اختتمت أكاديمية المملكة المغربية دورتها السابعة والأربعين التي وضعت فيها البحر الأبيض المتوسط أفقا للتفكير، بعد ست جلسات علمية جمعت أكاديميين من ضفتي المتوسط.
وجمعت الأكاديمية في هذه الدورة أكاديميين وباحثين من المنطقة العربية والأوروبية والإفريقية للنقاش حول تاريخ المتوسط، بوصفه مهدا للحضارات الكبرى وبوصفه فضاء فلسفيا وفكريا، وناقشت أبعاده الإيكولوجية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية ومشاريعه التنموية، فضلا عن تحولاته الجيوسياسية.
وفي الجلسة الختامية للدورة السابعة والأربعين المنظمة بين أيام 24 و27 ماي الجاري، سجلت رحمة بورقية، عضوة أكاديمية المملكة، أن وضعَ البحر الأبيض المتوسط أفقا للتفكير “ليس تمركزا عليه”؛ بل تفكيرٌ للأكاديمية في جهات العالم، وتركيز عليها، كما وضعت سابقا إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية آفاقَ للتفكير.
وسجلت الأكاديمية أن مقصدها من تنظيم هذه الدورة “تبادل الخبرات والتجارب بين الباحثين في قضايا البحر الأبيض المتوسط” و”توفير وثائق مرجعية علمية موضوعية” حول قضاياه، مع تأكيد “خصوصيته الثقافية والحضارية”.
كما سعت هذه الدورة السابعة والأربعون إلى “تعزيز قيم الحوار وجسور التلاقح والتعايش بين الثقافات والحضارات والأديان”، و”عرض التجارب الدولية والخبرات النادرة حول القضايا والمشكلات المتوسطية التنموية والاقتصادية والبيئية والتاريخية”، و”إبراز التنوع الهُوياتي والحضاري في الفضاء المتوسطي”.
ونظمت دورة “البحر الأبيض المتوسط أفقا للتفكير” بعد سلسلة من المحاضرات الافتتاحية التي سعت إلى تلمس وجود مخيال متوسطي من عدمه، تاريخا وفكرا وفنا، وتطلّعت إلى إمكان بناء “هوية متوسطية” وجسور بين الشعوب والثقافات والدول المحيطة ببحر شاهد على قيام حضارات وأفكار وتلاقح ثقافات وعلى صراعات وأحكامٍ ومآسٍ، منها المستمرّ حاضراً.
وانتقدت ورقة عمل هذه الدورة تركيز دول الاتحاد الأوروبي المستمر على “مسألة الهجرة لأسباب سياسية داخلية بالدرجة الأولى”، ووصفت الوضع بـ”شرق الحوض المتوسطي” بكون “أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه كارثي فعلا بسبب الفوضى الحاصلة جراء الحروب الأهلية وفشل وتصدع الدول وحركات الهجرة والمآسي الناجمة عن هذه الاضطرابات”.
كما سجلت الورقة ذاتها إلحاح الحاجة إلى “مساءلة ومراجعة منظومة القيم لصالح بناء سياسات تتسم بالعقلانية والتشاركية واستثمار ما تراكم عبر آلاف السنين من تاريخ مشترك وإحساس بالانتماء، واستحضار “روح الثقافة المتوسطية” قصد تجاوز كل انغلاق هوياتي أو انطواء على الذات”.