محمد بوتخريط . هولندا
– الهلال يعود من جديد … يلعن ظلمة المدينة هو ساكنها.
(على هامش صعود فريق هلال الناظور لكرة القدم إلى بطولة القسم الثاني هواة…)
طوال سنوات مضت، ظل اسمه يتردد في الأذهان، يظهر كشبح من خلال عبارات تأبى على الطمس والنسيان في الفضاءات العامة وعلى جدران المدينة التي تحمل جزءًا من روحه، فيما يتندر أولئك المسؤولون على مكاتبهم وسط المدينة عن هذا “الهلال” الذي أثث ذات زمن المشهد الكروي الناظوري .
كان الفريق ذات زمن ليس ببعيد في أوج عطائه، فالجيل الذهبي للفريق كان في تلك الفترة، من إدارة ولاعبين قدموا الكثير للنادي وللجماهير، كل اللاعبين كتبوا أسمائهم بأحرف من ذهب في تاريخ المدينة الرياضي. وعاش الفريق الأخضر أزهى أيامه.بينما بات اليوم في طي النسيان.
يعد فريق هلال الناظور لكرة القدم من الأندية العريقة التي طبعت الكرة الناظورية بل والمنطقة كلها ، ما جعل منه إحدى الدعائم التي قامت عليها كرة القدم بالمنطقة في مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي…لعب هلال الناظور لفترات طويلة بالقسم الشرفي، ونجح في الصعود إلى القسم الوطني الثاني ..كما نجح في التنافس على الصعود إلى القسم الأول … و كان موسم منتصف الثمانينات موعد الصعود لأول مرة للقسم الوطني الأول ..فعاش الفريق أزهى فتراته بلاعبين مهاريين تميزهم الروح القتالية والغيرة على الفريق والمدينة…
لكن جرت رياح الفريق بما لم تشتهيه جماهيره فلم يستطع الحفاظ على الاستمرارية في الصعود والتألق بفعل الصراعات الداخلية التي كانت تنخر المكاتب المتعاقبة على الفريق و التسيير العشوائي الذي لازمه ، وغياب دعم و دور المجالس المنتخبة واعيان المدينة ومسؤوليها ليستقر به الوضع إلى الانجراف نحو اسفل سافلين.. بدءاً بالقسم الثاني اواخر الثمانينات، مرورا بقسم الهواة، ليصعد من جديد إلى المجموعة الوطنية الثانية موسم 2003 2004 وينتهي به الانحدار بالقسم الجهوي التابع لعصبة الشرق.
الكثيرون لا يعرفون عن فريق هلال الناظور لكرة القدم سوى القليل القليل جداً!.. فريق كان في زمن غير بعيد في قمّة مجده.. يحتل المراكز الأولى في قائمة ترتيب القسم الأول الممتاز من البطولة الوطنية بالبلد ، بل وكان يتخطى مسارات أعته الأندية آنذاك،كالمغرب الفاسيوالوداد والرجاء.كان فريقا كبيرا ، كثيرا ما أمتعنا وأمتع الكثير من الجماهير التي كانت تحجّ بالآلاف إلى الملاعب التي كانت تحتضن مقابلاته ، عروضا فرجوية رائعة كانت تبهرنا و بإمكانيات ذاتية بسيطة جدا … لم يكن وقتذاك، لا دعم مادي ولا ملعب لائق ولا عشب طبيعي ولا اصطناعي ! فقط هي أٌقدام لاعبين أبناء أحياء المدينة الكرماء من كانت تصنع الفرجة والمتعة وتُلهب المدرجات.
فلماذا غاب الهلال..و فجأة عن الأنظار؟
هو السؤال الذي تعمق الاجابة عنه الجراح ، وتتناسل معه العديد من الأسئلة الحارقة حول أسباب مآل الفريق إلى هذا الواقع الحزين.
البعض من الاجيال القديمة أكد أن `الهلال`رحل عن عالم المستديرة ، وآخرون حاكوا حوله الخيالات، بينما الواقع هو غير الحال.. فالهلال مازال حيا ، وإن كان بين مسيرة مضطربة من الشهرة للخفوت.
تتبعت خطوطًا سار عليها اللاعبين القدامى الذين صنعوا مجدا واختفوا ، تواصلت مع من حولهم ، من عاصرهم ، من أشاد بهم ومن انتقدهم ..أجمع الجميع على أن الهلال اليوم غاضبا ، مستاءً من المسؤولين المحليين بالمدينة ،ويستغرب ابتعادهم عن المشهد الرياضي بلا سبب او مبرر، يلعن ظلمة المدينة هو ساكنها .
توالي الانهزامات والنزول أثر في تواجده ، وهزّ كبريائه و كرامته،أُجْبر على واقع لم يختر هو أن يعيشه، لكن الاوفياء وعلى قلتهم لم ينسوه يوما ، ولا زالوا يواكبونه و يتحدثون عنه، “هو فريق لم ولن ننساه” ، عبارة طغت على ألسنة مواطنين عاصروه..
