شهدت الجلسة العلمية الأولى ضمن المؤتمر الدولي الحادي عشر حول التدبير العمومي، الذي تحتضنه جامعة محمد الخامس بالرباط، اليوم الخميس وغدا الجمعة، مداخلات قوية عبّر فيها متدخلون، أغلبهم من اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي عن آراء صريحة؛ فقد دعا محمد فكرات، عضو اللجنة سالفة الذكر، إلى تغيير نظرة الإدارة المغربية إزاء المواطن واحترامه.
وأضاف محمد فكرات، خريج المدرسة المركزية لباريس والحاصل على شهادة الدراسات المعمقة في العلوم، أن اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي ألحّت، منذ انطلاق عملها، على مركزية المواطن في الورش التنموي الجديد.
وقال فكرات إن الإدارة المغربية لا تحتاج سوى إلى تغيير بعض التطبيقات “Applications”، وألا تنظر إلى المواطن على أنه مرتفق، بل كزبون، ينبغي أن تقدم له خدمة، وأن يتم الإصغاء إليه، واحترامه.
وأشار عضو اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي إلى أن هذه الأخيرة طبّقت هذا المبدأ، من خلال الذهاب عند المواطنين في مختلف مناطق البلاد، قصد الإنصات إلى مطالبهم وفتح المجال أمامهم للتعبير عن مطالبهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أيضا.
وشدد المتحدث ذاته على أن احترام كل مواطن ومواطنة، أيا كانت وضعيته، وحيثما وُجد، هو المبدأ الأساسي لتحقيق التقدم؛ “لأن كل واحد منا لديه ما بين 700 و 800 غرام من المادة الرمادية، ويجب أن يُحترم جميع المواطنين”.
واعتبر خريج المدرسة المركزية لباريس والحاصل على شهادة الدراسات المعمقة في العلوم أن المواطن المغربي يتمتع بالذكاء وبالإرادة في التغيير، مضيفا: “إذا استثمرنا القيم الإيجابية المشتركة بيننا فإننا سنذهب بعيدا، وسنصير أبطالا في مختلف المجالات”.
وتابع أن “التنوع الذي يتمتع به المغرب يفتح له آفاقا كبيرة، وعلينا أن نكون متفائلين بالمستقبل”، معتبرا أن “ما تحقق لحد الآن يدفعنا إلى أن نحب بلدنا أكثر”.
وانتقد فكرات أسلوب التفكير القائم على إلقاء المسؤولية دائما على الآخر، قائلا: “علينا أن نغير تفكيرنا وأن نتجاوز قاعدة صرْف الفعل بصيغة “هو”، حيث يتم تحميل المسؤولية دائما للآخر، وأن ننتقل إلى مرحلة يتحمل فيها الجميع مسؤوليته”، موضحا أنه “يجب على كل واحد منا أن يتحمل مسؤوليته ويشارك في إنتاج الحلول. في المقاولة مثلا تعتقد النقابات أن جميع مطالبها قابلة للتحقيق، دون الأخذ بعين الاعتبار الإكراهات التي قد تحُول دون تحقيقها”.
واستدل عضو اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي بمباراة نهائي عصبة الأبطال الإفريقية بين الأهلي المصري والوداد البيضاوي، قائلا إن المتفرج في المباراة يرى الجمهور واللاعبين والطاقم التقني؛ ولكن في الخلفية توجد الدولة التي سهرت على تأمين الجانبين الأمني والتنظيمي بفعالية.
وزاد موضحا: “كان هناك عمل كبير مكن من تغيير المعادلة، فقد كان الجمهور ألف القيام بأعمال الشغب؛ لكن العمل الذي قامت به الدولة جعلنا نعيش مباراة شرفت المغرب.. وعلينا أن نستمر في إنتاج مثل هذه الصورة في جميع المجالات، وهذا هو جوهر النموذج التنموي الجديد”.
ودعا إلى ضرورة التكامل بين الدولة ككائن قوي، وبين مجتمع مدني متعدد وقوي ومنخرط في مختلف الأوراش التنموية الكبرى، وينهض بدوره في مجال الديمقراطية التشاركية، معتبرا أن المغرب “سيذهب بعيدا إذا توفرت لدينا هذه العناصر الأساسية”.
ونبّه المتدخل ذاته، الذي استهل مساره المهني بمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط سنة 1981 وشغل العديد من المهام الوظيفية، إلى أن الدولة القوية “لا يُقصد بها الدولة السلطوية، بل الدولة التي تقوم بأدوارها بفعالية”، معددا خصائص الأدوار التي يجب أن تلعبها الدولة في أن تكون إستراتيجية وبعيدة المدى، وأن تتوجه نحو جعل الدولة فعالة.