نجحت عملية إطلاق مركبة دراجون 2 التي تحمل رواد الفضاء السعوديين ريانة برناوي، وعلي القرني إلى محطة الفضاء الدولية، فجر اليوم الإثنين، من مركز كينيدي للفضاء التابع لوكالة ناسا في ولاية فلوريدا الأمريكية، حسبما أعلنت الهيئة السعودية للفضاء.
ونشرت الهيئة مقطع فيديو تضمن رسالة من ريانة برناوي أول امرأة عربية مسلمة تصل إلى الفضاء قالت فيه: “السلام عليكم من الفضاء .. شرف كبير جدًا أن نكون جزءًا من هذه الرحلة التاريخية ومثلما ترون نطفو ونحاول تثبيت أنفسنا لكن فعلا أحب أن أبدأ بشكر قيادتنا وصاحب الرؤية ولي عهدنا الأمير محمد بن سلمان على دعمه لهذه المهمة وشكرا للهيئة السعودية للفضاء وشكرا أكسيوم، وسبيس إكس، وناسا، ووكلات الفضاء اليابانية والأوروبية على تدريبهم لنا”.
السلام عليكم من الفضاء وشرف كبير أن نكون في هذه الرحلة التاريخية، هو ما استهلت به البطلة ريانة برناوي أول امرأة عربية مسلمة تَصل للفضاء.
السعودية #نحو_الفضاء 🇸🇦 pic.twitter.com/YL8HHav6jP
— الهيئة السعودية للفضاء (@saudispace) May 22, 2023
وتضمنت تغريدة أخرى للهيئة رسالة مماثلة من علي القرني وعلقت عليها بالقول: “أولى كلمات بطلنا علي القرني في بيئة الجاذبية الصغرى تتوشح بحمد الله تعالى والامتنان للقيادة المُلهمة على الدعم والتمكين لشباب الوطن”.
كما أوضحت الهيئة أهم الخطوات القادمة لرواد الفضاء بتوقيت المملكة محددة المواعيد كما يلي:
- الساعة 4:24 مساءً: اكتمال مناورة الالتحام مع محطة الفضاء الدولية.
- الساعة 6:13 مساءً: فتح باب الكبسولة تحضيرا لنزول الرواد.
- الساعة 6:45 مساءً: احتفالية استقبال الرواد في محطة الفضاء الدولية.
وبذلك سيجتمع رواد الفضاء السعوديين في محطة الفضاء الدولية مع زميلهما الإماراتي سلطان النيادي في محطة الفضاء الدولية، ليصبحوا أول أول ثلاثة أشخاص عرب يجتمعون في الفضاء.
فما هي محطة الفضاء الدولية، ولماذا هي مهمة، وما دورها، ومن يمتلكها؟
أولًا؛ ما هي محطة الفضاء الدولية؟
محطة الفضاء الدولية هي مركبة فضائية – عبارة عن قمر اصطناعي قابل للسكن في الفضاء – وتستضيف ما يصل إلى 10 أشخاص في وقت واحد، وهي موجودة في مدار أرضي منخفض، حيث تحافظ على مدار متوسط ارتفاعه 400 كيلومتر تقريبًا، أي ما يعادل 240 ميلًا فوق سطح الأرض، عن طريق ما يسمى بمناورات الارتفاع.
وتعتبر المحطة أكبر بناء وضعه البشر في الفضاء على الإطلاق – غالبًا ما توصف بأنها أعظم إنجاز للإنسان – وهي عبارة عن مشروع تعاوني متعدد الجنسيات، تشارك فيه خمس وكالات فضاء عالمية، وهي: وكالة ناسا الأمريكية، ووكالة (روسكوزموس) الروسية، ووكالة «جاكسا» اليابانية، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية. وتُحدد ملكية المحطة واستخدامها بموجب المعاهدات والاتفاقيات الحكومية الدولية.
ثانيًا؛ متى أُطلقت محطة الفضاء الدولية؟
انبثقت فكرة إنشاء محطة الفضاء الدولية من مشروعين: الأول لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، يُسمى (Space Station Freedom)، وهو اقتراح أمريكي صُمم عام 1984 بهدف بناء محطة تتحرك في مدار حول الأرض، وتكون مأهولة بشكل دائم، والمشروع الثاني المعاصر للأول، فكان مشروع (مير 2) الروسي، الذي اقترح عام 1976 بأهداف مماثلة.
