“لم تعد مدينة أكادير تتحمل أكثر ممّا كانت عليه من الزّوار رغم مشاريع التّأهيل والتّوسيع والإجراءات المواكبة للاكتظاظ والغلاء في فصل صيف 2024”. هكذا علّق متتبعون للشأن المحلي على ما يحصل في مدينة الإنبعاث، عاصمة وسط المملكة، صيف غشت 2024، بسبب تدفق السياح المغاربة ونظرائهم المهاجرين الذين وفدوا على المنطقة للاستمتاع بالصيف أمام انخفاض درجة الحرارة فيها مقارنة بباقي المدن المغربية.
يشرح فريد بوقسيم، وهو إطار بقطاع السّياحة والسفر، لـموقع “لكم”، أن هذا التّدفق غير المسبوق على مدينة الانبعاث من أكادير المدينة مرورا بالشريط الساحلي وأحياء تالبورجت والحي المحمدي والسّلام والداخلة، إلى أنزا ثم شمالا في اتجاه مناطق ساحلية تطل على المحيط الأطلسي من أورير وتمراغت، وإيموران، فتغازوت إلى إمي ودار وأغروض، وحتى إمسوان. كلّ الفنادق والاقامات السياحية مملوءة عن آخرها، رغم ارتفاع الأسعار التي تعود لارتفاع كلفة التدبير والصيانة، مع ما خلفته جائحة كورونا من تبعات وتراكمات لسنتين متتاليتين نجم عنها ترهل بنيات الاستقبال والتجهيزات التي تطلبت استثمارات إضافية لم تكن باليسير جبر ضررها”، وفق إفادات المهنيين.
ويشرح المتحدث أن “الإقبال على بنيات الاستقبال وتدفق الحجوزات لأكثر من شهرين زاد من كون العرض أقلّ من الطلب، رغم تفاوت الأسعار، حيث أن من السياح من يتجه للخدمات السياحية الشاملة (إقامة وتغذية) داخل الفنادق والاقامات السياحية من شريط أكادير السياحية مرورا بتغازوت باي إلى إمي ودار، وبأسعار تتراوح ما بين 800 إلى 4000 درهم لليلة الواحدة بحسب الموقع والخدمات الموازية وطبيعة الإقامة السياحية من ثلاثة إلى خمسة نجوم”.
وفيما تتجه أغلب الأسر المغربية التي تدفقت على مدينة أكادير أمام الطلب المتزايد في صيف 2024 والقدرة الادخارية لهم إلى خدمات الشّقق المفروشة في أحياء الحي المحمدي وتيليلا والسلام والداخلة وتالبورجت بالمدينة، وفي تمراغت وأورير وتغازوت وإمي ودار شمالا على مقربة من الشريط الساحلي في اتجاه مدينة الصويرة، فإن الأسعار بدورها ارتفعت بزيادة تصل إلى 40 في المائة عما كانت عليه قبل جائحة كورونا، إذ أن سعر شقة مفروشة في مدينة أكادير تتراوح ما بين 400 إلى 800 درهما لليلة الواحدة، ويرتفع السعر كلما كانت قريبة من الشاطئ شمالا في اتجاه الشريط الساحلي أكادير الصويرة بزيادة تصل إلى 400 درهم، وبأكثر من ذلك ما بين 1800 إلى 2000 درهم حينما تكون الإقامة عبارة عن فيلا مكونة من طابقين أو فيلا بمسبح خاص”.
ويعزى هذا الارتفاع، بحسب أحمد بوتكشط، وهو منعش سياحي بمنطقتي أورير وتغازوت، في توضيحات لـموقع “لكم”، إلى تنامي الطلب على هاته الخدمات السياحية ومحدودية العرض الموسمي، والحجوزات المسبقة التي بوشرت لأكثر من ثلاثة أشهر، سواء عبر وكالات الأسفار والحجز أو من خلال منعشين سياحيين محليين داخل المغرب وخارجة وبالأداء المسبق، مما جعل الطلب يتزايد مع مرور الأيام قبل عطلة عيد الأضحى، وبشكل غير مسبوق بعد الأسبوع الأول من شهر يوليوز 2024”.
