أوصى المشاركون في الندوة الموضوعاتية الجهوية التي نظمها مجلس المستشارين بتنسيق مع جهة بني ملال خنيفرة حول “تنمية المناطق القروية والجبلية: رافعة للجهوية المتقدمة والعدالة المجالية، السبت، بـ”ضرورة إحداث وزارة خاصة بتنمية المناطق القروية والجبلية، ووضع قانون إطار خاص بالمجالات القروية والجبلية ارتكازا على البرامج المندمجة لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية، وجعل العدالة المجالية كورش للتنمية الجهوية في النصوص القانونية”.
ودعا المشاركون في هذه الندوة التي ترأسها خطيب لهبيل، والي جهة بني ملال خنيفرة، والنعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، وعادل البركات، رئيس مجلس جهة بني ملال خنيفرة، إلى وضع سياسات عمومية مندمجة خاصة بتنمية المجالات القروية والجبلية بالجهة، وإعادة النظر في المقاربات التنموية وملاءمتها مع خصوصية المجال الجبلي بالجهة، والعمل على دعم البحث العلمي والابتكار للتحفيز ومواكبة المشاريع التنموية الخاصة بالمجالات القروية والجبلية”.
وأوصت الندوة بـ”العمل على تعزيز التدابير الخاصة بالمناطق القروية والجبلية في كل المخططات الخاصة بالبرامج الاجتماعية، كتسريع تعميم ربط المناطق الجبلية بالمدن الكبرى عبر الطرق السيارة، والعمل على تفعيل مطار جهة بني ملال خنيفرة، والبحث عن مصادر جديدة للتمويل على المستوى الوطني والدولي، والتركيز على أهمية صندوق التنمية القروية في تمويل العديد من المشاريع بالمجالات التي تعاني من الهشاشة”.
وركزت التوصيات على “أهمية توسيع التغطية الصحية الأساسية بالمناطق القروية والجبلية، وملاءمة المنظومة المدرسية والجامعية مع خصوصيات المجالات القروية والجبلية كتعميم المنح…، وخلق دينامية جديدة في اقتصاد هذه المناطق عبر استهداف القطاعات المنتجة للثروة وفرص الشغل، وتعزيز سياسة توجيه الفلاحة بالمناطق الجبلية كتطوير إنتاج وتسويق المنتوجات المحلية، والمحافظة على البيئة وعلى التراث الثقافي للمناطق الجبلية والقروية وتحويله لثروة اقتصادية”.
وتميزت الندوة التي جاءت في إطار استعدادات مجلس المستشارين لتنظيم منتدى الجهات في نسخته الرابعة في غضون منتصف شهر يوليوز المقبل، بكلمة النعم ميارة، رئيس المجلس المذكور، التي ركزت على “أهمية السياسات العمومية في تنمية المناطق القروية والجبلية، وضرورة اعتماد مقاربات جديدة للسير في نهج تحقيق العدالة المجالية وتحسين مؤشرات التنمية البشرية بعموم المجال الوطني لتحقيق تطلعات بلدنا من أجل كرامة الإنسان المغربي في الجبال والقرى”.
وفي تصريح لهسبريس، قال محمد حنين، الخليفة الأول لرئيس مجلس المستشارين، إن “أهمية هذه الندوة، التي تُنظم بشراكة بين مجلس المستشارين وجهة بني ملال خنيفرة، تكمن في كونها تسمح بمقاربة الإشكالات التي تحد من السياسات العمومية في تحقيق تنمية مستدامة بالنسبة للمناطق القروية والجبلية”، لافتا إلى أنه “جرى في هذا الصدد الوقوف على مجموعة من هذه الإشكالات التي تواجه الجهة، في إطار حوار مباشر مع مختلف المنتخبين والفاعلين الاجتماعيين، والاستماع لعدد من الاقتراحات المهمة بشأنها، التي سيتم الاشتغال عليها في مجلس المستشارين وفي منتدى الجهات من أجل بلورة توصيات حقيقية تمكن هذه المناطق من بلوغ مستوى التنمية المستدامة في المناطق الأخرى”.
من جهته، اعتبر عبد الإله حفظي، عضو مكتب مجلس المستشارين، أن “انفتاح مجلس مستشارين على المحيط من خلال هذه الندوة أمر طبيعي، باعتبار المجلس هو الحاضن للنقاش العمومي وللمسألة الجهوية من خلال المنتدى الذي ينظمه كل سنة والذي أصبح منتدى وبرلمانا خاصا بالجهات، خصوصا وأن التشريع بالجهات يمر بالصدارة من مجلس المستشارين”.
