نظمت رئاسة النيابة العامة لقاء وطنيا تقييميا حول تتبع تنفيذ البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء والفتيات ضحايا العنف، المنبثق عن إعلان مراكش 2020، بهدف تبادل الرأي والنقاش بين المشاركين وتبادل المعارف والخبرات والوقوف على التجارب الحسنة، والتوافق على الحلول الأنجع للصعوبات والإكراهات المرصودة في تفعيل البروتوكول، واقتراح توصيات وخطة عمل فعالة ستكون موضوع تتبع من قبل القيادات المركزية المشاركة في اللقاء.
وفي هذا السياق قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة، إن رئاسة النيابة العامة أعدت مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، وثيقة مشتركة عبارة عن استمارة تقييم مكونة من مجموعة من الأسئلة موجهة إلى مقدمي الخدمات لدى القطاعات الثلاثة، وذلك بغاية تقييم أدائها وجودة تدخلاتها لتنزيل أمثل للالتزامات المترتبة عن البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء والفتيات ضحايا العنف.
واستجابة لأهداف إعلان مراكش 2020، المتمثلة في الحد من الهشاشة، لاسيما في صفوف النساء والفتيات، والقضاء على العنف ضدهن ومكافحة زواج القاصر، وتوفير أفضل الفرص لتمكين المرأة والفتاة والاستجابة لاحتياجاتهن في ظروف تكفل احترام خصوصيات أوضاعهن وتحفظ كرامتهن، وانسجاما مع مقتضيات البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء ضحايا العنف، أكد الداكي أن احتفالات اليوم العالمي للمرأة شهدت هذه السنة إحداث ميثاق معيار لجودة الخدمات خاص بإعلان مراكش، وهو عبارة عن حزمة من المعايير العامة والخاصة، غايتها ضمان مستوى جيد من الخدمة من قبل مقدمي الخدمات لفائدة النساء ضحايا العنف وأطفالهن، لاسيما من قبل جمعيات المجتمع المدني المعتمدة من قبل الإعلان لتدبير وتسيير مبادراته، خاصة مراكز ومؤسسات الإيواء؛ وهو ميثاق سيكون مكملا لأهداف البروتوكول الترابي.
كما قال المسؤول ذاته إن كلا من الميثاق واستمارة التقييم وثيقتان ستشكلان آلية لقياس تطور تنفيذ البروتوكول الترابي، كما أنهما أرضية سانحة لفتح النقاش واسعا حول خدمات التكفل بالنساء والفتيات ضحايا العنف، وطرح السؤال في شموليته حول توفير الخدمات وجودتها ونجاعتها.
خدمات للنساء ضحايا العنف
أشارت عواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، في تصريح لهسبريس، إلى أن الوزارة وفرت 44 مركزا لإيواء النساء ضحايا العنف في إطار اتفاقية شراكة مع الجمعيات، لتوفير خدمات للنساء ضحايا العنف؛ كما تم خلق علامة الجودة بالنسبة للمراكز التي تتوفر فيها جميع الشروط مع تنسيقية إعلان مراكش، فيما يبلغ عدد المراكز التي دخلت ضمن شروط هذه العلامة 16، موزعة على جهات الرباط سلا القنيطرة، الدار البيضاء سطات، مراكش آسفي، طنجة تطوان الحسيمة.
وأضافت الوزيرة أنه سيتم خلق خلايا لمواكبة المعنِّفِين أيضا، متابعة بأن القضاء على العنف يستلزم أيضا مواكبة الشخص المعنف، خاصة إذا كان زوجا أو فردا من أفراد الأسرة، ومعالجة المشاكل المؤدية إلى الأمر، سواء كانت نفسية أو اقتصادية.
وأردفت المسؤولة ذاتها بأن الوزارة خلقت حاضنة اجتماعية بمراكز التكفل بالنساء ضحايا العنف، في إطار برنامج “جسر”، وذلك لمواكبة النساء في الإدماج الاجتماعي والاقتصادي.
