تشير المعطيات الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط إلى أن عدد سكان جهة درعة تافيلالت بلغ 1635008 نسمة (حسب إحصاء سنة 2014)، ويمثل سكان هذه الجهة حوالي 5 في المائة من سكان المملكة المغربية.
في وقت يقترب فيه عدد سكان هذه الجهة المحدثة وفق التقسيم الجهوي لسنة 2015 من 2 مليونيْ نسمة، تعيش الجهة على وقع غياب المستشفى الجامعي وكلية الطب وغيرها من المؤسسات العمومية؛ فيما بعض الجهات الأخرى تتوفر على مستشفيين جامعيين وكليات ومعاهد الطب.
وبالرغم من وجود جهة درعة تافيلالت في منطقة حدودية وأغلب مناطقها صحراوية، فإن هذه الجهة تعتبر من بين الجهات التي لا تتوفر على مستشفى جامعي أو كلية الطب.
وأشارت معطيات رسمية حصلت عليها الجريدة من مصادر مسؤولة إلى أن الوقت حان لتنزيل الجهوية المتقدمة لفتح المجال أمام كل جهة لتنمية نفسها بنفسها وبثرواتها وعائداتها المالية.
إحداث مستشفى جامعي
تعيش درعة تافيلالت، المكونة من أقاليم زاكورة وورزازات وتنغير والرشيدية وميدلت، على وقع غياب المستشفى الجامعي؛ وهو ما يضطر معه المرضى الذين تتطلب حالاتهم الاستشارة الطبية والتتبع الطبي والعلاجي بمثل هذه المراكز الجامعية إلى التنقل مئات الكيلومترات للوصول إلى مراكش أو فاس، ما يفاقم وضعيتهم الصحية والمادية.
وفي هذا الصدد، قال كريم مصباحي، من ساكنة مدينة تنغير، “لا يعقل أن تبقى الجهة بدون المركز الاستشفائي الجامعي، علما أنها جهة يستفيد منها المغرب من خلال ثرواتها المعدنية النفيسة”، مضيفا “بدون مستشفى جامعي لا يمكن أن نتحدث عن جهة مستقلة ومتقدمة، وعلى الوزارة الوصية أن تعطي لدرعة تافيلالت نصيبها من التنمية الصحية والمشاريع الكبرى المهيكلة الصحية”.
وعاب المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، التزام المنتخبين، خاصة مجلس الجهة والمجالس الإقليمية والبرلمانيين بالجهة، الصمت إزاء غياب هذا المرفق الصحي الكبير في الجهة، موضحا أن هؤلاء المنتخبين لم يكلفوا أنفسهم عناء إيصال هموم الشارع العام بالجهة إلى أصحاب القرار في المركز “الرباط”، سواء في الولايات الماضية أو الحالية.
في المقابل، كشف مصدر مسؤول تابع لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بجهة درعة تافيلالت أن على النواب البرلمانيين بالجهة البالغ عددهم 23 برلمانيا وبرلمانية تشكيل فريق موحد ومنسجم للدفاع عن مصالح الجهة في قبة البرلمان، وحث الوزارة الوصية على إحداث مستشفى جامعي مستقل بالجهة.
وأفاد المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، بأن نواب الأمة في الغرفة الأولى للبرلمان ومعهم المجالس المنتخبة من الجهة والأقاليم والجماعات الترابية يمكن أن يفرضوا صوتهم ومساءلة الوزير حول التدابير المزمع اتخاذها لإحداث مستشفى جامعي ونواة جامعية للطب بالجهة.
وأوضح المصدر ذاته أن الجهة تتوفر على المعايير الديمغرافية اللازمة التي يتطلبها بناء مستشفى جامعي، مشيرا إلى أن الوضع الصحي في الجهة مقلق؛ حيث إن الأطباء أصبح الكثير منهم يضعون استقالاتهم من الوظيفة ما يجب تدارك بمستشفى جامعي لتقريب خدمات علاجية من الساكنة والمقهورة بسبب البعد الجغرافي.
