احتضن مقر ولاية بني ملال، الاثنين، الندوة الجهوية لجهة بني ملال خنيفرة المتعلقة بالحوار المجالي الخاص ببلورة توجهات السياسة العامة لإعداد التراب الوطني، الذي أطلقته وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بغية تعزيز التماسك المجالي للسياسات العمومية، وضمان انسجامية الخيارات الإستراتيجية للدولة، وكذا تأطير أدوات التخطيط الترابي على الصعيد الجهوي.
وبالمناسبة، أبرز الخطيب الهبيل، والي الجهة سالفة الذكر، أن هذه الندوة تشكل مناسبة مواتية لإتاحة الفرصة لمختلف الفرقاء والفاعلين بالجهة، من أجل المشاركة في الحوار وتبادل الآراء والتشاور حول المسارات والآفاق المستقبلية، وتحديد التوجهات الأساسية على المستوى الوطني وما تطرحه خيارات التخطيط على المستوى الجهوي، مشيرا إلى تنظيم ورشات موضوعاتية عديدة شارك فيها مختلف الفاعلين على مستوى الجهة لإعداد أرضية النقاش وإغنائه خلال هذه الندوة الجهوية.
وذكّر الخطيب بالمؤهلات والإمكانيات التي تتوفر عليها جهة بني ملال خنيفرة، مشيرا إلى أن الدينامية الديمغرافية والاستثمار العمومي بالجهة ساهما في خلق تراتبية للمنظومة الحضرية نتج عنها توسع حضري مضطرب وفقدان أراض فلاحية خصبة وانتشار السكن شبه الحضري وتعدد ظاهرة الضواحي سواء في المدن الكبرى أو المتوسطة والهشاشة الاجتماعية.
كما لاحظ أن هناك العديد من التحديات والإكراهات ما زالت تشكل عائقا أمام تنمية المجالات القروية وتعقد إشكالية التخطيط والتدبير بها.
واستعرض المسؤول ذاته المجهودات المبذولة من طرف كافة الشركاء من أجل تقليص الفوارق الاجتماعية وتأهيل وتنمية مختلف المجالات بالجهة، مشددا على اعتماد تخطيط مجالي إستراتيجي يقوم على استشراف المجال ويروم الرفع من استقطاب المجالات الترابية وتوجيهها نحو تخصصات ووظائف محدَّدَة تساهم في تقوية تنافسيتها الاقتصادية والاستثمارية وإرساء أسس حكامة ترابية ناجعة موجهة لخدمة الاستثمار من خلال تخطيط استباقي لإحداث أقطاب للتميز والمناطق الصناعية واللوجيستيكية والسياحية والتجارية والأنشطة ومجالات المشاريع وغيرها.
من جهته، قال نور الدين الزوبدي، نائب رئيس جهة بني ملال خنيفرة، إن قطاع إعداد التراب حظي باهتمام كبير من لدن المجلس الجهوي، باعتبار أن التخطيط وإعداد التراب يعد إحدى الركائز الإستراتيجية الضرورية لتحقيق التنمية، مذكرا باعتماد التصميم الجهوي لإعداد التراب لجهة بني ملال – خنيفرة 2021-2045 كوثيقة مرجعية للتهيئة المجالية لمجموع التراب الجهوي في أفق 25 سنة، والإطار المرجعي لوضع برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد الجهوي؛ لافتا إلى أن برنامج التنمية الجهوية لجهة بني ملال-خنيفرة شكل الوثيقة المرجعية الثانية للتخطيط الجهوي وتحقيق العديد من المشاريع التنموية.
واستعرض الزّوبدي مختلف المنجزات المعتمدة من طرف المجلس الجهوي في مجال قطاع إعداد التراب، والتي يبقى من أهمها إبرام مجموعة من الاتفاقيات مع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، من أجل تأهيل الجماعات الترابية القروية بالجهة، وتقديم المساعدة المعمارية للجماعات القروية، وإنجاز وتمويل برنامج تأهيل المراكز والأحياء بمدن بني ملال وقصبة تادلة ومريرت؛ معربا على أن مجلس الجهة مستعد للتعاون مع مختلف الفاعلين والشركاء بالجهة من أجل تجاوز ورفع التحديات التي يطرحها النهوض بمجال إعداد التراب الجهوي.
بدورها، أكدت لطيفة نحنحي، مديرة إعداد التراب الوطني بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أن الجهوية المتقدمة تعتبر في صلب انشغالات سياسة إعداد التراب الوطني، مبرزة أن تنزيل هذا الورش يقتضي اعتماد توجهات متجددة لإعداد التراب وتبني مقاربات مبتكرة وفق منظور حكامة ترابية شمولية تروم تعزيز الاندماج والتماسك الترابي.
وأشارت المديرة إلى أن الوزارة بادرت، منذ يونيو 2021، إلى إعطاء الانطلاقة لإنجاز الرؤية الاستشرافية 2050، وإعداد التوجهات العامة في إطار حوار مجالي مع جميع الفرقاء المجالييّن، يروم ضمان بناء مشترك لهذه التوجهات ومناقشة القضايا والرهانات التنموية والخصوصيات الجهوية والمجالية.
وأبرزت نحنحي أن هذه الندوة المجالية تشكل مناسبة لتأكيد المكانة المتفردة والإستراتيجية لجهة بني ملال خنيفرة التي عرفت قفزة نوعية خلال العقد الأخير، بفضل خارطة الطريق التي رسم الملك محمد السادس توجهاتها الرئيسية من أجل إقلاع تنموي للجهة والمتمثلة أساسا في الاستثمار والبنية التحتية والمشاريع الاقتصادية الكبرى وتكوين الإنسان، مؤكدة أن توجهات السياسة العامة لإعداد التراب يتوخى منها أن تتأقلم مع المسارات التنموية لجهة بني ملال خنيفرة، من أجل ضمان مصاحبتها بشكل جيد والتأثير فيها بشكل إيجابي.
وعرفت الندوة تقديم المحاور الرئيسية المتعلقة بتوجهات السياسة العامة لإعداد التراب الوطني، وتنظيم ورشات تم من خلالها تدارس ومناقشة عدة قضايا مرتبطة بالتوجهات الإستراتيجية للتصميم الجهوي لإعداد التراب لجهة بني ملال خنيفرة، والمتمثلة خاصة في الموقع الجغرافي الحساس لهذه الجهة وانعكاسه على هويتها، والتماسك المجالي لتنمية اقتصادية واجتماعية دامجة، والابتكار والتسويق الترابي.
وخلص المشاركون في الحوار المجالي إلى صياغة توصيات عديدة متعلقة بمواجهة ظاهرة الجفاف وإشكالية ندرة الماء، وتثمين المنتوجات الفلاحية وجعلها قادرة على خلق القيمة المضافة، والتحكم في الهجرة القروية خاصة من خلال إنعاش الأنشطة غير الفلاحية، وتثمين التراث اللامادي، والاهتمام بالبدائل كالزراعات البديلة، وتفعيل آليات التماسك الترابي، وإخراج قانون الجبل وقانون التعمير إلى حيز التنفيذ، والاستثمار في الرأسمال البشري بضمان التعلم للجميع.
يذكر أن أشغال هذه الندوة حضرها عامل إقليم الفقيه بن صالح والكتاب العامون لأقاليم أزيلال وخريبكة وخنيفرة وممثلو وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ونائب رئيس مجلس الجهة والبرلمانيون ورؤساء الغرف المهنية والمجالس الإقليمية والجماعات الترابية والمصالح اللاممركزة وأساتذة وخبراء جامعيون ورجال أعمال وممثلو النسيج الجمعوي بالجهة.