أثار صدور مذكرات داخلية بمندوبيات إقليمية تابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحفظ عدد من الممرضين والممرضات المتخصصين في الإنعاش والتخدير، وسجالا واسعا في صفوف ممارسي هاته المهنة الدقيقة والحيوية في تأمين استمرارية المرافق الاستعجالية بمختلف المراكز الاستشفائية الإقليمية والجهوية بالتراب الوطني.
وفوض مديرو بعض المراكز الاستشفائية بموجب هذه المذكرات، التي تتوفر هسبريس على نسخ منها، عملية تخدير المرضى المقبلين على إجراء عمليات جراحية إلى الممرضين المتخصصين في التخدير والإنعاش في غياب الطبيب المختص في التخدير والإنعاش، ضدا على المادة السادسة من قانون مهن التمريض 43.13 والمادة الثانية من القرار الوزاري 2150.18.
عبد الإله السايسي، رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش، أوضح لـ هسبريس أنها ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها المسؤولون على تدبير المؤسسات الصحية والاستشفائية إلى توريط ممرضي التخدير في أعمال أكثر من طاقتهم خلال غياب طبيب التخدير بموجب مذكرات غير قانونية.
وقال السايسي إن هذه المذكرات لا تقتصر على المراكز الاستشفائية البعيدة والنائية كما هو الحال بالسمارة والداخلة وأزرو وشفشاون وخنيفرة؛ بل لم يسلم منها مستشفى الليمون وسط العاصمة الرباط، الذي ما زالت إدارته تفرض على ممرضي التخدير القيام بتبنيج المرضى بدون حضور أو إشراف طبيب التخدير.
وأضاف رئيس الجمعية المغربية لممرضي التخدير والإنعاش أن هذه المذكرات ضعيفة شكلا ومضمونا؛ لأنها لا ترتكز على نصوص قانونية. كما أنها مخالفة لما جاء في المادة 6 من القانون التنظيمي المؤطر لمهن التمريض 43.13، التي حددت بشكل دقيق مهام ممرض التخدير في القيام بمهام التخدير والإنعاش تحت مسؤولية طبيب في التخدير وإشرافه المباشر.
واعتبر السايسى هذه الاجتهادات الإدارية من حيث الموضوع “تغريرا” بموظفين عموميين بدعوى تحمل الإدارة لكافة المسؤولية عن الأخطاء والأخطار التي يمكن أن تقع بمناسبة ممارسة مهام التخدير والانعاش المرتبط دائما بالخطر والمضاعفات لدقته؛ وذلك لسببين: كون المسؤولية الجنائية تبقى شخصية ولا يمكن أن تمتد إلى الرؤساء أو إلى الادارة؛ بالإضافة إلى أن الاجتهاد القضائي المغربي ذهب إلى تحميل المسؤولية المدنية مباشرة للممرضين وليس إلى الإدارة، كما تبين من خلال أحكام قضية العرائش نموذجا”.
وطالب الإطار الصحي بضرورة استصدار نصوص قانونية ومراسيم منظمة تؤطر التدخلات العلاجية لممرضي التخدير وتؤمن حمايتهم من أي متابعة جنائية بنص قانوني أو منشور وزاري مركزي يوضح مجال تدخلهم ويضمن حقوق المواطن الدستورية ويتماشى مع الواقع المعيش.
وتابع السايسي: “نحن في فترة انتقالية، بالنظر إلى وجود عمليات جراحية مستعجلة لا تنتظر مخططات طويلة المدى أو حملات جراحية موسمية واجتهادات هنا وهناك؛ من قبيل العمليات القيصرية أو التدخلات الاستعجالية التي لا تقبل التأخير”.
وندد رئيس الجمعية سالفة الذكر بالصمت الوزاري تجاه واقع ممرضي التخدير والإنعاش بكل ربوع المملكة بين مطرقة بالمتابعة القانونية إما بالممارسة غير السليمة أو عند الامتناع بالمتابعة بعدم تقديم العون والمساعدة لشخص في خطر، مستحضرا دخول اعتصام ممرضي التخدير بالداخلة يومه الـ 15 على التوالي بسبب هذا الإشكال.
وقال المتحدث نفسه: “نحتاج اليوم إلى جرأة سياسية وحكومية مركزية لاستصدار رخصة قانونية تسمح بالتدخل بشكل قانوني يكفل حماية لممرضي التخدير وسلامة المواطنين، عوض تعريضهم للخطر والزج بالمهنيين في متابعات قضائية وجنائية”.
كما طالب السايسي بتعريف هوية ممرض التخدير والاستثمار فيه بالتكوين والتكوين المستمر وخلق مسالك العلاجات المتقدمة من أجل ضمان سلامة العلاجات، مشددا على أن سلامة المواطن هي من سلامة ممرضي التخدير والإنعاش.
وأشار المتحدث نفسه إلى مراسلة سابقة من الجمعية التي يرأسها إلى وسيط المملكة قصد التدخل لدى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لتوضيح المهام دون أن تتفاعل مصالح الوزارة الوصية مع مضمونها، رافضا تقديم أكباش فداء لأهواء المديرين والمناديب.