بعد شهور من اندلاعها بين الرباط وباريس، وكان باعثها الأول ملف القاصرين المغاربة، تدخل “حرب الفيزا” مراحلها الأخيرة مع تعيين حكومة فرنسية جديدة ستعمل على إرجاع الدفء إلى العلاقات بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية.
وفي شتنبر من عام 2021، أعلنت باريس أنها ستخفض عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين الجزائريين والمغاربة بنسبة 50٪ وللتونسيين بنسبة 30٪، بسبب “رفض” هذه البلدان المغاربية الثلاثة إعادة مواطنيها الذين هم في وضع غير نظامي.
وقد اعتبرت الرباط في ذلك الوقت أن هذا القرار غير مبرر.
وبعد أكثر من سنة ونصف السنة، لا يزال هذا التشدد ساري المفعول كعقاب جماعي لعديد من المغاربة الذين يسافرون بانتظام إلى فرنسا لزيارات عائلية أو رحلات عمل أو إقامات سياحية، والذين يجدون أنفسهم ضحايا جانبيين لتدبير انتقامي لا علاقة لهم به.
ونقلت صحيفة “لوموند” عن القنصلية العامة لفرنسا في الرباط أن “الحوار مستمر مع المغرب حول مسائل الهجرة”. لكنها لم ترد أن توضح بالتفصيل كيف شرعت باريس في رفض طلبات التأشيرة.
وفي عام 2019، قبل وباء “كوفيد-19″، كان المغرب-الذي يشترك في علاقات تاريخية وثقافية واقتصادية وثيقة مع فرنسا-هو الدولة الثالثة التي تصدر تأشيرات: تمت الاستجابة لـ 346 ألف طلب من أصل 420 ألف طلب.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشأن الفرنسي مصطفى الطوسة: “لا يمكن أن نسمي هذه السياسة التي تقودها فرنسا تجاه دول المغرب بأنها بمثابة حرب، هي سياسة وخيارات عقابية فرنسية ضد دول المغرب العربي”.
وأضاف في تصريح لهسبريس أن “الحوار الدبلوماسي بين فرنسا وهذه البلدان وصل إلى الباب المسدود حول ضرورة استرجاع الأشخاص الذين لا يحملون أوراق الإقامة والأطفال القصر الذين يتسببون في مشاكل اجتماعية في بعض المدن الفرنسية”.
وشدد على أنه كانت هناك محاولات لإقناع هذه الدول المغاربية بتسهيل عودة هؤلاء إلى بلدانهم الأصلية، لكن بما أن الحوار وصل إلى الباب المسدود، اتبعت فرنسا إجراءات عقابية ضد هذه الدول.
وأشار إلى أن الإجراءات “اتخذت في ظرفية انتخابية حساسة كان فيها خطاب اليمين المتطرف الحاقد على الأجانب بزعامة كل من إريك زمور ومارين لوبين في أعلى مستوياته ويستقطب الأصوات، وقد كان ماكرون مرغما على اتخاذ هذه الخطوات الاستعراضية لتوجيه رسالة إلى الرأي العام الفرنسي مفادها أنه على المستوى السيادي هو قادر على اتخاذ إجراءات ملموسة لمحاربة الهجرة السرية”.
وقال الطوسة إن الحكومة الجديدة التي ستتشكل معالمها غدا، ستعمل على تجاوز هذه الإجراءات ورفعها على المغرب والجزائر وتونس، لأنها تضر بجودة العلاقات الاقتصادية والإنسانية بين فرنسا وهذه البلدان، وأصبحت غير مفهومة من طرف المغاربين الذين يعتبرونها خارج منطق حسن الجوار.