يعيش القطاع الفلاحي بسوس ماسة أوضاعا استثنائية يتداخل فيها ما هو طبيعي نتيجة شح التساقطات المطرية وانخفاض حقينة السدود، وارتفاع كلفة الإنتاج والزيادة في تكاليف النقل البحري بواسطة الحاويات وضعف الطلب على مستوى الأسواق الدولية، عمق جراحه اشتداد حدة المنافسة بين المنتوج الوطني ومنتوج الدول المنافسة في الأسواق الدولية.
ووفق الإفادات التي تلقاها موقع “لكم”، يصف فلاحو سوس ماسة وضعهم اليوم بـ”الاستثنائي”، اضطرت اللجنة الجهوية للماء بسوس ماسة، برئاسة والي جهة سوس ماسة أحمد حجي لعقد اجتماعها لتدارس الوضعية المائية بالمنطقة نتيجة تحديات مرتبطة بقلة التساقطات وتراجع مخزون السدود من المياه، مما حدا بها تخصيص حصص مائية لتمكين الفلاحين من إتمام الموسم الفلاحي الحالي.
ويخوض منتجو ومصدرو الحوامض بسوس، حملة تصدير تعد الأكثر صعوبة، في السنوات الأخيرة، بسبب الزيادات الكبيرة في تكاليف النقل البحري بواسطة الحاويات، حيث عرفت مسارات اللوجستيك، استعمال الحاويات، زيادة في كلفة النقل تتراوح ما بين 20 و50 في المائة مقارنة مع السنة الفارطة. كما سجل تكلفة النقل البواخر زيادة تراوح 50 في المائة من التكلفة الاعتيادية مقارنة مع السنوات الماضية. هذه الزيادات في مجالات الإنتاج والتلفيف والنقل واللوجستيك تؤثر سلبا على هامش الربح لدى المصدرات والفلاحين، خاصة وأن الأثمان في الأسواق الدولية غير مستقرة ولا يتم الإفصاح عن قيمتها إلا في نهاية الموسم الفلاحي.
ووفق المصدر ذاته، فقد خلقت هذه الوضعية أزمة بين الفلاحين والبنوك بالمنطقة، حيث أن ارتفاع نسبة الديون المتراكمة على الفلاحين بسبب تراجع مداخيلهم لسنوات عدة، وهذا الامر قلص من عمليات تسديد مستحقاتهم في الآجال المحدد.
ومن تجليات هذه الأزمة ارتفاع عدد الدعاوى القضائية ضد الفلاحين والمنتجين، يشرح عدد من فلاحي سوس ماسة، الذين التقاهم موقع “لكم”، تنامي حالات الشيكات بدون رصيد ، وتسجيل تزايد عدد الكمبيالات غير المؤداة. هذه الوضعية أدت إلى توقف البنوك عن إجراء عمليات الاقتراض الموجهة للفلاحين، منها المتعلقة بالقروض الموسمية. وسببت قلة السيولة المالية لدى الفلاحين إلى عدم دفع مستحقات الموردين بالنسبة لتعاملات الموسم الفارط.
ووفق ما خلص إليه الاجتماع، فقد تم اعتماد حجم مليون ونصف المليون متر مكعب للري انطلاقا من سد يوسف بن تاشفين كحصة لشهر أكتوبر الجاري، واعتبار الحقينة الحالية لسد أولوز في وضعية حرجة تكفي فقط لسقي مدار الكردان إلى غاية نهاية شهر أكتوبر الحالي. وهو ما تعكسه معطيات النشرة الداخلية لوكالة الحوض المائي بسوس، التي تفيد أن نسبة ملء السدود الثمانية المتواجدة بحوضي سوس وماسة، بلغت نحو 9 في المائة ، وفق آخر المعطيات الإحصائية.
وأشارت الوكالة أن الحجم الحالي لسد المختار السوسي هو 0.9 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 2.3 في المائة وسد أولوز حجمه الحالي يصل إلى 15 مليون متر مكعب بنسبة 16.5 في المائة وسد مولاي عبد الله ب 11.9 مليون متر مكعب بنسبة تصل الى 13.2 في المائة. أما بالنسبة لسد عبد المومن فالحجم الحالي لا يتجاوز 8.7 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 4.4 في المائة، وسد الدخيلة يصل حجمه الحالي 0.06 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 43.5 في المائة، و إمي الخنك فيبلغ حجمه الحالي 3.6 مليون متر مكعب بنسبة ملء تصل إلى 37.2 في المائة، و1.7 مليون متر مكعب كحجم حالي لسد اهل سوس بنسبة ملء مئوية تصل إلى 38 واخيرا حسب نفس النشرة فإن نسبة ملء سد يوسف بن تاشفين تصل 11.4 في المائة وبحجم يبلغ 34 مليون متر مكعب.
وتظهر هذه الاحصائيات حجم الخصاص المسجل في التجمعات المائية بحوضي سوس وماسة بعد توالي سنوات الجفاف، مما يفسر ازمة العطش التي تجتاح منطقة سوس.
بالمقابل، تشكل زراعة الحمضيات والخضروات أحد الأعمدة التي يتأسس عليها النشاط الزراعي بجهة سوس ماسة، سواء بالنظر للمساحات المزروعة، أو بالنظر إلى حجم الإنتاج، وأهميتها التصديرية فيما يتعلق بجلب العملة الصعبة، حيث صار الفلاحون يؤدون الضريبة على القيمة المضافة المرتبطة باقتناء كافة المدخلات الزراعية من الأسمدة والمبيدات وهي العوامل الرئيسية في عملية تجويد الإنتاج الفلاحي. وهو ما أدى إلى ارتفاع كلفة الانتاج وتقليص هامش الربح في ظل غياب اجراءات مرافقة، إقرار الضريبة المضافة على المدخلات الزراعية، لتجويد مسارات التصدير.