أثار إصدار وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، قرارا بإلغاء الصفقات الخاصة بالتغذية الجماعية للمخيمات الصيفية، استنكار متعهدين اتهموا الوزارة بخرق القانون وتكبيدهم خسائر فادحة تقدر بمئات الملايين.
وقال مصدر من المتعهدين الذين شاركوا في طلبات عروض هذه الصفقات إن الأخيرة استغرق إعدادها أكثر من شهرين بين الدراسة والإعلان والتنزيل والتداول لاختيار المتعهدين الذين سيقدمون خدمة التغذية لفائدة الأطفال الذين سيستفيدون هذه السنة من المخيمات، مستغربا تجاهل كون كل المتعهدين الفائزين بالصفقات قاموا بشراء كل مستلزمات التغذية، خاصة وأن دخول المخيمات تزامن مع عيد الأضحى، حيث المتاجر مغلقة، وبالتالي كان من الضروري اقتناء كل الحاجيات المتعلقة بالتغذية الجماعية قبل إعطاء الانطلاقة لهذه المخيمات.
وأضاف المتحدث ذاته، في اتصال مع هسبريس، أن مبررات قرار إلغاء الصفقات واهية، وأهمها أن الأثمنة المقترحة لم ترق إلى تقديرات الوزير، مبرزا أنه “لا دخل للوزير بالأثمنة المقدرة؛ ما يهمه هو التطبيق السليم لدفتر التحملات من طرف الموردين، فالعقد شريعة المتعاقدين”.
وتابع بأن الوزارة بذلك تضرب مبدأ المنافسة عرض الحائط، كما تكرس مبدأ المركزية من خلال التعامل مع متعهدين محددين، دون توسيع دائرة المستفيدين المتواجدين داخل الأقاليم، والاقتصار على المقربين من المديرين الجهويين.
وأوضح المصدر عينه أن “المتعهدين الذين فازوا بالصفقات سيلجؤون إلى القضاء لضمان حقوقهم التي يبدو أنها تهدر بعد أن توسموا خيرا إثر سنتين من الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كوفيد-19”.
وأوردت رسالة تظلم بعث بها أحد المتعهدين إلى الوزير مهدي بنسعيد، توصلت بها هسبريس، أن شركته “قامت باقتناء المعدات واللوازم الخاصة بالتغذية الجماعية التي تهم العروض، وذلك كعملية استباقية من أجل إنجاح هذه المخيمات وضمان التسيير السلس والتطبيق الأمثل لدفاتر التحملات. كما قمنا بإبرام عقد تأجير لشاحنتين محتويتين على نظام التبريد وتتوفران على ترخيص من المكتب الوطني للسلامة الصحية” للمنتجات الغذائية.
وزادت الرسالة: “صرفت الشركة ما يناهز مليونا ونصف المليون درهم (000,00 500 1) لشراء هذه المستلزمات، وكانت المفاجأة والصدمة في آن واحد يوم الثلاثاء 12 يوليوز الجاري، حيث بلغنا من طرف بعض الممونين أن الوزارة قد تخلت عن مسار الصفقات العمومية، ولجأت إلى إبرام عقود مباشرة مع ممونين لم ترس عليهم أي صفقة. وفي هذا الصدد، تم تكليف المديرين الجهويين بإبرام هذه العقود، بينما كان من الأجدر إعطاء الأولوية للشركات التي رست عليها الصفقات التي تم إلغاؤها”.
من جانبها، قدمت الوزارة الوصية على القطاع توضيحات لهسبريس بهذا الخصوص، موردة أنها “أخذت على عاتقها مسؤولية مرور عملية التخييم لهذه السنة في أحسن الظروف، واتخذت قرارا يقضي برفع مبلغ وجبة الغذاء من 30 إلى 50 درهما، وهو قرار ذو كلفة مالية لكن يصب في مصلحة المستفيدات والمستفيدين”، بحسب مصدر مسؤول من الوزارة.
وفي هذا الصدد، يتابع المصدر، “عملت الوزارة على أن يكون دفتر التحملات واضحا بشروط صارمة لضمان سلامة المستفيدات والمستفيدين وجودة الوجبات المقدمة لهم”، مضيفا أن “هناك من تقدم في مرحلة طلب العروض لكن العرض كان ضئيلا ولا يرقى إلى مستوى ما وضع من شروط في دفتر تحملات، يعني أن مبلغ الوجبة كان أقل بكثير مما طلبت الوزارة، مما يضع شكوكا في جودة هذه الوجبات لثمنها الرخيص، وهو ما لا يمكن السماح به حماية لصحة الأطفال والمؤطرين”.
وزاد المتحدث أن “الوزارة طلبت توضيحات من بعض الشركات حول أثمنة الوجبات ولم تتلق أي جواب، مما طرح لديها تساؤلات وشكوكا حول مدى صحة وجودة الوجبات”.
أما بخصوص لجوء الوزارة إلى العقود، فقد اعتبر المسؤول ذاته أنها “عملية سليمة وقانونية، تعزز أولا مراقبة الإدارة للخدمات المقدمة وتُجوِّد من حكامتها، وقد التجأت إليها الوزارة لضيق الوقت؛ لأن أغلب العروض لم ترق إلى طموحات دفتر التحملات الذي يهم خدمات تقدم لمستفيدات ومستفيدين من أبناء الشعب المغربي”.