مخاوف من مصير معطل مضرب عن الطعام منذ ما يزيد عن شهر عبر عنها حقوقيون، في ظل تطورات صحية مقلقة نقلها مرافقون له في اعتصامه.
ياسين بوعملات، رئيس الفرع المحلي للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، بدأ في شهر يوليوز إضرابا عن الطعام يطالب فيه بـ”الحق في الشغل”، قبل أن يقوده الأمر إلى مستشفى ابن باجة بمدينة تازة.
ودعت جمعية حملة الشهادات المعطلين في “بيان عاجل” كل “الجهات والمؤسسات المعنية” إلى “إيجاد حلول لقضية البطالة وإنقاذ الشباب المعطل من براثين الضياع”، مع تشديدها على ضرورة فتح “حوار جاد” مع معطلي تاهلة، و”تمكينهم من حقهم العادل والمشروع في الشغل والعيش الكريم”.
وسبق أن أرسلت نبيلة منيب، نائبة برلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، إلى عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، سؤالا كتابيا عن “إضراب المعطلين عن الطعام بتاهلة”، من بين ما ورد فيه أن “السلطات واجهت المطالب الجدية والمشروعة للشباب المعطل باللامبالاة وعدم الاهتمام”. كما ندد بهذا الوضع فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتازة، في وقفة احتجاجية بالمدينة.
خالد البكاري، فاعل حقوقي، قال إن “قضية الحق في الحياة في المنظومة الكونية لحقوق الإنسان هي الأسمى بين الحقوق، ولو أن الحقوق الأخرى كلها متساوية؛ وهو ما يترتب عنه أن حفظ هذا الحق من مسؤولية الدولة أساسا؛ فمثلا في مسألة الانتحار إذا وصل إلى علم السلطات أن شخصا في طريق الإقدام عليه ولم تتدخل فإن هذا يحملها مسؤولية انتحار الشخص، ولذا تُرَتّب بعض الدول المتقدمة حقوقيا عقوبات على محاولة الانتحار، تنفذ بعد إنقاذه، لأن الأمر فيه استهداف للحق في الحياة، ولو أن الأمر يدخل في نطاق حرية الاختيار وحياته”.
وتابع البكاري في تصريح لـ هسبريس: “في حالة الإضراب عن الطعام مسؤولية السلطات ثابتة في ضمان السلامة الجسدية للمضرب، عن طريق المرافقة الطبية، وهذا موجود في الأدبيات الكونية لحقوق الإنسان ومنها ما صادق عليه المغرب، بحيث يجب قياس الضغط ونسبة السكر في الدم يوميا. ومن مسؤولية السلطات الحفاظ على حق المعني في الحياة بالقيام بكل ما يتطلبه الأمر من أجل إيقاف الإضراب عن الطعام، شريطة عدم استعمال الضغط وعدم استعمال عنف وعدم استعمال الإطعام بالقوة”.
وزاد الفاعل الحقوقي: “إذن، التدخل ينبغي أن يكون عن طريق فتح الحوار مع المضربين والاستماع إليهم ومحاولة إيجاد الحلول الكفيلة بإنهاء الإضراب عن الطعام”، وواصل: “لكن، عندما يكون هناك أشخاص في وضعية إضراب عن الطعام، وتكون هناك لامبالاة ولا يكون هناك حتى الاستماع إليهم، ولا يكون هناك حوار معهم، ولا يكون هناك تدخل طبي لحفظ سلامتهم الجسدية، فهنا تتحمل السلطات المسؤولية”.
بدوره، قال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: “لا يعقل أن شخصا دخل شهرا من الإضراب على الطعام ومازالت السلطات، سواء المنتخبة أو غيرها، لم تفتح حوارا مع جمعية المعطلين لإيجاد حل، و’السيد’ يموت”.
واسترسل غالي: “يوجد هذا المعطل المضرب عن الطعام في تاهلة، ويوجد معطلون في تادلة دخلوا اعتصاما منذ أزيد من شهر، ودخلوا في مجموعة من الإضرابات عن الطعام. إذن، مركزيا وجهويا على وزارة الداخلية، بما أنها تتحمل المسؤولية الأولى في إطار الحكومة، أن تفتح حوارا مسؤولا مع جمعية المعطلين لنتفادى هذا، حتى لا تقع مأساة”.
واستحضر الحقوقي ذاته “ما وقع في فاس، بعد إضراب معطَّلَين لمدة طويلة، وبعد ذلك تدخلت عدد من الإطارات وتم فك الإضراب عن الطعام، لكن تراجع المجلس البلدي بفاس عن كل الوعود التي أعطاها”، ثم علق بالقول: “هذا يكثر اليأس عند الشباب الذي لا يبقى يرى أي أفق”.
ثم أضاف غالي: “أن يصل الإنسان إلى أنه من أجل منصب شغل يضرب عن الطعام لمدة شهر، مع انعكاس ذلك صحيا عليه، والتشويش في الذاكرة الظاهر الآن، في ظل حرارة تاهلة الحالية، ففي هذا اتجاه كبير للهلاك، والسلطات المحلية كأنها في عطلة دون تفاعل. على الأقل ينبغي الجلوس إلى الحوار والبحث عن الممكن من أجل حل هذه المسألة”.
ويرى رئيس أبرز الجمعيات الحقوقية بالبلاد أن تقرير المندوبية السامية للتخطيط الصادر أمس الجمعة “أكبر إدانة للسياسات المتتالية في مجال التشغيل بالمغرب؛ لإظهاره أنه كلما تزيد الدراسة وتُؤخذ شهادات أعلى كلما تزيد إمكانيات العطالة، بنسبة تصل إلى 61 بالمائة، وهو رقم مرتفع جدا، مع العلم أن هذا لا يشمل المشتغلين في ميادين هشة، أو من يشتغلون في أعمال بعيدة عن تخصصهم”.