كلية مستقلة للطب
في تصريحات متطابقة أكد عدد من أبناء جهة درعة تافيلالت أن إحداث كلية مستقلة للطب بالجهة سيساهم في توسيع العرض الطبي الاستشفائي وتقريبه من أبناء الجهة، موضحين أن كلية الطب بالجهة يجب إحداثها بدون تقديم مبررات لفتح المجال أمام أبناء الجهة لولوج مهنة الطب وسد الخصاص المهول في الأطر الطبية في المستقبل.
وفي هذا الإطار، قالت أمينة عليلوش، طالبة من مدينة ورزازات، إن من بين المطالب التي يجب على الجمعويين والمنتخبين والساكنة عموما الترافع من أجلها هي توفير المقاعد الجامعية الكافية لاستيعاب حاجيات طلبة الجهة من التعليم العالي الطبي، من خلال إحداث كلية مستقلة.
وأضافت المتحدثة ذاتها أن أبناء الجهة يتنقلون إلى مدن بعيدة لدراسة الطب ما يكلفهم عناء التنقل وكلفة المعيشة بالمدن الكبرى؛ وهو ما يجعلهم في غالب الأحيان يرفضون بدورهم الاشتغال في الجهة، مشيرة إلى أنه لو تم إحداث كلية مستقلة للطب بالجهة لقرر 90 في المائة من الطلاب ولوج الجامعة في الجهة، وفرض عليهم الاشتغال في الجهة على الأقل 10 سنوات أو أداء مبلغ مالي مهم حول تكوينهم.
بدوره، كشف مسؤول إحدى مندوبيات الصحة والحماية الاجتماعية بدرعة تافيلالت أن إحداث كلية مستقلة للطب في الجهة سيساهم في حل مشكل الخصاص المهول في الأطر الطبية، موضحا أن ما لا يستطيع أحد إخفاءه أن نسبة كبيرة من الأطر الطبية خاصة الأطباء المتخصصين يضعون استقالاتهم على طاولة الوزارة الوصية ويلجؤون إلى الاشتغال في القطاع الخاص.
وأوضح المصدر ذاته أن على الوزارة الوصية على القطاع الصحي البحث للخصاص المهول في الأطر الطبية، مشيرلافتا إلى أن الجهة ستكون خالية من الأطباء في المستقبل في حالة إن بقيت الأمور على ما هي عليها حاليا، موضحا أن الوضع الصحي بالجهة مقلق ومقلق جدا، وعلى آيت الطالب أن يتدخل قبل فوات الأوان.
جهة منكوبة
وصف العديد من الشباب الذين حاورتهم جريدة هسبريس الإلكترونية جهة درعة تافيلالت بالجهة المنكوبة في جميع المجالات، سواء تعلق الأمر بالبنية الطرقية أو المؤسسات الصحية أو التعليم، مشددين على أن زيارة ملكية هي القادرة على تحريك المياه الراكدة.
وأوضح حميد لحسيني، فاعل جمعوي من مدينة الرشيدية، أن الوصف الذي تستحقه درعة تافيلالت إزاء حالتها المتردية هي “المنكوبة”، مشيرا إلى أن الجميع يتحمل المسؤولية؛ بدءا من المسؤولين الذين أهملوها وهمشوها، وليس انتهاء بسكانها الصامتين على الوضع المزري.
وطالب الفاعل الجمعويالجهات المسؤولة، من سلطات إدارية وقطاعات حكومية ومجالس منتخبة، بإعطاء هذه الجهة ما تستحقه من التنمية باعتبارها مهد الدولة العلوية.
وسجل المتحدث ذاته، ضمن تصريحه لهسبريس، أن حالة التهميش والإقصاء الذي تعيشه الجهة لن ترضي الملك محمد السادس لو قام بزيارة إلى الجهة، ملتمسا من الجميع العمل على تطوير الجهة وتنميتها.