من جهته أكد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أن الولوج إلى العدالة من الحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين، مبرزا أنه من أجل تسهيل ولوج المرأة لممارسة حقها في التقاضي، وتدعيما للبعد الحمائي الذي خص به التشريع المغربي الفئات الخاصة، قامت الوزارة بتأهيل خدمة المساعدة الاجتماعية لكي تلعب دورا أساسيا في تعزيز وتيسير ولوج المرأة للعدالة، وجعل خدمات منظومة العدالة في خدمة قضايا المرأة.
وفي هذا الصدد قامت الوزارة على مستوى مشروع القانون رقم 15. 38 المتعلق بالتنظيم القضائي، الذي وصل إلى المراحل الأخيرة من المصادقة عليه نهائيا، بإحداث مكاتب المساعدة الاجتماعية كسابقة في مجال تقديم الخدمات من طرف العدالة؛ إذ تنص المادة 50 منه على أن المساعدين الاجتماعيين المنتمين إلى هيئة كتابة الضبط بمكاتب المساعدة الاجتماعية، بكل من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، يمارسون بتكليف من الجهات القضائية المختصة مهام القيام بالاستقبال والاستماع والتوجيه وإجراء الأبحاث الاجتماعية، وممارسة الوساطة أو الصلح في النزاعات المعروضة على القضاء، والقيام بزيارات تفقدية لأماكن الإيداع والإيواء، وتتبع تنفيذ العقوبات والتدابير القضائية، وتتبع وضعية ضحايا الجرائم، وتتبع النساء ضحايا العنف؛ وكلها مهام تتطلب المهنية والاحترافية والتكوين اللازم، مع ضرورة التنسيق مع جميع الفاعلين المؤسساتيين وجمعيات المجتمع المدني.
وأفاد وهبي بأن الوزارة قامت بتوظيف 100 مساعد ومساعدة اجتماعيين، انضافوا إلى 312 مساعدا ومساعدة، مضيفا أنه تم الحرص في هذه العملية على التمثيلية المجالية، حيث تم تنظيم المباراة على الصعيد الجهوي، وتم اشتراط إتقان اللغة الأمازيغية حسب كل منطقة (تاريفيت، تشلحيث، الحسانية…)؛ وقبل الشروع في مهامهم في المحاكم، تم توفير تكوين شامل للمعنيين يدمج بين النظري والعملي، إذ سيخضعون لتدريبات لمدة ثلاثة أشهر من تأطير خبراء ومتمرسين تتخللها تدريبات ميدانية داخل المحاكم.
ولجعل الخدمات الموجهة إلى النساء أكثر قربا وتلبية للحاجات، وحتى تغدو محاربة العنف أولوية وغاية تتحقق على امتداد التراب الوطني، ولا تكون ممركزة فقط في المركز، عملت الوزارة على إحداث أزيد من 33 محكمة قرب خاصة بالمناطق القروية والجبلية لدعم ولوج المرأة؛ هذا إضافة إلى التغطية الشمولية لجميع جهات المملكة بـ 85 محكمة ابتدائية و23 محكمة استئناف.
وحضر اللقاء مسؤولون قضائيون في النيابات العامة، وممثلوهم في خلايا التكفل بالنساء والأطفال، والمسؤولون مركزيا وترابيا عن الوحدات الطبية المندمجة للتكفل بالنساء والأطفال؛ فضلا عن المسؤولين المركزيين والترابيين المعنيين لدى الأمن الوطني والدرك الملكي، وممثلين لمراكز الإيواء المخصصة للنساء ضحايا العنف.
ويتدارس هذا اللقاء سبل تجويد الإجراءات القضائية وملاءمتها لخصوصية جرائم العنف ضد النساء، وتحسين ولوج النساء الضحايا إلى الخدمات الأمنية والقضائية، وتبسيط الإجراءات، وكذا تعزيز دور مختلف المتدخلين في تفعيل الحماية لفائدة النساء الضحايا، وتوفير الإمكانيات الضرورية لتجويد الخدمات وتحقيق تكفل ناجع بهن.
كما سيتم إطلاق فيلم وثائقي حول أدوار ومجهودات القطاعات الموقعة على البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء والفتيات ضحايا العنف، المنجز من طرف رئاسة النيابة العامة بدعم من منظمة الأمم المتحدة للمرأة ONUFEMMES.