افتتحت، صباح اليوم الأحد، مكاتب الاقتراع في تركيا، لانتخابات رئاسية وتشريعية حاسمة، تشهد منافسة قوية بين الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، ومعارضه البارز كمال كليجدار أوغلو.
ويتوجه الناخبون الأتراك، الذين يفوق عددهم 64 مليونا، إلى صناديق الاقتراع للحسم بين المرشحين البارزين، الذي ينضاف إليهما مرشح اليمين المتطرف سنان أوغان (عن تحالف أتا).
وتتميز هذه الانتخابات بتقارب كبير في استطلاعات الرأي بين الرئيس أردوغان الذي يسعى إلى ولاية رئاسية ثالثة، وكليجدار أوغلو الذي يأمل في الإطاحة بغريمه وتقديم مشروع سياسي واجتماعي جديد لتركيا.
وبعد قرن على تأسيس الجمهورية، تجري الانتخابات في أجواء من الاستقطاب الشديد بين المرشحين الرئيسيين إردوغان (69 عامًا) وخصمه كمال كيليتشدار أوغلو (74 عامًا) الذي يقود حزبا ديموقراطيا اجتماعيا وعلمانيا.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة الثامنة (05,00 ت غ) في اسطنبول وأنقرة، كما ذكر صحافيون من وكالة فرانس برس ووسائل الإعلام التركية.
وقالت مليحة (40 عاما) التي كانت تنتظر أمام مركز للاقتراع في حي موال للمعارضة في أنقرة “أردت أن أكون أول من يصوت لكني أرى أنني متأخرة”.
وسجل 64 مليون ناخب سيختارون أعضاء برلمانهم أيضا في جميع أنحاء هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 85 مليون نسمة ويشهد تقليديا إقبالا على التصويت يتمثل بنسب مشاركة تزيد على ثمانين بالمئة.
وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى منافسة حادة بين المتنافسَين مع تقدم طفيف لزعيم المعارضة التي تتمثل بجبهة موحدة للمرة الأولى.
وحقق مرشح ثالث هو سنان أوغان بعض التقدم.
ويقود كيليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة ائتلافًا من ستة أحزاب متنوعة من اليمين القومي إلى يسار الوسط الليبرالي.
كما حصل على دعم حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد ويعتبر القوة السياسية الثالثة في البلاد.
وخلال الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت في 2018، فاز إردوغان من الدورة الأولى بعد حصوله على أكثر من 52,5 بالمئة من الأصوات. لذلك، سيشكل احتمال تنظيم دورة ثانية في 28 أيار/مايو في اقتراع انتكاسة له.
ووعد إردوغان باحترام حكم صناديق الاقتراع الذي يراقبه مئات الآلاف من مؤيدي الجانبين.
“تعب”
يجري الاقتراع هذه المرة في بلد انهكته أزمة اقتصادية مع انخفاض قيمة عملته بمقدار النصف تقريبا خلال عامين وتجاوز نسبة التضخم 85 بالمئة في الخريف.
وأدت صدمة زلزال السادس من شباط/فبراير الذي أدى إلى انهيار عشرات الآلاف من المباني وتسبب بمقتل خمسين ألف شخص على الأقل وبتشريد أكثر من ثلاثة ملايين آخرين، إلى تشكيك في قوة الرئيس الذي يمتلك كل الصلاحيات.
وكان إردوغان اعتمد على قوة قطاع البناء خصوصا مشيرا إلى إنجازاته العظيمة التي أدت إلى تحديث تركيا، ليبرز نجاحه خلال العقد الأول من توليه السلطة، كرئيس للحكومة أولا. لكن الزلزال كشف فساد المقاولين والسلطات التي أصدرت تصاريح البناء في تحد لقواعد الوقاية من الزلازل.
وفي مواجهتها، استخدم كيليتشدار أوغلو ورقة التهدئة واعدا بإقامة دولة القانون واحترام المؤسسات، التي تضررت خلال السنوات العشر الماضية بميول إردوغان الاستبدادية.
Ambulances take the elderly and sick to the polls in Turkiye#turkey #Turkiye #TurkiyeElections2023 pic.twitter.com/CgtMThvKWn
— Al-Estiklal English (@alestiklalen) May 14, 2023
وكشفت استطلاعات الرأي أن خطاباته القصيرة والهادئة خلافا لما يعبر عنه إردوغان من غضب وشتائم، أقنع غالبية 5,2 ملايين شاب تركي سيصوتون للمرة الأولى.
وقال كيليتشدار أوغلو مساء السبت في رسالة أخيرة بالفيديو إن “مشروعي الأكثر جنونًا هو إعادة الديموقراطية إلى هذا البلد وهذه العودة ستثير حماس العالم بأسره”، بينما كان الرئيس يختتم حملته بالصلاة في آيا صوفيا الكنيسة السابقة التي تحولت مسجدا في اسطنبول.
“انتقال سلس”
قال الخبير السياسي أحمد إنسل الذي يقيم في الخارج في باريس إن “هزيمة إردوغان ستظهر أنه يمكننا الخروج من نظام استبدادي راسخ عبر صناديق الاقتراع”.
من جهته قال بيرم بالسي الباحث في “مركز الدراسات الدولية-علوم سياسية” في باريس والمدير السابق للمعهد الفرنسي لدراسات الأناضول إن “فوز كيليتشدار أوغلو سيُظهر أنه يمكننا تحقيق انتقال سلس في بلد مسلم”.
وتجري الانتخابات وسط متابعة دقيقة من الخارج لما قد يشكل “ربيعا تركيا”، إذ إن هذا البلد العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) يتمتع بموقع فريد بين أوروبا والشرق الأوسط ولاعب دبلوماسي رئيسي.
وسيصوت أردوغان وكيليتشدار أوغلو ظهر السبت، الأول في اسطنبول والثاني في أنقرة. وسينتظران إعلان النتيجة في العاصمة.
وستغلق مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة 17,00 (14,00 ت غ).
ومن المتوقع صدور التقديرات الرسمية الأولى بعد أربع ساعات.