قالت دراسة رسمية إن غياب تغطية صحية نظامية، تضمن التأمين الصحي الإجباري، يدفع الأسر المغربية إلى زيادة الإنفاق المباشر على الصحة، وبالتالي زيادة إفقارها.
وأفادت الدراسة، المعنونة بـ”الإنفاق الكارثي على الصحة وأثره على إفقار الأسر: حالة المغرب”، أن المغاربة خصصوا سنة 2014 حوالي 6 في المائة من إجمالي نفقاتهم للخدمات الصحية والولوج إليها، وذلك على حساب النفقات الأساسية الأخرى.
ويقصد بالإنفاق الكارثي على الصحة، وفق تعريف منظمة الصحة العالمية، الدفع المباشر من الأموال الشخصية دون استردادها بشكل يتجاوز القدرة المعيشية للأسر. ويمكن الحديث عن الإنفاق الكارثي حين يزيد إنفاق الأسر على الصحة عن 40 في المائة من إجمالي نفقاتها.
وإذا تم اعتماد هذه المقاربة في المغرب فإن النتيجة تكشف أن 2.04 في المائة من الأسر المغربية خصصت سنة 2014 أكثر من 40 في المائة من مخصصاتها المباشرة للأداء المباشر على الخدمات الصحية، وهي نسبة كانت في حدود 1.86 في المائة في 2006-2007.
وذكرت الدراسة، التي أعدها عبد الجواد الزراري، دكتور في الاقتصاد ومتصرف بمرصد ظروف معيشة السكان بالمندوبية السامية للتخطيط، أن إنفاق المغاربة على الخدمات الصحية بشكل أكبر يؤدي إلى إفقارهم، وأشارت إلى أن وجود الإنفاق الكارثي داخل الأسر المغربية هو نتيجة عدة عوامل مجتمعة تتعلق بالأسرة وبيئتها وخصائصها، كما أنها تتعلق أيضاً بمهنة رب الأسرة وجنسه ومدى استفادته من التغطية الطبية.
تحليل الدراسة يكشف أن 20 في المائة من الأسر الأكثر فقراً في الوسط القروي، التي تسيرها امرأة، لم تتلق أي تعليم مدرسي ولا تمارس أي نشاط مدر للدخل، ولديها شخص واحد على الأقل يبلغ من العمر 65 عاماً وأكثر، هي الأكثر عرضة للإنفاق الكارثي، وبالتالي السقوط في الفقر.
وقد اعتمدت الدراسة على مقاربة طورتها المنظمة العالمية للصحة لحساب الإنفاق الكارثي بناءً على مؤشرات الفوارق من حيث الولوج إلى الصحة وإفقار الأسر، باستعمال معطيات البحث الوطني حول استهلاك ونفقات الأسر برسم 2013-2014.
وجاء ضمن الوثيقة أن الولوج إلى الخدمات الصحة في المغرب يتم على حساب نفقات أخرى أساسية للأسر، وهو ما يدفع هذه الأخيرة للاستدانة أو حتى بيع ممتلكاتها للحصول على علاج، في غياب نظام تغطية اجتماعية شاملة، وهي وضعية ينتج عنها إفقار الأسر.
وأشار معد الدراسة إلى أن المشروع الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية الذي أطلق في أبريل من سنة 2021 سيصحح الاختلالات ويمكن من إنشاء نظام صحي فعال يلبي احتياجات المواطنين في مجال الخدمات الصحية.