أصبح العالم في مواجهة اللايقين، فالأمن الغذائي والمائي والحماية من الفقر من التحديات الكبرى الحالية والمستقبلية للمغرب والدول النامية. هذه التحديات والرهانات تتطلب كثيرا من الاجتهاد من طرف الفاعل السياسي والمدني، للبحث عن الحلول والبدائل الكبرى في حجم الظرفية الصعبة التي نجتازها وعدم الوقوف فقط عند تبرير الأزمة واللجوء إلى الحلول السهلة المتمثلة في الزيادة في ثمن المحروقات وغلاء باقي المواد الأساسية والاستهلاكية والتي استنزفت جيوب المواطنين وميزانيات الدول النامية.
وفي تقديري المتواضع، من بين البدائل والحلول المنطقية التي يمكن أن تساهم في التخفيف من الأزمة المعيشية للمواطن والحد من الغلاء، يمكن اقتراح ما يلي:
– تطوير مقاربة تواصلية ديمقراطية ونقاش عمومي منفتح على المجتمع، لبلورة حلول وبدائل لاتخاذ قرارات جريئة لتجاوز الأزمة المركبة بشكل متضامن ومسؤول، مع ما يتطلب ذلك من حرية للتعبير والرأي والانطلاق لبناء مغرب ممكن بكل أبنائه.
– محاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة للحفاظ على المال العام من التبذير وعدم الجمع بين السلطة والمال.
– اعتماد العدالة المجالية وإنصاف العالم القروي وحقه في التنمية من فك العزلة والماء والكهرباء ومدارس ومراكز صحية واجتماعية.
– تأميم شركة لاسامير من أجل تكرير النفط الخام والتخزين لتخفيض الكلفة وتخفيض هامش الربح للموزعين والبائعين.
– الحد من الغلاء بتسقيف أسعار المحروقات والمواد الأساسية.
– فرملة عمليات الخوصصة والاهتمام بالقطاع العام باعتباره قطاعا استراتيجيا في تحقيق التنمية لأن حتى الدول المتقدمة والليبرالية لم تستغن عن قطاعها العام لأنه رافعة التقدم وتحقيق التوازن الاجتماعي والحد من التوتر الاجتماعي.
– فرض الضريبة على الثروة وعلى الأغنياء من أجل إنعاش المالية العمومية وتمويل القطاعات الاجتماعية من تعليم وصحة وتشغيل وسكن اجتماعي.
– جعل المناصب السياسية عملا تطوعيا في الحكومة والبرلمان والمجالس لخدمة الشأن العام لإبعاد تجار السياسة تلقائيا والانفتاح على سياسيين حقيقيين فكرا وممارسة، من أجل الحد من التبذير بامتيازات وتعويضات تستنزف المال العام.
– فلاحيا وأمام الأزمة الغذاء العالمية تبين بالملموس ضرورة إعطاء الأولوية لزراعة القمح والحبوب مستقبلا لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي على المدى القريب والمتوسط والطويل، لأن القمح مادة أساسية للمغاربة كما هو الأرز بالنسبة للصينيين، وخصوصا أمام تقلب سريع في الأسواق العالمية، أصبحت معه الدول النامية مهددة بالمجاعة.
– نظرا للتغيرات المناخية والاحتباس الحراري التي يعرفها العالم، أصبح المغرب معرضا للجفاف وما يسببه من أزمات اقتصادية واجتماعية تتطلب إجراءات جريئة، من قبيل بناء سدود تلية وتحلية مياه البحر لتزويد المدن الشاطئية الكبرى والصغيرة بالماء الصالح للشرب. وفي الوقت نفسه الحفاظ على المياه الجوفية وعدم تبذيرها على زراعات وفواكه تسويقية لا تشكل أولوية لتحقيق الأمن الغذائي.
اليقين الممكن في عالم اللايقين هو توفير الإرادة الفعلية من طرف الجميع لتجاوز الأزمة العميقة والمركبة التي يجتازها المواطن المغربي والدولة والمجتمع، بشكل مسؤول ومتضامن والاجتهاد لتنزيل حلول جريئة من السلطات العليا تخفف عن المواطن غلاء العيش، وخصوصا أمام فشل الحكومة والبرلمان في تدبير الأزمة والحد من تداعياتها إلى حدود الآن.