تجدد الجدل حول منع النساء المغربيات من ولوج الفنادق المتواجدة بمدن إقامتهن، حيث انتقد نواب برلمانيون التعامل بميز عنصري مع النساء في وقت يسمح فيه للمواطنين من الرجال بالولوج دون شرط أو قيد.
في هذا السياق، سجل الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بأسف هذه الوضعية، معتبرا أنه من غير المقبول أن تواجه النساء هذا المنع في كل مرة يحللن فيها بفندق من أجل قضاء عطلة، أو ما شابه، لأسباب عائدة إما إلى “دورية ما” أو “ما جرى به العمل”.
وقال مولاي المهدي الفاطمي، برلماني اتحادي، إن “هذا الإجراء يسهم في انتهاك حقوق المرأة، ويخالف الدستور، ويؤثر على الاقتصاد، ويضرب مبدأ المساواة في الصميم، ويُثقل كاهل المواطنين ويجعلهم في حرج، كما أنه من الناحية القانونية لم نجد أي نص قانوني يستند إليه أصحاب الفنادق والأجهزة الأمنية في منعهم للنساء من حجز غرف لهن بالفنادق، بل إن القوانين الجارية تضمن للمرأة حقها في التنقل والمكوث في أي مكان داخل المغرب، وإذا وجدت بعض التقييدات على هذا الحق فهي تشمل المرأة والرجل على حد سواء، وهكذا نجد أن الدستور المغربي الذي يعد أسمى قانون في البلاد، ولا يمكن لأي قانون أو دورية أو منشور أن يخالفه، يضمن للمرأة كما الرجل الحق في التنقل والحلول بجميع الأمكنة المتاحة”.
وأضاف أن الدستور ينص في الفقرة الأخيرة من الفصل 24 منه على أن “حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه، والخروج منه، والعودة إليه، مضمونة للجميع وفق القانون”، وتابع قائلا: “بما أنه لم يصدر أي قانون من شأنه تقييد حرية النساء في التنقل أو النزول بالفنادق، فإن أي إجراء في هذا السياق يعتبر مخالفا للدستور، لأن الأخير اشترط لتقييد حرية التنقل أن يكون ذلك بقانون، وليس عن طريق دورية أمنية أو اجتهادات أصحاب الفنادق”.
وأفاد الفاطمي بأن منع النساء من الحلول بفنادق مدنهن، يتعارض الدستور والقوانين التي تنص على المساواة بين الجنسين، معتبرا الأمر انتقاصا من كرامة المرأة، مطالبا الحكومة ضمن سؤال كتابي توصلت به هسبريس بالكشف عن الإجراءات التي ستتخذها من أجل إصدار دورية مضادة توزع على الفنادق، ومعاقبة أي اجتهاد في هذا الاتجاه من طرف أصحابها.
لحسن زلماط، رئيس الجامعة الوطنية للصناعة الفندقية، قال إن “المشكل غير مطروح على صعيد الفنادق وإنما على مستوى عدم وضوح القانون؛ إذ يخشى أرباب الفنادق مساءلة السلطات في هذا الجانب، لذلك يلجؤون إلى منع النساء من حجز الغرف”.
وأضاف زلماط، في اتصال مع هسبريس، أن “المشكل ينبغي أن يحل على صعيد المؤسسة التشريعية، وليس على صعيد الفنادق التي يخشى أصحابها ملاحقتهم بتهمة احتضان الفساد”، مشيرا إلى ضرورة “تعديل القانون الجنائي الذي لم يتغير منذ عشرات السنين، وظل محتفظا بأحكام غير واضحة فيما يخص ما الذي يعتبر فسادا وما لا يعد كذلك”.
وأورد رئيس الجامعة الوطنية للصناعة الفندقية أن “هناك مظاهر أخرى يمكن أن تعتبر تمييزا، تتعلق بعدم السماح للنساء بالعمل سواء بالمطاعم أو الحانات، خاصة ليلا، إلا بعد الحصول على رخصة الأب أو الزوج أو الأخ، وأيضا والي الأمن”.
وانتقد المتحدث ما وصفه بانعدام الجدية لدى نواب الأمة الذين لا يطرحون بعض القضايا المتعلقة بالحريات وحقوق النساء بالجرأة المطلوبة، خوفا من التيار المحافظ، وقال: “عليهم تحمل مسؤوليتهم لملاءمة القوانين مع مستجدات العصر”.
لطيفة بوشوا، رئيسة فدرالية حقوق النساء، قالت إن هذا الإجراء “التمييزي” لا يوجد في أي نص قانوني، معتبرة الأمر “تمييزا واضحا في ظل احتكام المغاربة لدستور 2011 الذي نص على المساواة، خاصة أن الأمر لا يطرح لدى الرجال”.
وأضافت أنه “إذا كان الإجراء غرضه الوقاية من الفساد، فالوقاية لها طرقها وآليتها الإعلامية والتربوية، كما أن معالجة بعض الإشكالات المجتمعية تتم بطرق أخرى، وليس على حساب المرأة وصورتها”.
وأكدت المتحدثة أن “عددا من النساء يكن في حاجة إلى حجز غرف بالفنادق لأسباب تخصهن، لا يمكن للفندقي التدخل فيها وفي تفاصيلها. وإذا كان هناك قانون، فينبغي أن يشمل جميع المواطنين على حد سواء، وإلا فإن الأمر يمس بصورة المغرب بشكل سيء”.