تعيش مجموعة من المداشر بأقاليم جهة مراكش أسفي، بمناسبة حلول عيد الأضحى، دينامية تجارية؛ وهو ما يساهم في تحول هذه الشعيرة التعبدية إلى موسم تجاري، ينعش الاقتصاد المحلي بالمجال القروي.
ووقفت هسبريس على هذه الحركية التجارية، خلال زيارتها لأسواق بجماعات قروية من قبيل خميس تيديلي وثلاثاء أيت أورير وأربعاء تغدوين وغيرها من الفضاءات التي خصصت لتوفير ما يضحي به سكان القرى والمدن؛ وهو ما ساهم في رفع رقم المعاملات المالية لتجار وفلاحين شباب كانوا إلى وقت قريب يفتقرون إلى مورد مالي. كما عاينت الجريدة وفودا من الشباب بالمحطة الطرقية بمراكش، والذين ينتظرون حافلات لتقلهم إلى قراهم.
محمد أقديم، باحث مهتم بشأن سكان جبال الأطلس الكبير، أوضح أن عيد الأضحى في المغرب تحول بالفعل إلى موسم اقتصادي، دون أن يفقد مكانته الدينية، بكونه عبادة (صلاة عيد ونحر، وتصدق وتكافل وصلة رحم)، وما يحمله من دلالات أنثروبولوجية، مضيفا: “لقد صار رقم المعاملات المالية التي تتم بهذه المناسبة يلامس حوالي 30 مليار درهم”.
وفي تدوينة على حسابه بإحدى منصات التواصل الاجتماعي، تابع الباحث ذاته قائلا: “معظم هذه الأموال تضخ في الاقتصاد القروي وتتجه نحو البوادي الفقيرة؛ فملايين المغاربة الشبان يشدون الرحال إلى مواطنهم الأصلية، وينتقلون نحو قُراهم في الجبال والسهول والفيافي والصحراء، حاملين معهم ما ادخروه من أجورهم الزهيدة بالعمل في المدن طيلة السنة. وبذلك، يخلقون رواجا تجاريا ينشط الدورة الاقتصادية ما يزيد عن شهر؛ ما يمكن التجار في المراكز القروية من تحقيق ما يوازي نصف من الأرباح مما يحققون طيلة السنة”.
ولأن المخطط الأخضر يقوم على دعامة الاعتناء بالعنصر البشري من أجل خلق فئة جديدة من المقاولين الشباب، عبر كراء أراضي الجموع أو مزاولة أنشطة المهن الفلاحية، فإن محمد بوعشنا، الذي زارته هسبريس بدوار أيت شاوعلا بالجماعة الترابية تيديلي مسفيوة، يشكل نموذجا لشاب اختار الانطلاق من الصفر في تربية الأغنام من أجل توفير الأضاحي للعاشقين لأكباش تم علفها ورعيها بجبال الأطلس الكبير.
عن هذه التجربة، قال بوعشنا: “نعتمد الشعير والذرة في علف البهائم، ونرعاها في الحقول التي لم يتم حرثها؛ لكن هذه التجربة التي أخوضها مهددة بالجفاف، إذ يصعب كسب الخروف في ظل غلاء العلف وغياب التساقطات المطرية التي تشكل منبع حياتنا بهذه المنطقة”، موردا: “كل الأكباش التي قمت بتربتيها بيعت لسكان من خارج المدشر؛ منهم من قصدني من مدينة مراكش لشراء أضحيته”.
ولأن هذا الدوار يعيش على الزراعة المرتبطة بالتساقطات المطرية والرعي، فإن هذه التجربة تشكل نقطة ضوء بإقليم الحوز، الذي يعج بمداشر شبابها أضحى جلهم يؤمن بالانتظارية، “في الوقت الذي علينا أن نبحث عن موارد مالية مستقرة”، أورد بوعشنا.
يذكر أن جهة مراكش أسفي تميزت بتوفير حوالي 3876000 رأس من الأغنام، و809000 رأس من الماعز بمناسبة عيد الأضحى. وعلى مستوى سلسلة اللحوم الحمراء بجهة مراكش-آسفي، فإنها تشمل حوالي 121 ألف منتج، منتظمين في 25 تجمعا مهنيا لمربي الأغنام والماعز والمنضوية في إطار الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز(ANOC).
يشار إلى أن هذه الجهة تتولى إنتاج 10 في المائة من الإنتاج الوطني للحوم الحمراء، وتضم 9 وحدات للتثمين بطاقة تحويلية تصل إلى 13 ألفا و350 طنا في السنة.