نعم تعد روسيا هي الدولة الرائدة في مجال الفضاء، إذ سبقت الجميع عندما بدأت البرنامج الفضائي للاتحاد السوفيتي في ثلاثينيات القرن الماضي بالعمل على صواريخ كبيرة، وقد بدأت في مايو 1955 العمل في القاعدة الفضائية (بايكونور) Baikonur في آسيا الوسطى. وانطلق في أغسطس/ آب 1957 أول صاروخ باليستي عابر للقارات من هذه القاعدة في رحلة تجريبية.
ثم أُطلق أول قمر صناعي في العالم (سبوتنيك وان) Sputnik I؛ في أكتوبر/ تشرين الأول 1957، ووصل رائد الفضاء الروسي الراحل (يوري جاجارين) Yuri Gagarin ودار في مركبته الفضائية (فوستوك وان) Vostok I في مدارها حول الأرض في 12 أبريل/ نيسان 1961، كان، ليصبح بذلك أول إنسان يزور الفضاء.
وتعد محطة الفضاء الدولية هي المحطة الفضائية التاسعة التي يسكنها رواد الفضاء، فقد سبقها عدة محطات صنعت بواسطة برامج مثل: (ساليوت) أول برنامج محطة فضائية تابع للاتحاد السوفيتي – تضمن البرنامج سلسلة من المحطات الفضائية للبحث العلمي – وبرنامج (ألماز) الذي أطلق 3 محطات فضائية، ومحطة (مير) الروسية، ومحطة (سكاي لاب) الأمريكية.
وقد أُطلق أول أجزاء محطة الفضاء الدولية في عام 1998، ووصلت أول بعثة لرواد فضاء على المدى الطويل إلى المحطة في الثاني من نوفمبر 2000، ومنذ ذلك الحين ظلت محطة الفضاء الدولية مأهولة بالبشر بشكل مستمر، وبذلك بلغ عمرها الآن 25 عام تقريبًا.
وتنقسم المحطة إلى قسمين: الجزء المداري الروسي (ROS) الذي تديره روسيا، والجزء المداري (USOS) الذي تديره الولايات المتحدة، إضافة إلى العديد من الدول الأخرى.
ووافقت وكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس) على استمرار تشغيل الجزء المداري الروسي من المحطة حتى عام 2024، بعد أن اقترحت سابقًا استخدام عناصر من هذا الجزء لبناء محطة فضائية روسية جديدة تُسمى (أوبسيك).
واعتبارًا من مايو 2022، زار 258 فردًا من 20 دولة محطة الفضاء الدولية، وتشمل الدول المشاركة الولايات المتحدة (158 شخصًا) وروسيا (54 شخصًا)، ويُخصص وقت رواد الفضاء ووقت البحث في المحطة الفضائية لوكالات الفضاء وفقًا لمقدار الأموال أو الموارد – مثل الوحدات أو الروبوتات – التي تساهم بها.
ثالثًا؛ لماذا محطة الفضاء الدولية مهمة؟
تُعد محطة الفضاء الدولية مهمة لأنها تعمل منذ عام 2000 كمرصد ومختبر يجرى فيه الأبحاث التي لا يمكن إجراؤها على الأرض، مثل: أبحاث بيئة الفضاء والجاذبية الصغرى، إذ تجري فيها أبحاث وتجارب علمية في علم الأحياء الفلكي وعلم الفلك وعلم الأرصاد الجوية والفيزياء ومجالات أخرى.
وتعد محطة الفضاء الدولية المكان المناسب لاختبار أنظمة المركبات الفضائية والمعدات اللازمة للبعثات المحتملة طويلة الأمد في المستقبل إلى القمر والمريخ.
رابعًا، إليك بعض الحقائق المثيرة عن محطة الفضاء الدولية:
1- تتحرك المحطة بسرعة لا تصدق:
تدور محطة الفضاء الدولية حول الأرض 16 مرة في اليوم، وتصل سرعة دورانها حول الأرض إلى 18 ألف ميل في الساعة – ما يعادل 28000 كم / الساعة – وهذه السرعة تعادل عشرة أضعاف سرعة رصاصة على الأرض.
2- كبيرة الحجم جدًا:
تعتبر محطة الفضاء الدولية هي أكبر بناء وضعه البشر في الفضاء، إذ يبلغ طولها 109 أمتار، ويصل عرضها إلى نحو 73 مترًا وهو ما يوازي مساحة ملعب كرة قدم كبير، وتزن أكثر من 400 طن، وتغطي الألواح الشمسية وحدها مساحة فدان واحد.
