أريفينو جيلالي خالدي
أصدر المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور مؤخراً موسوعة علمية متميزة موسومة بـ: “مدخل إلى معلمة الريف الشرقي”، للدكتور المؤرخ حسن الفجيجي، وهي موسوعة علمية غزيرة بالمعلومات التاريخية، والمعطيات العلمية والثقافية لمنطقة الريف الشرقي سواء ما تعلق منها بالمآثر والمواقع التي تزخر بها المنطقة أو للعلماء والصلحاء الذين عاشوا بهذه الربوع من المملكة المغربية الشريفة؛ والموسوعة زاخرة بالوثائق المخطوطة المصورة، والمراسلات الرسمية، والخرائط التوضيحية، والصور التاريخية القديمة وكذلك الحديثة، والرسوم البيانية والإحصائية، والجداول العددية… إضافة إلى الزيارات الميدانية لمجموعة من المواقع التاريخية المذكورة بين ثنايا المؤلَّف، وتسجيل الشهادات الشفوية عن تاريخ المنطقة؛ وتميزت الموسوعة كذلك بالاعتماد على مصادر أجنبية عديدة -خاصة الإسبانية منها-.
وتأتي “معلمة الريف الشرقي” لتملأ فراغا علميا كبيرا ولتسهم في تسديد خطى البحث للكشف عن المزيد مما انطمس من معالم هذه المنطقة وآثارها؛ ونحسب أن هذا العمل سيكون إضافة نوعية لتاريخ الريف الشرقي خاصة ولتاريخ المغرب عامة.
وفيمقدمهالكتابيعبرالمؤلفعنجملهمنالأسبابالمحفزةعلىالتأليف،والتييختصرهافيالجوابعلىالسؤالالملحالذييترددعلىلسانغيورينعلىهذهالربوعمنالمملكهالشريفة:”لماذالايكونلأبناءالإقليمكتيبمفيديلخصتاريخالريفالشرقيللصغيروالكبير؟”.
ولذلكيأتيعنوان:”مدخلالىمعلمةالريفالشرقي”تاريخاموسعالإقليميالناظوروالدريوشمنالوجهةالجغرافيةوالتاريخيةوصنوفالحياةالمجتمعية،ملبينبعضالطموحاتالمشتركةالمدلىبهافيأبحاثوكتبمختصرةسابقة،وسيبقىهذاالمؤلف- لحدالآن-أعظمحجماواعطاءمنالمنجزإلىهذاالحين.والكتابترجمةلفكرة راودتالمؤلفمنذبدأتمعلمهالمغربسنه 1989 بإصدارعددهاالأولتحتإشراففقيهالموسوعاتالاستاذالمرحوممحمد حجي.
وفي المقدمة نفسهايستحث الدكتور حسن الفجيجي – حفظه الله- همّ الباحثين لتعبئة الجهود لاحقا لإثراء كل ما يصب في هذا الاتجاه، يقول:”ومنثم ستظل حيازة الحظ الأوفر من حق الباحثين الذين سيعبئون الاستعدادات الفردية أو الجماعية في وقت لاحق لإثراء كل ما يصب في المسار نفسه”.
ويختم المؤلف هذه المقدمة بدعوة الجميع – بحكم الانتماء الإقليمي والهوية الثقافية- إلى المساهمة الفعالة لأداء الواجب الثقافيلإقليمي الناظور والدريوش اللذين لن يتأخرا عن التعريف بمكانتهما المستحقة. وهذه المعلمة مشروع افتتاحي ينطلق ببركة الله وعونه، مبتهلين بالتجديدات المدخلة في إطار التأهيل الحضري على الإقليمين بمبادرة محددة زمنيا مأمونة بعطف طرف جلالة عاهلنا المفدى أمير المؤمنين محمد السادس الساهر على نهضة الوطن المغربي الشامل.
والمجلس العلمي بالناظور من جهته بادر إلى استجابة تلقائية لهذا النداء التاريخي من مؤرخ محقق مهموم بوطنيته، فاستقبل هذا العمل بصدر علمي رحب، وثمنه عاليا، واشتغلت عليه لجنة علمية متخصصة لسنتين،عملت على تنقيح مضامين الموسوعة، وتنسيق وثائقها وصورها، وتدقيق لغتها، وفهرسة أجزائها. وتم إخراج الطبعة الأولى بداية عام 2024 في حوالي 1900 صفحة مقسمة على سبعة أجزاء، بتقديم من السيد رئيس المجلس العلمي المحلي الأستاذ العلامة ميمون بريسول الذي قال:
“فهذه معلمة الريف الشرقي – كما سماها مؤلفها سيدي الحسن الفجيجي أسعد الله أيامه وختم له بالحسنى وزيادة- يخرجها المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور إلى الوجود، مبشرا بها أهل العلم في هذه الديار والباحثين منهم والمهتمين، وهي ضمن سلسلة العناية برجالات الريف، خصوصا منهم العلماء والصلحاء، وكل المآثر والمواقع التي تضمها هذه المنطقة العزيزة على قلب كل وطني غيور”. وأضاف المتحدث ذاته في التقديم الذي صدّر به هذه المعلمة:”وأُقَدّر أن هذا العمل لن يقف عند هذا الحد، فالمؤلف استقر في نفسه أن يبدأ بما تيسر، ثم يأتي بعده من يضيف الجديد المكتشف في كل هذه المجالات المذكورة، وهو ما وسع له صدره وسمح به منذ الفكرة الأولى للاضطلاع بهذا النشاط المتميز الذي يلقى كل التحبيذ والاستحسان”.
ونرجو أن يكون هذا الإصدار صدقة جارية لمؤلفه ولكل من ساهم فيه من داخل المجلس العلمي أو خارجه، خاصة من كانت نفقة طبعه ونشره من ماله الخاص، ندعو لهم بالتيسير والتوفيق والتسديد في القول والعمل والصلاح في الأهل والذرية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‹‹من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة››.