية، في علاقة متبادلة مع الحياة البيولوجية وأيضا الصحية”.
وتابع شرود: “في المستقبل تؤدي الحرائق إلى صدمة السكان القرويين جراء فقدان مراعيهم التي توفرها لهم الغابات، وإعدام جزء أساسي من الطبيعة التي هي متنفس للإنسان”.
ودعا الخبير المناخي إلى “ضرورة تطوير وسائل الوقاية من الحرائق بتطوير عقلية الإنسان وأنشطته، مع إعادة النظر في إستراتيجية هندسة الغابات، وخلق ممرات واسعة وطرق ثلاثية، لتصبح الغابة في تواصلها على شكل فسيفساء، وبالتالي إذا ما شب حريق في منطقة ما يسهل إنقاذ باقي المناطق”.
كما طالب شرود بضرورة “التركيز على رعاية الغابات وحمايتها، والتخلي عن العشوائية التي تسمها اليوم في هندستها، مع منح دروس في المنهج التربوي لتحبيب الأطفال والشباب في الغابات”، مشددا على “تطوير المراقبة المستمرة عن طريق الاستعانة بالأقمار الصناعية وأبراج المراقبة، وإعلان حالة الطوارئ قبل نشوب الكارثة، وليس بعدها، وأيضا التعاون مع دول الجوار في إخماد الحرائق التي تشب”.
يذكر أن موجة الحرائق هذا الصيف لم تكن حكرا على المغرب ودول النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، بل شملت أيضا القارة الأوروبية، وأغلب دولها المطلة على الحوض المتوسطي، التي تتوفر على مساحات غابوية شاسعة؛ في وقت أدت بعض الحرائق ببعض الدول الأوروبية إلى وفيات بالعشرات، وتهجير الآلاف من مساكنهم.
وفي تقرير لها، أشارت صحيفة “لوموند” الفرنسية إلى أن “الحرائق الضخمة أو الكبرى Les mégafeux ظواهر تظل مرشحة للارتفاع بشكل غير مسبوق بسبب التغيرات المناخية”، لافتة إلى أن “الاحتباس الحراري” يُطيل موسم الحرائق ويدفع نحو توسيع المناطق الجغرافية المهددة بالنيران.
المصدر ذاته سجل أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية لكوكب الأرض (1.1+ درجة مئوية منذ العصر ما قبل الصناعي)، وتفاقم وتواتر موجات الحرارة والجفاف، “مزيج قاتل أدى بالفعل إلى تزايد الظروف المواتية لنشوب النيران في أجزاء كثيرة من العالم”، مضيفا أن هذا هو الحال بشكل خاص في جنوب أوروبا وشمال أوراسيا والولايات المتحدة وأستراليا والأمازون، لكن أيضاً في مناطق عُرفت عموما ببرودة طقسها مثل سيبيريا وكندا.