كشفت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، صورا التقطها منظار جيمس ويب بدقة عالية لمجرات وسديم وكوكب خارج المجموعة الشمسية، وتبين دورة حياة النجوم؛ ما جعل البشرية تكوّن نظرة عن الكون الذي يشكل مجال تفكير الفيزيائيين والفلكيين، وأعاد إلى حقل النقاش نظرية الانفجار العظيم قبل أكثر من 13 مليار سنة.
وبهذه المناسبة، أجرت هسبريس دردشة قصيرة مع زهير بن خلدون، مدير المرصد الفلكي أوكايمدن التابع لجامعة القاضي عياض.
وسجل الأستاذ الجامعي أن هذا المنظار سيساعد في الوصول إلى مجرات بعيدة بأكثر من 13.6 مليارات سنة ضوئية؛ ما يعني القدرة على رؤية أبعد مجرة.
كيف يمكن تبسيط الصور التي التقطها منظار جيمس ويب والتي تكرس بداية حقبة جديدة في علم الفلك انتظرها العلماء سنوات طويلة؟
بداية، يجب القول بأن معرفة عمق السماء فرضت توجيه منظار جيمس ويب إلى مجال وفّر حوله منظار “هابل” (سمي باسم الفلكي ادوين هابل Edwin Hubble)، الذي أطلق إلى الفضاء في أبريل من عام 1990 لالتقاط صور شديدة الوضوح لأجرام السماء، صورا لمقارنتها بصور المنظار الثاني.
وبالفعل، بينت الصور بطريقة واضحة مجرات لم يكن ممكنا الوصول إليها بـ”التلسكوب” الأول. والتحاليل الأولية تبين أننا يمكن أن نصل إلى ظواهر كونية بعيدة عنا بأكثر من 13.6 مليارات سنة ضوئية. وهذا يعنى أننا على مقربة من وقت حدوث الانفجار العظيم (13.8 مليارات سنة ضوئية)، وفهم كيفية تكون الكون ومستقبله، كتحدّ يواجه اليوم علماء الفيزياء بصفة عامة والفلك بصفة خاصة.
بأي معنى يمكن فهم باقة الصور التي قدمها منظار جيمس ويب؟
ولأن الصور التي قدمها منظار جيمس ويب كانت بالألوان، فقد أدركنا أن المجرات لها ألوان متعددة، وهذا معطى علمي مهم؛ لأن هذه المعلومة ستساعدنا على تحليل تكوينها وبعدها وشكلها. وبعض الصور ستمكننا من فهم لحظة تكون النجوم والكواكب وموتها بشكل دقيق. وزودنا المنظار بصورة أخرى أكثر أهمية تشير إلى 5 مجرات متقاربة. وهذا يوضح أن هناك جاذبية بينها، وإمكانية الاصطدام. ومن باقة الصور واحدة تم التقاطها بتحليل الأطياف، أظهرت كوكبا خارج النظام الشمسي، وهذا سيساعد على دراسة غلافه الجوي، وهذه من مزايا هذا “التلسكوب”.
ولأننا راكمنا معطيات مهمة عن المجموعة الشمسية، فإننا بحاجة ماسة إلى معرفة حول الكواكب التي توجد خارج النظام الشمسي، وهذا يدخل ضمن مشروع البحث عن فضاء يمكن أن يعيش فيه الإنسان، بعدما ثبت أن الأرض هي المجال الوحيد الذي يتوفر على شروط الحياة، والأغلفة الجوية لهذه الكواكب ستساعد في معرفة ما إذا كانت تتوفر على مؤشرات الحياة، كالأوكسجين، وثاني أوكسيد الكاربون وغيرها؛ وهذه نتيجة باهرة لمنظار “جيمس ويب” الذي سيقدم لنا الكثير من المعطيات للجواب عن سؤال الحياة بفضاء آخر، وقد ظهرت بعض تباشير ذلك.
تجدد النقاش العلمي الديني بعد هذا الاكتشاف العلمي، الذي يعرض صورا للكون لحظات بعد “الانفجار العظيم”.. فهل يعتبر دليلا على وجود الله كخالق للكون؟
من جهة أولى، علماء الفيزياء والفلك هم ليسوا متخصصين في العلوم الشرعية، ومن جهة ثانية هذا النقاش غير مقبول؛ لأن النظريات العلمية تتأسس على الخطأ، والدين ينبني على اليقين.
وهنا سيقع الذين يفسرون التطور العلمي بالرجوع إلى القرآن كنص له وجوده وقوته في خطأ جسيم، لأن تاريخ العلم تاريخ أخطاء والنظريات تتغير والتفسير العلمي لا يملك صفة الكمال؛ فقد انتقلنا من نيكولاس كوبرنيكوس إلى إسحاق نيوتن وألبرت أينشتاين، مرورا بغاليليو غاليلي.