لا يزال تصريح عمدة مدينة الرباط، أسماء غلالو، بشأن وجود 2400 “موظف شبح” في مجلس المدينة يثير الجدل ويدفع إلى مزيد من شد الحبل بين مكتب مجلس المدينة والنقابات الممثلة للشغيلة الجماعية، عبر التنسيق النقابي الخماسي لجماعة الرباط الذي يضم الاتحاد المغربي للشغل، الفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والكونفدرالية العامة للشغل.
وأدان التنسيق النقابي الخماسي، في بلاغ سابق توصلت به هسبريس، ما اعتبره “حملة غير مسؤولة وغير مبنية على معطيات حقيقية ودقيقة، داخل الجماعة وخارجها، ضد موظفي جماعة الرباط”، معتبرا أنها “تنال من سمعة الموظف الجماعي بشكل عام، وموظفي جماعة الرباط بشكل خاص”.
ونظم التنسيق النقابي ذاته، بحضور ممثلي المكاتب الإقليمية للنقابات الخمس المكونة له، ندوة صحافية، اليوم الثلاثاء، حملت شعار “التعبئة للدفاع على حقوق وكرامة الشغيلة الجماعية”، عبر خلالها المسؤولون النقابيون عن “استنكارهم وتنديديهم بالمس بسمعة الموظفين وكرامتهم والتشهير بهم في حملة شرسة، من قـبل أي جهة كانت”، قبل أن يثمنوا كل “خطوات المجلس الجهوي للحسابات ودوره الرقابي في تقييم المراقبة الداخلية للجماعة وكل المؤسسات الدستورية المخول لها البت في مثل هذه المواضيع”.
ونوه التنسيق ذاته، خلال ندوته التي حضرتها هسبريس، بـ”تضحيات الموظفين في ظل انعدام ظروف العمل الملائمة”، معتبرا ذلك “مطالب نقابية استعجالية أولية” تندرج ضمن محضر الاتفاق مع رئيسة مجلس الرباط “الذي كان موقعا قبل حديث العمدة عن الأشباح بحوالي أسبوع”، أي يوم الثلاثاء 7 يونيو الجاري، مشيرا إلى أن “محضر اجتماعهم مع غلالو تضمن في الشق الإداري والمالي من مطالب الشغيلة الجماعية بالرباط، نقطة تتعلق بالتنسيق بين الجماعة والتنسيق النقابي لمحاربة ظاهرة الموظفين الأشباح وكل أشكال الفساد الإداري والمالي وربط المسؤولية بالمحاسبة”.
وفي محاولة منها لتفنيد “مزاعم وجود موظفين أشباح بجماعة الرباط”، قدمت النقابات الخمس معطيات عن الموظفين، مع تفاصيل عن تعييناتهم أو مقرات إلحاقهم، قائلة إن عددهم 3758 موظفا، 1430 منهم يعلمون بالمصالح المركزية، فضلا عن موظفين رهن إشارة الولاية ومصالحها، في حين يشتغل الباقي بمقاطعات المدينة، رافضة بذلك ما وصفته بـ”كلام مغلوط لا أساس له من الصحة”، مؤكدة أن “رؤساء المقاطعات لم يصرحوا بأي موظف شبح، والحديث عن كثرتهم يستدعي إجراءات معينة لمراقبة الحضور”.
وجاء على لسان أحد القيادات النقابية الإقليمية المشاركة في الندوة: “نحن مع تخليق الحياة العامة وظروف العمل بالجماعة ونؤيد إجراء افتحاص من طرف المجلس الجهوي للحسابات والمفتشية العامة للجماعات الترابية إذا استدعى الأمر”، موضحا أن “رد العمدة السابق للمجلس كان واضحا، والموظف ليس الحلقة الأضعف”، قبل أن يضيف: “نشتغل في إطار الدفاع الدستوري عن الحقوق من خلال تنسيق نقابي يوحد الجهود”.
“محاربة الفساد لا يمكن أن تقتصر على جماعة الرباط فقط، بل هي شأن يهم المغاربة كلهم”، يقول الممثلون الإقليميون للنقابات الخمس، معبرين عن “خشيتهم أن يتم الإجهاز على حقوق الموظف الجماعي باسم محاربة الفساد”.
وانتقد حسن بلكردة، نقابي عن الاتحاد المغربي للشغل، ما اعتبره “سوء التدبير الإداري” في حين تظل “وسائل العمل اللائق غير متوفرة بالشكل الكافي، وهو ما يدفع الموظف إلى التضحية بحقوقه”، داعيا إلى تمكين الموظفين من “الحقوق قبل تعقبهم في مسألة الحضور والغياب”.
من جهته، عبر مكتب مجلس جماعة الرباط عن “مساندته للعمدة في جميع القرارات المتعلقة بمحاربة الفساد”، بعد اجتماعه الأسبوعي الذي ترأسته أسماء غلالو يوم الثلاثاء 14 يونيو 2022.
كما “أجمع نواب الرئيسة على مساندتهم لجميع القرارات المتخذة من طرف العمدة والمتعلقة بمحاربة الفساد الإداري والمالي، والقضاء على ظاهرة الموظفين الأشباح بالجماعة، وكذلك ربط المسؤولية بالمحاسبة”، مستحضرين أن ذلك يتم عبر “جميع الآليات القانونية والإدارية التي اتخذتها الجماعة من أجل ضمان السير العادي للخدمات المقدمة للمواطنين”، حسب ما أورده بلاغ صدر عن خلية التواصل في ديوان عمدة مدينة الرباط.
وذكّر البلاغ باجتماع غلالو خلال الأسبوع الماضي مع رؤساء المقاطعات ومديري المصالح، الذي تم خلاله الاتفاق على “تطبيق الحكامة الجيدة في تدبير الموارد البشرية داخل جماعة الرباط، ومحاربة جميع أشكال الفساد التي تحد من جودة الخدمات المقدمة لسكان العاصمة”.
وكانت عمدة الرباط قد اعترفت بـ”استفحال ظاهرة الموظفين الأشباح” على نطاق واسع في المجلس الجماعي للعاصمة، قائلة في لقاء تلفزيوني جوابا على سؤال حول عدد الموظفين الأشباح في المجلس: “قل لي كم لديك من موظف يعمل، لأنني إذا أخبرتك كم لدي من موظف شبح غتخلع”، وهو ما أثار “زوبعة نقاش عمومي” امتد صداه إلى ولاية الجهة والمجلس الجهوي للحسابات.
جدير بالتذكير أن الكتلة الأجرية المخصصة للموظفين تستنزف أزيد من 40 في المئة من الميزانية الإجمالية لمجلس مدينة الرباط، بأكثر من 400 مليون درهم، وفق أرقام سنة 2016، ما يعني أن القضاء على “الموظفين الأشباح” سيوفر للمجلس ميزانية مهمة.