يسود كل عام، خلال عيد الأضحى، التخوف من تحول المدن المغربية والأحياء إلى مطارح للنفايات ومخلفات عملية ذبح الأضاحي وانتشار آثار الدماء وانبعاث الروائح الكريهة. ولعل تجارب سابقة في السنوات الماضية في مجموعة من المدن كانت دافعا أساسيا وراء هذه التخوفات.
باستثناء مشاهد معزولة نقلتها بعض وسائل إعلام، بدا المغاربة أكثر رضا خلال عيد الأضحى لهذه السنة عن نظافة محيطهم قبل وبعد انتهاء عملية الذبح؛ وهو ما ترجمته حملة أطلقها مجموعة من النشطاء المغاربة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، لشكر عمال النظافة نظير مجهوداتهم خلال هذه المناسبة الدينية.
“شكرا يا أبطال” هو الوسم الذي اختاره مجموعة من المدونين المنخرطين في حملة شكر عمال النظافة المغاربة في مختلف مدن المملكة، مرفقة بصور بعضهم وهم ينكبون على جمع نفايات نقط بيع الأضاحي ومستلزمات العيد كالفحم الخشبي وأدوات الذبح والسلخ، حتى آخر ساعات الليلة التي سبقت يوم عيد الأضحى، وصور جمع مخلفات عملية الذبح بعد ظهيرة يوم أمس.
وفي وقت كان فيه أغلب المغاربة ملتئمين على موائد شهية وفي زيارات عائلية كان عمال النظافة التابعون للشركات المكلفة بالقطاع أو الجماعات الترابية منكبين على جمع النفايات التي خلفتها عملية الذبح، إذ أعلنت مختلف هذه الشركات في مجموعة من المدن عن بدء عملية التنظيف انطلاقا من الساعة الواحدة زوالا من يوم العيد؛ وهو ما زاد من تعاطف المغاربة مع هؤلاء العمال.
في هذا السياق، كتب أحد النشطاء على موقع “فيسبوك” “تدوينة” قال فيها: “بغيت نوجه ألف وألف تحية إلى أصحاب القلوب الطيبة وإلى رجال الوطن، تحية كبيرة من القلب إلى عمال النظافة الذين يسهرون على نظافة أحيائنا وشوارعنا، وخصوصا في هذا اليوم المبارك، ويبذلون قصارى جهدهم، أقول لهم ولجميع عمال النظافة في المغرب والعالم: حفظكم الله ورعاكم وسدد خطاكم وجزاكم الله خيرا”.
ناشط آخر اختار التقاط صور لعمال نظافة وهم يرفعون كميات من النفايات خلال الليلة التي سبقت يوم عيد الأضحى، مرفقة بـ”تدوينة” وصف فيها هؤلاء بـ”أصحاب المهمات الصعبة”، مضيفا: “ألتقط الصور في هذه اللحظة لأنني أرى بوضوح كيف تعبأ هؤلاء العمال والمسؤولون وتسخيرهم لثلاث شاحنات امتلأت عن آخرها بمخلفات السكان والمتسوقين والتجار”.
وإلى جانب “التدوينات” التي وجهت إلى عمال النظافة عبارات الشكر والعرفان نظير حرصهم على نظافة المدن والأحياء المغربية، وجه مدونون آخرون، عبر الحملة ذاتها، دعوات إلى ساكنة المدن من أجل مساعدة عمال النظافة بتجميع بقايا أضاحيهم في أكياس بلاستيكية ووضعها في الحاويات المخصصة لها، لتسهيل نقلها إلى المطارح.
آخرون اختاروا هذه الحملة الافتراضية لتوجيه الدعوة إلى الجهات الوصية على عمال النظافة للاهتمام بهم وبحالتهم المادية؛ وهو ما أثاره عبد الصمد دكان، رئيس جمعية المبادرة المغربية للعلوم والفكر، إذ أكد أن هذه الجهود التي قاموا بها هؤلاء العمال خلال اليومين الماضيين تعد دافعا لتحسين أوضاعهم وظروف اشتغالهم.
ودعا الفاعل الجمعوي ذاته، ضمن تصريح لهسبريس، المواطنين إلى تقدير العمل النبيل الذي يقوم به عمال النظافة، والنظر إليهم بطريقة إيجابية والإعلاء من شأنهم، منبها إلى حرصهم على الصحة العامة للمدن المغربية وصحة ساكنتها؛ وذلك عبر اهتمامهم بالبيئة المحيطة بالإنسان والتي هي جزء من صحته، وفق تعبيره.