أقدمت السلطة المحلية بمدينة آسفي على هدم أساسات مراحيض كشك للتنمية الثقافية والسياحية كانت في طور البناء أمام المعلمة التاريخية “قصر البحر”، التي تسمى “القلعة البرتغالية”، والمصنفة كتراث وطني بمقتضى الظهير السلطاني الصادر بتاريخ 07 نونبر 1922.
وكان هذا المشروع أثار تذمر مختلف هيئات المجتمع المدني بمدينة آسفي، وعلى رأسها جمعية ذاكرة آسفي التي أطلقت نداء يطالب بحماية هذه المعلمة التي تعود إلى فترة الاستعمار البرتغالي لسواحل المدينة (عام 1523)، واستدعى إنجازها أكثر من ثماني سنوات من العمل، وتشكل جزءا من هوية الحاضرة، ووقف أشغال البناء غير القانوني بجوار “قصر البحر”؛ كما طالبت بالكشف العلني عن تصميم تهيئة ساحة الاستقلال وساحة سيدي بوذهب، بالنظر إلى رمزيتهما التاريخية، وبإشراك القطاعات المعنية والفعاليات المهتمة بالتراث المحلي من أجل إنضاج تصور جماعي للتهيئة والتأهيل يلبي طموحات السكان.
وأوضحت مصادر هسبريس أن هذا المشروع يشرف على إنجازه المجلس الإقليمي بتنسيق مع السلطة الإقليمية والمجلس البلدي لعاصمة عبدة، التي كان من المنتظر أن تتولى تدبيره بالتعاقد مع جمعية مهتمة بالتراث، بشراكة مع قطاعي الثقافة والسياحة.
ويعد “قصر البحر”، القابع على ساحل المحيط الأطلسي في مدينة آسفي، واحدا من العديد من المعالم المعمارية القديمة المحافظة على قوتها وخصوصيتها العمرانية والحضارية، وتبلغ مساحته نحو 3900م، ويعلوه برج واحد للمراقبة. وقد صنفت الحكومة المغربية عام 1922 هذا المبنى الأثري ضمن التراث المعماري الوطني الذي تلزم حمايته من التآكل، لكونه ذاكرة حضارة تشهد على المشترك التاريخي الإنساني المغربي-البرتغالي.
ويتكون الهيكل العمراني لهذا القصر من حصون وقلاع شيدها البرتغاليون لتكون حصنا عسكريا على المحيط الأطلسي، بعد احتلال مدينة آسفي خلال القرن 16، ويشكل في الآن نفسه مخزنا للحبوب والأسلحة، ويضم صهريجا كبيرا كان يستغل لحفظ الماء.
يذكر أن هذا “القصر” ظل منذ زمن بعيد يقاوم محاولات طمسه، علما أنه معلمة مرتبطة أساسا بالوضعية الجيولوجية الهشة للجرف البحري أموني، الذي شيدت عليه، والتي زادتها تفاقما عوامل طبيعية وبشرية. بمعنى أن هذا الجرف الممتد على مسافة ثلاثة كيلومترات يتعرض لتعرية حادة تتسبب في تآكله بفعل تفاعلات ميكانيكية وكيميائية، ما أدى إلى ظهور تشققات عمودية بصخرته، وتشكل تجاويف ومغارات أسفلها تهدد “قصر البحر” وباقي البنيات التحتية المقامة على صخرة الجرف.