أقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان قاعدة “الأجر مقابل العمل”، بشرط احترام مبدأ التناسب بين مدة التوقف عن العمل وقيمة الاقتطاع، على ألا تفعل هذه القاعدة على المضربين بسبب عدم أداء الأجر.
وانتقد المجلس في مذكرة بخصوص القانون التنظيمي المتعلق بالحق في الإضراب، إحالة هذا الأخير على القانون الجنائي، والجنوح نحو عقوبات جنائية ضد المضربين، بما يتعارض مع حقوقهم، وأوصى بحذف هذه الإحالة إذا لم يتعلق الأمر بالعنف والتهديد، مع انتقاده للتنصيص على مبدأ “السخرة” الذي يتعارض مع حقوق الإنسان.
وأكد المجلس أن المادة 14 من هذا المشروع التي تنص على قاعدة الأجر مقابل العمل للاقتطاع من أجور المضربين عن العمل، بحيث يتم اعتبار التغيب عن العمل بسبب المشاركة في الإضراب من ضمن حالات عدم إنجاز العمل، يتماشى مع المقتضيات القانونية بما في ذلك مدونة الشغل.
وتوقف المجلس على أنه سبق لمحكمة النقض أن أصدرت قرارات تؤكد مشروعية الاقتطاع من أجور المضربين من حيث المبدأ إعمالا لقاعدة الأجر مقابل العمل، كما أن هذا التوجه يتماشى مع المعايير التي أقرتها لجنة الحريات النقابية.
وأوصى المجلس بالتنصيص على حالات الاستثناء التي لا يمكن فيها تطبيق مبدأ «الأجر مقابل العمل»، حينما يكون سبب الإضراب هو عدم أداء الأجر، مع احترام المساطر الإدارية المتبعة قبل الاقتطاع.
وبخصوص باب العقوبات والأحكام الانتقالية والختامية، انتقد المجلس تكرار الإشارة إلى «دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد»، وهو ما يتعارض مع اجتهادات لجنة الحرية النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية، التي لا تجيز فرض العقوبات الجنائية على أي عامل لمشاركته في إضراب سلمي، ويكون فرض العقوبات الجنائية فقط إذا ما ارتكبت أعمال عنف ضد الأشخاص أو الممتلكات أو انتهاكات خطيرة أخرى للقانون الجنائي العادي، وذلك بناء على القوانين واللوائح التي تعاقب على مثل هذه الأفعال.
وأشار المجلس إلى تعارض فرض عقوبات جنائية بشكل مفرط مع حقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في حرية التعبير، وحق التجمع السلمي، وحريات التجمع، خاصة إذا كانت العقوبات قاسية وغير متناسبة مع الفعل، أو إذا كان الإضراب سلميا وشرعيا.
وانتقدت المذكرة الفقرة الأخيرة من المادة 47 من مشروع قانون الإضراب التي تنص على أن بإمكان “السلطات العمومية المعنية”، عند الاقتضاء، وخلافا للأحكام التشريعية الجاري بها العمل، اللجوء إلى مسطرة التسخير من أجل تأمين استمرارية المرافق الحيوية في تقديم خدماتها وتأمين تزويد السوق بالمواد الأساسية.
وأكد المجلس على أن هذا المقتضى لا يتلاءم مع المبادئ التي أقرتها اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية، والتزامات المغرب، ولا سيما المادة الثامنة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية 105 حول إلغاء العمل الجبري أو تحريم السخرة، والاتفاقية رقم 29 (مؤتمر العمل الدولي) المتعلقة بالعمل الجبري أو الإلزامي.
وأوصى المجلس بحذف الإحالة على مدونة القانون الجنائي في الباب الخاص بالعقوبات إذا لم يتعلق الأمر بالعنف والتهديد، وحذف المقتضيات المتعلقة ب”العقوبات الجنائية الأشد” في الباب الخامس، مع حذف مسطرة التسخير.
كما دعا إلى حذف أو تعديل النصوص التي تحيل إلى نصوص تشريعية وتنظيمية أخرى بما يجعل القانون التنظيمي 97.15 هو التشريع الوحيد المنظم للحق في الإضراب، كما ينبغي أن تكون الإحالة على نصوص تشريعية أو تنظيمية أخرى مشارًا إليه بوضوح على غرار الفقرة الثالثة في المادة 7 التي أحالت على اتفاقيات الشغل الجماعية عند وجودها.