والآن ، الآن وبعد غياب دام سنوات وسنوات ” الهلال” يعود من جديد…
لكن المتابع للرياضة الناظورية يشعر وكأنها على صفيح ساخن فكل المعطيات لا تبشر بخير، خصوصاً في ظل عدم المبالاة التي نراها من أغلب مسؤولينا إلا ما ندر، سواء الرياضيين منهم او غيرهم ..فواقع الصراعات والتخبط من جهة والتهميش والاقصاء واللامبالات من جهة أخرى ما زال عنواناً رئيسياً للعمل في المجال.
وإلا فأين دور الفاعلين السياسيين بالاقليم والجهة والمركز ، أين دعم المسؤولين في المدينة ،أين مساندة ودعم الشركات ، أين شركات مطار المدينة وميناءها، أين شركة العمران ودور الجماعاتوالمجالس المنتخبة ، أين دفاتر التحملات لإدراج رياضة الناظور في الأهداف والاجندات، أين كل هؤلاء من دعمهم للمشهد الرياضي الناظوري على الاقل كواجب أخلاقي تجاه المدينة وكل هذه الجماهير الرياضية والفرق الرياضية من كرة القدم و السلة واليد و العدو وهلم جرا ، رغم ما تحاوله هذه الفرق الرياضية تقديمه لمحاولة إيجاد موطئ قدم مناسب داخل المشهد الرياضي رغم كل المعيقات المحيطة بها .
إن كل ما يشهده المشهد الرياضي الناظوري من لامبالاة المسؤولين وتجاهلٍ لدعم الرياضة الناظورية سواء في كرة القدم اوكرة السلة اوكرة اليد اوحتى العدو الريفي،يعتبر فعلا احتقارا واضحا للمنطقة وأهلها وساكنتها ونوعا من أنواع الاقصاء والتهميش الممنهجين ..مع الأسف والأسى كان يجري ذلك من دون أن يحرك المسؤولون ساكناً لمعالجة الوضع واحتضان الفريق وتقديم الدعم المناسب ليسير الى الامام ، كان الفريق دائماً ما يحتل مراكز لا تناسب مكانته ، نزل عدة مرات ومرات لمصاف دوري الدرجات السفلى ، في ظل غياب الدعم والصمت المخزي وغير المسؤول من قبل مسؤولي المدينة ، ولا شك أن ذلك حدث تاريخي ومشهد حزين لنادٍ يملك تاريخا مشرفا وقاعدة جماهيرية لا تستحق هذا الوضع. وبعد أن أنقذ الهلال نفسه مراتومراتمنالنزول وتحدى الظّروف وتحمّل كل الضّغوط للبقاء ، توالت الانهزامات ، جآرَ عليهِ الزمان وتكالبَت عليه الديون، و”الاصحاب”، حاصروه وحاربوه وذبحوه من الوريد إلى الوريد…وغاب الاجتهاد والعمل بحنكة من أجل استعادة الهلال هيبتة ومكانته على الخارطة الكروية…واندثرت بالتالي مهمة التصحيح السليم ..
فهل ستعود ذكريات الثمانينيات من القرن الماضي لنعيشها من جديد على مدرجات الملاعب وفي شوارع المدينة .. هل سيعود المجد الهلالي للتألق مجددا في سماء الناظور…ويعود الناظوري لفخره القديم كرويا ؟
لكن !! منطق الاشياء هنا يفرض أن نكون واقعيين لأقصى الدرجات ، فلا يعقل أن نمارس حلم الصعود والبقاء بنوع من الخيال، و المثالية الزائفة، ولا يعقل أن نعيش الواقع في ظل الأوهام… كل هذا لا يدفعنا إلاَّ لكثرة الصدمات والإخفاقات كتلك التي عاشها الفريق والنادي قبل سنوات ، ولتجاوز ذلك لابد من ممارسة الواقعية في التعامل مع الاشياء.
فريق عريق ساهم في رسم مسار الكرة الناظورية عبر عقود من الزمن ينزل الى الدرجات السفلى ، فلم يشفع لها تاريخه الطويل ولا انجازاته الكبيرة، فالتاريخ وحده لا يشفع بالبقاء على مسرح الاضواء!!
والعودة الى أوج عطائه و إنجاز العودة للدرجات الأولى والصعود والصمود لن يتأتى الا بتضافر الجهود ،جهود الجميع كل حسب موقعه و حسب قدرته و كل الغيورين على الرياضة في المدينة..
الوضع يحتاج إلى تضافر الجهود والدعم من كل فرد ناظوري غيور مخلص.وطبعا… والأكثر وأكثر وأكثر من كل المجالس المنتخبةومن كلمسؤول يحترم نفسه و موقعه ومسؤوليته..
على الجميع إدراك أهمية المرحلة القادمة بالنسبة للفريق… إن كنا فعلا نرغب في أن يعود المجد الهلالي للتألق مجددا في سماء الناظور…ويعود الناظوري لفخره القديم ….كرويا .