وأضاف حفظي، في تصريح لهسبريس، أن هذا اللقاء “هو يوم تقييمي فيما يخص ممارسة الجهة لاختصاصاتها والمسائل والمشاكل والقضايا المتعلقة بتنزيل هذه الاختصاصات على أرض الواقع، سيتم خلاله إنتاج توصيات وتحويلها إلى مبادرات تشريعية لكي نصنع من الجهوية المتقدمة ورشا ملكيا أساسيا مهيكلا بامتياز”.
وأبرز والي جهة بني ملال خنيفرة، خطيب الهبيل، أن “التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة للمناطق القروية والجبلية، لا زالت تشكل رهانا كبيرا بالنسبة لجميع الفاعلين بالجهة. وهو الرهان الذي لا يتمثل فقط في إخراج ساكنة هذه المناطق من العزلة ومن نقص وصعوبة الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساسية، بل أصبح يفرض تعبئة وتضافر الجهود لمواجهة الإكراهات الناتجة عن التحولات المناخية وتوالي مواسم الجفاف الذي أصبح ظاهرة بنيوية، وما ينتج عن ذلك من عجز مستمر في الموارد المائية، وتضرر مجموعة من الأنشطة الفلاحية التي تعتبر المورد الرئيسي لعيش الساكنة بالمجالات القروية والجبلية بالجهة”.
وقدم الوالي أرضية مهمة للتعريف بالبرامج التي تم إنجازها على مستوى تراب الجهة من خلال التدخلات القطاعية، وكذا برنامج التنمية الجهوية وبرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية ومشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وهي برامج مكنت من تحسين مؤشرات التنمية البشرية بالجهة، مما سيمكن من الرفع من جاذبية المجال الجهوي وتحقيق الثروة وخلق فرص الشغل.
وفي كلمته بالمناسبة، قال رئيس جهة بني ملال خنيفرة، عادل بركات، إن “هذا الاجتماع يكتسي أهمية خاصة ليس فقط بالنسبة للفعاليات والهيئات المشاركة فيه، وإنما لكونه يشكل بحق محطة قوية للتعاون المثمر والبناء بين الجهة والمؤسسة التشريعية بغية تحقيق الأهداف التنموية للجهوية المتقدمة، وتعزيز الحكامة التشاركية، وتحسين فرص النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل، وتحسين ولوجيات الفئات الهشة والشباب حاملي المشاريع إلى الحياة المهنية”.
وزاد قائلا: “نحن سعداء بتحمل المسؤولية للسير في نهج تعزيز هذا المسار التنموي بهذه الجهة من أجل إطلاق برنامج التنمية السوسيو-اقتصادية الدامجة لساكنة العالم القروي والجبلي، وتعزيز البنية التجهيزية، وتسهيل الولوج إلى خدمات القرب من خلال التنزيل الصارم لبرنامج تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، الذي يهم خمسة محاور أساسية تهم تعميم الربط بالماء والكهرباء، وتوسيع العرض المدرسي، ومحاربة الهدر المدرسي، وتسهيل الولوج إلى الخدمات الصحية، وكذا فك العزلة وبناء الطرق والمسالك القروية والجبلية”.
وأشار رئيس الجهة إلى أنه على الرغم مما تحقق من إنجازات على صعيد الجهة، إلا أن “حجم الخصاص يبقى كبيرا، وحجم الإمكانيات المالية للجهات جد محدود، ما يتطلب من الجميع البحث عن السبل الممكنة لإيجاد حلول لتمويل البرامج التنموية للجهات، وتمكين الجهات الجبلية من موارد صندوق التضامن بين الجهات تحقيقا لمبدأ العدالة المجالية وتحقيق التوازن بين الجهات”.
وأبرز بركات أن “جهة بني ملال خنيفرة تتوفر على مؤهلات طبيعية فلاحية وغابوية ومائية ومعدنية وسياحية، ومع ذلك تظل فقيرة من حيث تمركز الاستثمارات العمومية للدولة، ما يزيد من صعوبة تحسين جاذبيتها المجالية لاستقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية لخلق الثروة وفرص الشغل”.
يشار إلى أن الندوة تميزت بتنظيم جلستين خصصت الأولى منها لإلتقائية السياسات العمومية في مجال تنمية المناطق القروية والجبلية، والثانية لتنمية المناطق القروية والجبلية وسؤال التمويل، وشكلت مناسبة لتقاسم وجهات النظر حول إمكانيات النهوض بهذه المجالات القروية والجبلية واستحضار الرهانات الممكنة، دون إغفال تسطير التحديات والإكراهات التي تحول دون تحقيق العدالة المجالية الهادفة إلى تحسين مستوى العيش في هذه المناطق الهشة.