شوارع شبه فارغة إلا من بعض السيارات المركونة على جوانبها، وبعض الأشخاص الذين تفرض ظروفهم المعيشية والمادية التحرك بها ذهاباً وإياباً لكسب بعض الدريهمات، سواء عبر بيع السجائر بالتقسيط أو مسح الأحذية أو حراسة السيارات. وباستثناء هذه الفئة يحتمي آخرون من حرّ الجو داخل بيوتهم، باختيارهم أو مرغمين، فيما تختلف وجهات البقية من الساكنة والوافدين على المدينة، كالجالية المقيمة بالخارج.
شارع محمد الخامس، الشارع الرئيسي وسط مدينة وجدة، لا تبدو حركيته كحالته في الأيام العادية من الأسبوع؛ والمقاهي المصطفة على طوله هي الأخرى لم تستقبل اليوم الأحد إلا عددا قليلا من الزبائن مقارنة بباقي أيام الأسبوع، حسب ما عاينته جريدة هسبريس، وأكده أَيضا نادل بواحدة من أقدم وأشهر مقاهي المدينة.
“الذي يتوفّر على الإمكانيات ليس عليه أن يبقى في وجدة اليوم”، يقول النادل ذاته قبل أن يستطرد: “المقهى مكيّف لكن الزبون لا يحب أن يبقى طول النهار جالساً في المقهى، والبعض يشعر بالإحراج كذلك.. المقهى ليس مكاناً للترفيه عن النفس خلال يوم الأحد على أي حال. والوجديون يقصدون الشواطئ القريبة، وكما قلت من يتوفّر على الإمكانيات فعليه أن يقصد أماكن الاصطياف”.
ويختار الكثيرون التوجّه إلى بعض المناطق المخصّصة للاستجمام، لاسيما تلك القريبة من المدينة، سواء تعلّق الأمر بالشواطئ، كالسعيدية ورأس الماء، أو المسابح التي تؤثث جزء مهماً من الطريق المؤدية إلى المعبر الحدودي “زوج بغال”، الفاصل بين المغرب والجزائر، وأخرى تتوسّط الفنادق المصنّفة داخل المدينة.
وبالفعل، تجمع التصريحات التي استقتها هسبريس خلال جولتها بالمدينة على لعب الإمكانيات المادية دوراً أساسياً في اختيار وجهة الأفراد والأسر الراغبة في الاستجمام خلال يوم الأحد. ورغم بروز المسابح المذكورة كخيار أفضل بالنسبة للكثيرين، نظرا لقربها مسافة وتوفيرها ظروفا ممتازة للاستجمام، إلا أن أثمان ولوجها تبقى عائقاً أمام نسبة كبيرة من الأسر، إذ تتراوح بين 70 و150 درهماً للفرد الواحد، وتشمل السباحة فقط، مع عدم إمكانية إحضار أي نوع من الأطعمة أو المشروبات.
أما بالنسبة للشواطئ، فيمثّل شاطئ السعيدية (حوالي 63 كيلومترا عن مدينة وجدة) أحد أبرز وجهات الوجديين، حتى دون توفّرهم على وسيلة نقل، إذ يوفّر خط وجدة-السعيدية عبر سيارات الأجرة (الصنف الأول) رحلات على مدار الساعة تمتد إلى غاية ساعات متأخرة من الليل، غير أن تسعيرة هذه الرحلة، وفق المعطيات المتوفرة لدى الجريدة، طالتها هي الأخرى الزيادة منذ أشهر بخمسة دراهم للفرد الواحد (35 درهماً عوض 30)، وذلك بعد أن شهدت سوق المحروقات ارتفاعا في الأسعار، رغم تخصيص الحكومة المغربية دعما مباشرا خاصا بمهنيي النقل.
وكان ارتفاع درجة الحرارة الذي عرفته مدينة وجدة، على غرار عدد من مدن المغرب خلال الشهر الحالي، أعاد الدعوات إلى إعادة فتح المسبح البلدي المغلق منذ سنة 2019، والذي ظل، على مدى عقود، المتنفس الوحيد لجزء كبير من الوجديين.
ومن شأن فتح هذا المسبح البلدي الوحيد بعاصمة جهة الشرق، الذي يعيش حالة مزرية وسط أبواب حديدية موصدة، التقليل من عبء الكثير من الأسر ضعيفة الدخل، التي لا تقوى على حجز مكان لها في المسابح سالفة الذكر؛ غير أن هذا يبقى “حلماً بعيد المنال” في ظل الشقوق الكبيرة التي يعرفها والإصلاحات الواسعة التي يحتاج إليها، وفق ما أكده محمد بنداود، نائب كاتب مجلس جماعة وجدة، في تصريح سابق لهسبريس.
وتعرف مدينة وجدة في فصل الصيف ارتفاعا ملحوظا في درجة الحرارة، إذ سجلت خلال الأسبوعين الأخيرين من يوليوز الجاري أرقاما تتراوح بين 37 و42.1 درجة.