تحتوي المحطة الفضائية على سبعة أماكن للنوم، مع إمكانية إضافة المزيد خلال فترات تسليم الطاقم، وحمامين، وصالة رياضية، وقبة زجاجية وهي عبارة عن نافذة كبيرة يمكن من خلالها رؤية الأرض بزاوية عرض 360 درجة.
3- يمكنك رؤيتها من الأرض:
محطة الفضاء الدولية هي ثالث ألمع جسم في السماء، ويمكن رؤيتها بالعين المجردة، ولاكتشاف ذلك؛ ابحث عن ضوء يشبه الطائرة يتحرك بسرعة عبر السماء، ومن المرجح أن تلتقطها بسرعة خلال الفجر والغسق.
ويمكنك تتبع مسار المحطة الفضائية ومعرفة متى تكون قريبة من بلدك عبر هذا الرابط https://spotthestation.nasa.gov/.
4- تسبب تغييرات في أجسام رواد الفضاء:
يمكن أن تتراوح التغييرات من أشياء صغيرة وغريبة، مثل: التخلص من مايعرف باسم (calluses) في القدمين – وهي طبقات الجلد السميك والمتصلب التي تظهر عندما يحاول الجلد حماية نفسه من الاحتكاك أو الضغط – إذا يقول رواد الفضاء إن طبقات الجلد هذه تختفي تمامًا وتصبح الأقدام ناعمة جدًا، مثل أقدام الأطفال حديثي الولادة.
ولكن هناك أضرار كبيرة أيضًا للجسم، لأنه بدون الجاذبية يمكن أن تتدهور العضلات والعظام، لذلك يمارس رواد الفضاء كل يوم التمارين الرياضية للحفاظ على صحتهم.
5- تتصل بالإنترنت:
يمتلك جميع سكان محطة الفضاء الدولية حواسيب محمولة، ويمكنهم أيضًا الاتصال بالإنترنت للبقاء على اتصال بالعائلة والأصدقاء ومشاهدة البث المباشر للتلفاز.
6- مختبر أبحاث متكامل في الفضاء:
بالإضافة إلى رواد الفضاء الذين يقومون بتشغيل المحطة، هناك العديد من العلماء من تخصصات ومجالات أخرى الذين يبحثون في تأثير الجاذبية الصغرى في جسم الإنسان، ويبحثون في إمكانيات السفر إلى الفضاء في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك تُجرى مجموعة واسعة من أنواع الأبحاث المهمة الأخرى ابتداءً من دراسة المادة المظلمة، إلى نمو بلورات البروتين لاستخدامها في الطب.
7- المهام السهلة على الأرض تصبح صعبة في المحطة الفضائية:
تصبح المهام السهلة بالنسبة لنا على الأرض صعبة للغاية في المحطة الفضائية، مثل: قص الشعر لأن كل الشعيرات تتناثر ويمكن أن تسد مرشحات الهواء في المحطة وغيرها من المعدات.
كما تعتبر الفتات والسوائل السائبة خطيرة للغاية في المحطة، لذلك تأتي المشروبات في أكياس بلاستيكية بها أنبوب قصير يُستعمل لتناول المشروب، بينما يتناول رواد الفضاء الطعام في صواني مثبتة في مكانها بالمغناطيس.
خامسًا؛ ماذا سيحل محل محطة الفضاء الدولية؟
يوشك زمن محطة الفضاء الدولية أن ينتهي، ليبدأ زمن محطات فضاء أخرى جديدة، إذ تنص الخطط الحالية على تشغيل المحطة الفضائية حتى عام 2024 على الأقل، مع مناقشة الشركاء إمكانية تمديدها.
فقد وافقت وكالة ناسا على التمديد حتى عام 203، على الرغم من أن روسيا تقول إنها ستنسحب بعد عام 2024 للتركيز في بناء محطتها الفضائية الخاصة بها حوالي عام 2028.
ولم يُحدد حتى الآن كيفية تشغيل المحطة بعد مغادرة روسيا، إذ يمكن إخراجها من مدارها عبر سحبها إلى الغلاف الجوي للأرض قبل تحطيمها فوق مياه المحيط، أو إعادة تدويرها لمحطات الفضاء التجارية المستقبلية في المدار.