أكد المدير العام لمديرية الأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، أن حرص المملكة المغربية على حماية مبادئ وقيم حقوق الإنسان كخيار استراتيجي لا رجعة فيه، نابع من إرادة راسخة وقناعات تابثة تتجسد بشكل جلي من خلال مقتطف من خطاب الملك محمد السادس الذي وجهه إلى الدورة 65 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك بتاريخ 26 مارس 2013.
وجاء ذلك ضمن كلمة ألقاها مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني محمد الدخيسي نيابة عن حموشي، صباح اليوم الثلاثاء بالمعهد الملكي للشرطة بمدينة القينطرة خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية المنظمة من قبل المديرية المذكورة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول موضوع ”المعايير والممارسات المتعلقة بالوقاية من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الإيقاف والاستماع والحراسة النظرية”.
وأبرز المتحدث، أن المملكة المغربية لا تتوانى في اتخاذ التدابير القانونية والمؤسساتية الكفيلة بترسيخ هذه الثقافة ومناهضة التعذيب بجميع أشكاله، من خلال التزاماتها الدولية التي تستوجب التفاعل والتعاون المستمر مع كل الهيئات والأجهزة الأممية، كما تواصل دعمها لكل المبادرات الدولية الرامية إلى تشجيع الانخراط والانضمام إلى كل الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بصفة عامة، أو لمنع التعذيب والقضاء عليه بصفة خاصة.
وأشار الدخيسي، إلى أن المغرب انخرط بفعالية في مسلسل تعزيز حقوق الإنسان وحمايته منذ المصادقة بتاريخ 21 يونيو 1993 على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما عمل على ملاءمة بنيته التشريعية مع المبادئ الكونية لحماية حقوق الإنسان والانسجام مع دينامية تأصيل تجريم التعذيب، قصد ضمان الحقوق الأساسية كالحق في الحياة والحق في السلامة الجسدية وضمان التناسق بين الوثيقة الدستورية والممارسة القانونية للدولة، كما هو مؤكد في دستور 2011.
وأكد الدخيسي ضمن كلمته التي ألقاها نيابة عن حموشي، أن تنظيم فعاليات هذه الندوة الدولية لخير دليل على انفتاح المملكة المغربية على القيم الإنسانية وعزمها على مواصلة نشر ثقافة حقوق الإنسان وتوطيد دينامية الإصلاحات والأوراش التي أطلقت تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، والتي مكنت بلادنا من تأهيل المنظومة المؤسساتية الكفيلة بتعزيز وترسيخ مبادئ وقيم حقوق الإنسان.
وتابع المتحدث ذاته: ”المديرية العامة للأمن الوطني، وانسجاما منها مع أحكام دستور فاتح يوليوز 2011،(…) بلورت رؤية متكاملة ومندمجة تهم حقوق الإنسان واحترام الحريات من خلال وضع مخطط عمل يرمي إلى الوقاية من التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الإيقاف والاستماع والحراسة النظرية بصفة خاصة، والذي يرتكز على تمتين ودعم وسائل النزاهة والتخليق، وعصرنة هياكل ومناهج عمل الأمن الوطني ودعم قدرات موظفيه، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتجويد التكوين الأساسي والمستمر والتخصصي وملاءمته مع المعايير الدولية والمقتضيات القانونية الوطنية ذات الصلة، وتعزيز التعاون الدولي والإقليمي في المجال الأمني، وتطوير مناهج وطرق البحث الجنائي ووسائل الشرطة التقنية والعلمية، والاستناد إلى القانون والتقنيات الحديثة في جمع الأدلة المادية في الميدان الجنائي، وكذا التواصل والانفتاح والتعاون مع المؤسسات والمنظمات المعنية”.
وأوضح المسؤول، أن هذا المخطط “مبني أساسا على التوجيهات الملكية للملك محمد السادس، وسيادة القانون والتنزيل السليم لأحكام دستور المملكة ومضامين المواثيق الدولية ذات الصلة بحظر التعذيب والتشريعات الوطنية”، إلى جانب توصيات تقارير أخرى.
ولفت حموشي، إلى أن المديرية العامة للأمن الوطني تعمل باستمرار على تأطير وتوجيه كافة موظفيها في مجال الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وكرامة الأشخاص الذين يخضعون لإجراءات تدابير الحراسة النظرية تحت طائلة العقوبات التأديبية والإحالة على العدالة عند الاقتضاء.
وذكر، أن فضاءات الوضع رهن تدابير الحراسة النظرية تخضع لتأطير مسطري دقيق للحيلولة دون جعلها مجالات مغلقة، يمكن للبعض أن يعتقد أن اللجوء إلى استعمال العنف فيها يبقى ممكنا في غياب تام لأي مراقبة أو متابعة أو إفلات من العقاب.
وشدد، على أن هذه الفضاءات “لاينبغي أن تكون مبعثا لتصور ذهني يجعلها أماكن وجدرانا وقضبانا حديدية وأبوابا مغلقة، والحال أنها أماكن مخصصة لتدبير ينص عليه القانون؛ شأنها في ذلك شأن باقي المرافق العمومية الأخرى، يراعى فيها بشكل أساسي الجانب الإنساني، وسلامة الشخص الموضوع رهن الحراسة النظرية وضمان عدم تعرضه للإيذاء أو أي ضرب من ضروب المعاملة القاسية أو المهينة أو الحاطة من الكرامة”.