ولم يخف هشام الطّايع، متتبع للشأن المحلي بمدينة أكادير، في تصريحه لموقع “لكم”، تبرير هذا التدفق في أن “تغير وجه المدينة بسبب انطلاق تنفيذ مشاريع التنمية الحضرية 2020/2024 وأجرأتها، والتي بدت معالمها تغير وجه عاصمة وسط المملكة، وما تسوق له المدينة في الداخل والخارج، أمام اعتدال جوها وصيفها مقارنة مع باقي مدن المملكة، ساهم في تدفق الآلاف على المدينة بشكل غير مسبوق منذ 2019، وحتى المواقع السياحية التي توفر بنيات الاستقبال السياحية صارت ممتلئة عن آخرها رغم شساعة بنياتها وقدرتها على استقطاب أكبر عدد من السياح، كما هو حال “إمي ودار” ( 28كيلومترا شمالا) و”تمراغت” (16 كيلومترا شمالا) و”إيموارن” (18كيلومترا شمالا) وحتى “إمسوان” (60كيلومترا شمالا)، حتى أن الأسر صارت تحجز شهرا كاملا بدل أسابيع كما كان الأمر في السابق، حيث يتم التداول في الاستفادة من البنيات والخدمات السّياحية”.
وبقدر ما كان للتدفق السياحي على بنيات الاستقبال السياحية الأثر في تحقيق نسب ملء بلغت 100 في المائة، فإن شكاوى عدد من الزوار من غلاء خدمات المطعمة والاكتظاظ في السير والجولان، عزاه حميد بوفوس، وهو فاعل بجمعية أرباب المطاعم السياحية بأكادير، لــ “ارتفاع كلفة المواد الأولية في إعداد وجبات الإطعام. وهو ما تلمسه الأسر في نفقاتها اليومية والأسبوعية والشهرية منذ مدّة بسبب موجة الغلاء المتفاقمة، ومن الطبيعي أن ينعكس على الخدمة التي تقدم لهم في المطاعم والإقامات المشابهة، مع ما يستلزمه ذلك من نظافة ويقظة وجودة يطلبها الزّبون”.
ومضى قائلا: على الرغم من كل ما يشاع، فإن الخدمات المطعمة متفاوتة بحسب العرض والجودة، وبأسعار وأثمنة تنافسية تحظى بإقبال من لدن السياح داخل المغرب ونظرائهم خارجه من المهاجرين، وكذا الأجانب”، وفق توضيحاته لـموقع “لكم”.
على الرغم من الإجراءات التي باشرتها المصالح الأمنية والدركية في أكادير للتخفيف من الاكتظاظ المروري من “إمي ودار” شمالا إلى “تيكوين” جنوبا، عبر فتح ممرين أرضيين في كل من ملتقى “الحي المحمدي” وجزئيا في “حي تيليلا”، واستعمال ممرات الحافلات العالية الجودة على طول شوارع “محمد الخامس” و”الحسن الثاني”، و”الجنيرال الكتاني”، ومسالك أخرى بمحاذاة الطريق الوطنية رقم 1 من مواقع “أنزا” و”تدارت”، وطريق مراكش، فإن الاختناقات المرورية في ساعات الذروة ما بين الرابعة عصرا وحتى منتصف الليل، تجعل السير والجولان بمداخل المدينة الشمالية جحيما لا يطاق، وفق تعليق عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في فيديوهات متفرقة يتم نقلها يوميا، رغم كل الجهود التي تباشر من أجل تخفيف الضغط، أمام تدفق آلاف العربات والناقلات يوميا على مسار الشريط الساحلي لأكثر من 40 كيلومترا من أربع جماعات ترابية من أكادير مرورا بأورير ثم تغازوت حتى تامري شمالا.